كانت بداية الفتح الإبداعي رسالة مناشدة ومطالبة متكررة وملحة على موقع (المركز الفلسطيني للإعلام) من قبل مواطن عربي مسلم فرد يحمل هم الأمة العربية والإسلامية، وله رؤية مستقبلية مؤسسة على التوكل على الله القوي العزيز ومبنية على القراءة الصحيحة الواعية لتدافع أحداث ومكونات التاريخ وعلى الثقة بقدرات هذه الأمة وعلى عيون قناصة للفرص المتاحة.

 

فكان الاقتحام الأول على أيدي حرائر حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وتلتها التفجيرات التي أسقطت الأسوار وقطعت الأسلاك وفتحت المنافذ وتردد صداها فأيقظ بعض النائمين واللاهين والكسالى والمتخاذلين والغارقين في أوحال أحلام السلام المزعوم. 

لقد صدق المجاهد ( خالد مشعل ) عندما صرح بأن: (اقتحام المعبر هو تحرك شعبي وليس تنظيمي) وقد زاد من قوة الآمال مواصلة الحركة الإسلامية والحكومة الفلسطينية في غزة هذا الاتجاه الإبداعي والبناء عليه بما يخدم أهداف الأمة. إن فتح معبر رفح حركة إبداعية لها دروس منها:

الدرس الأول: إن توالي أشهر الحصار الظالم لأهل غزة وما سببه من مآسي وآلام ومعاناة وما خلفه من ضحايا لم تضع حدا له المناشدات والتوسلات والتظلمات، ولم توقف ما استهدفه الحصار من إذلال وكسر إرادة وزرع اليأس وسحق وطحن للمرابطين في غزة  الاجتماعات و القرارات والبيانات، بل أسقط هذا الحصار التحرك الشعبي الميداني المبادر.

الدرس الثاني: إن النمطية في الأفعال وفي ردود الأفعال تقتل كل احتمالات التقدم والتطور وتذهب بكل فرص التغيير وإقامة الحق وتجعل خطط الأعداء في مأمن وتيسر لهم تحقيق ما يسعون له من غايات.

إن عنصر المفاجأة في الحروب والصراعات توارثته مختلف الحضارات والأمم ومازال له الفضل الأكبر في تحقيق الانتصارات. وكذلك فإن إرباك العدو باتخاذ ما لا يتوقعه من أساليب وما لم يعهده من وسائل، هو تعويق وتخريب و إفشال لما يسعى إليه هذا العدو ويرجوه.  

لقد شهد العالم مؤخرا واقعتين في إطار أهمية و جدوى تخطي النمطية المهلكة:  الأولى في مقتل (بنظير بوتو)،والثانية فتح معبر رفح.           

الدرس الثالث :إن من يضع لنفسه قواعد وأصول للتحرك نابعة من قدراته الذاتية و من أجل مصالحه وغاياته، دون تبعية وعمالة ومهادنة يختصر أشواط الطريق إلى النصر ويختزل الكثير من متطلبات السعي و الجهد 

لقد أعاد فتح المعبر قنوات الاتصال الفعلي مع الحكومة الفلسطينية في غزة بعد أن تقطعت السبل و سدت الأبواب ،  ووسع من نطاقات شعبيتها و تأييدها ومساندتها، وحرك مشاعر المناصرة في شتى أنحاء العالم وأنهى الصمت والسكوت العالميين تجاه العدوان الصهيوني وزاد من فضح مواقف الإدارة الأمريكية المتواطئة مع هذا العدوان، وزاد من تورط الحكام العملاء و اتساع وتعميق الهوة التي أوجدوها بينهم وبين شعوبهم.      

الدرس الرابع: أكد تفجر مشاعر التأييد والدعم التي تحملها الشعوب العربية والإسلامية للمحاصرين في غزة مقدار وقيمة هذا المخزون من القوة الشعبية القادرة على تحريك عجلة التغيير والتطوير لحال الأمة. ومن جهة أخرى علينا أن ننظر بجدية ووعي إلى ما حققه فتح معبر رفح من حشد الولاء الشعبي العربي والإسلامي العارم الهادر للحركة الإسلامية و الحكومة الفلسطينية في غزة من خلال الفعل و تسطير النموذج والإقدام والمبادرة.  ويجدر بالحركات الإسلامية المحافظة على هذه الإضافة من الولاء الشعبي وتنميتها.

الدرس الخامس: قدم تفجر المشاعر الشعبية المؤيدة والداعمة للقضية الفلسطينية الدليل الجلي على  إمكانية التأثير الحقيقي للشعوب على حكامها متى ما تحركت وفي حسابها الاستعداد لتقديم التضحيات اللازمة، ومتى ما أقدمت القيادات الشعبية على الرقي إلى مستوى المسؤولية المرتبطة والمتلازمة مع ضرورة تخطي خطوط الحرص على المصالح الصغرى الحالية، ومتى ما تجمعت القوى الشعبية حول درجة دنيا من الاتفاق والتعاون.           

إن القدر الأدنى من الوعي بهذه الدروس ومن الإحساس بالمسؤولية تدفع إلى الحفاظ على وتيرة التحريك الشعبي وتصعيده لتحقيق الأهداف العليا لحركة فتح المعبر وإلغاء الحصار الظالم.

إنها من الخطوات المصيرية التاريخية، فمن يخطوها؟ 

الخميس 23 محرم 1429 هـ31 يناير 2008 م 

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية