للاستماع إلى هذه المقالة بصوت الكاتب:

{play}/audio/Nashiri_Osama_Ikhtilaat.mp3{/play}
{enclose Nashiri_Osama_Ikhtilaat.mp3}

خلال مناقشة مقترح نواب التحالف الليبرالي الرامي إلى إعادة فرض الاختلاط بين الجنسين في الجامعات الحكومية والأهلية، قام البعض بتزوير وتسطيح الكثير من الحقائق، وهي أغلاط فادحة لا يمكن المرور عليها مرور الكرام، ومنها ما يلي:

 

المغالطة الأولى- يزعمون أن الاقتراح يستهدف إعادة الوضع لما كان عليه، وأنه يعيد التعليم الكويتي لحاله السابق الذي كان فيه مشتركًا ما بين الذكور والإناث، وأن الفصل بينهما أمر طارئ على المجتمع وتعليم أبنائه الجامعي.

 

والحقيقة: أن جامعة الكويت أسست عام 1966 كجامعة غير مختلطة، وفرض الاختلاط على طلبتها عام 1974 بسبب تعاقب وزراء تعليم عالي ومدراء جامعة من العلمانيين، وأدى ذلك لانطلاق الجولة الأولى من معركة فرض الاختلاط في التعليم، فقوانين فصل الاختلاط المقرة حاليًا تعيد الحال إلى ما كان عليه عند تأسيس الجامعة وليس العكس.

 

وهو ما عبر عنه النائب السابق السيد يوسف الرفاعي بقوله: (الشعب يريد العلم ولكن الحكومة بفرض الاختلاط تساومه وتحد من إرادته، وكأنها تقول خذوا العلم مع الاختلاط، والشعب يريده صفاءً بلا كدر، وتريده الحكومة والمشرفون على الجامعة ملوثًا، نريده جدًا ويريدونه هزلاً ولهوًا ولعبًا) جلسة 22/6/1974.

 

المغالطة الثانية- يدعون بأن التعليم المشترك يوفر جوًا بريئـًا يهذب نفوس الشباب والفتيات، وأنه يحقق أهداف تربوية وتعليمية سامية، ولا يوردون دليلاً على ذلك سوى أقوالهم المدعومة بآلتهم الإعلامية.

 

والحقيقة: أن النظريات التربوية والتعليمية الحديثة تؤكد أن فصل الاختلاط يشجع الشباب على التحصيل الدراسي دون تشتت، وأنه يعزز فرص ظهور الفتاة القيادية التي تبني نفسها دون انشغال بجذب انتباه الجنس الآخر أو قلق من الخطأ أمامه، وأنه يسمح بصياغة المناهج التعليمية بشكل يناسب استعدادات وخصائص كل جنس على حدة.

 

وهيلاري كلينتون – مرشحة انتخابات الرئاسة الأمريكية - ونسبة كثيرة من عضوات الكونغرس هن خريجات مدارس ثانوية غير مختلطة، كما أن الإدارة الأمريكية الحالية تمنح دعمًا ماليًا إضافيًا للمدارس والجامعات التي تفصل بين الجنسين في مقاعد الدراسة.

 

وإن التعليم الجامعي في المملكة العربية السعودية على سبيل المثال غير مختلط، ولم يزعم أحد بأن خريجي الجارة المسلمة الشقيقة ضعاف المستوى، بل إنهم في التخصصات العلمية الدقيقة يفوقون خريجينا كفاءة ودراية.

 

ويجب أن أشير إلى أن الصراع بين الخير والشر وبين الفضيلة والرذيلة بدأ مع خلق سيدنا آدم عليه السلام، ولا أزعم أن (كل) المعسكر الآخر هم من الأشرار أو الأراذل، ولكنهم بلا شك مخدوعين، قال الله عز وجل: {وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون، ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون}، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.

 

تطرقت إلى أن الاختلاط طارئ على التعليم الكويتي، وأن الأصل فيه سواء بنشأته القديمة أو الحديثة هو الفصل بين الجنسين، مراعاة لخصوصية كل منهما وتحقيقًا لأهداف تربوية وتعليمية عديدة، كما بينت أن خطأ الزعم بوجود فوائد نفسية للاختلاط بين الجنسين في التعليم، وأتابع هنا الرد على مغالطتين أخريتين من مغالطات الراغبين بفرض الاختلاط على التعليم في دولة الكويت:

 

المغالطة الثالثة- يرددون بأن فصل المباني الجامعية يكلف الدولة أموالاً طائلة، وأن ميزانية الدولة لا تستطيع أن تتحمل مثل هذه التكلفة المرتفعة.

 

والحقيقة: أن دولة مثل الكويت ما زالت قادرة على الإنفاق بفضل الله ثم الإيرادات النفطية الضخمة، وإن لم تصرف الدولة أموالها على تحقيق نظامها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي العام، فعلي أي الأمور ستنفق؟

 

وإن فصل المباني الجامعية لا يكلف مثلما يتم الزعم، حيث أن تكلفة بناء مبنى واحد بسعة عشرين ألف طالب وطالبة، تكاد يتقارب مع تكلفة بناء مبنيين بسعة عشرة آلاف طالب لكل منهما، مع ما يوفره الفصل من تخفيف للضغط على المرافق العامة المشتركة مثل المكتبات والمختبرات.

 

المغالطة الرابعة- يقولون أن فصل الاختلاط أدى لمشاكل في تسجيل مواد الطلاب والطالبات، حيث لم يبق عدد كافي من المواد أمام الطلاب، لكون الطالبات يشكلون 75% من العدد الإجمالي.

 

والحقيقة: أن هذا استخفاف بالعقول، حيث أن فتح 4 شعب دراسية مختلطة، يعادل في التأثير فتح 3 شعب للطالبات وشعبة للطلاب، وكل ما في الأمر هو سوء إدارة أو سوء نية لدى المسؤولين الجامعيين، مما يسبب مشاكل بالشعب الدراسية وتلقى تبعتها على شماعة فصل الاختلاط.

 

حاليًا تقل الاختيارات أمام الطلاب والطالبات بسبب تزاحم الجنسين معًا على فصول واحدة، وعند الفصل ستقل الاختيارات أيضًا ولكن بسبب تقاسم الشعب بينهما، فالأمر طبيعي ويمكن تجاوزه بتحسين الأداء والنوايا لدى المسؤولين.

 

إن الإسلام هو الحل الوحيد الصالح للإنسان، لكونه المنهج الذي أنزله الخالق للمخلوقين، فلا يصح المساومة عليه أو النكوص عنه، حتى وإن قبلت فئة على نفسها بذلك، فإن على المسلمين إنكار ذلك عليهم، مصداقًا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:

 

(مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أسفلها وأصاب بعضهم أعلاها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذ من فوقنا، فلو تركوهم وما أرادوا لهلكوا وهلكوا جميعًا، ولو أخذوا على أيديهم لنجوا ونجوا جميعًا).

 

وبالطبع فإن الديمقراطية التي ارتضيناها هي وسيلة الترك أو الأخذ في الشؤون العامة المختلفة، ولكن السؤال هنا هل سيرضى (المتدمقرطون) بنتائج الأغلبية البرلمانية والشعبية؟ أم أنهم سيكررون اتهاماتهم بالغوغائية والرجعية لكل من يخالفهم؟ ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.

 

أواصل الرد على أغلاط العلمانيين الذين يؤيدون فرض الاختلاط بين الجنسين في تعليم شباب وفتيات الأمة، لكونه يوفر – حسبما يأملون – البيئة المناسبة لانتشار أفكارهم المستوردة، والتي كانت شيوعية وقومية في الستينات ما بعدها، ورأسمالية وليبرالية في التسعينات وما بعدها، وهي في الحالتين مرفوضة ومفضوحة من الشعب الكويتي المسلم.

 

المغالطة الخامسة- يكررون بأن هناك فتاوى شرعية تؤيد الاختلاط بين الجنسين في التعليم، وبالتالي لا يجوز التحجج برفض تعاليم الدين الإسلامي للاختلاط، فالفتاوى تسانده كما أن التطبيق العملي في مناسك الحج وغيرها فيه اختلاط..

 

والحقيقة: أن (كل) الفتاوى الشرعية والتطبيقات العملية التي أجازت الاختلاط بين الجنسين، قد اشترطت ارتداء الزي الإسلامي أو المحتشم على الأقل من الجنسين،  فهل يقبل العلمانيون يا ترى بفرض ضوابط للباس على الداخلين والداخلات للجامعات؟ أم أنهم يجتزؤون حتى من الفتاوى الشرعية المؤيدة لمواقفهم ما يناسب أهواءهم المريضة!

 

من الطريف حقًا – وشر البلية ما يضحك – أن العلمانيين في قضايا حقوق المرأة السياسية واستجواب وزيرة التعليم واقتراح فرض الاختلاط وغيرها ، اضطروا لاستخدام خطاب إسلامي واضح، في اعتراف واضح بإسلامية الدولة ومواطنيها، والحمد لله رب العالمين.

 

المغالطة السادسة- فصل الاختلاط في الجامعات الخاصة يخالف مادة الحرية الشخصية بالدستور الكويتي.

 

والحقيقة: أن الحريات الخاصة والعامة في دستور دولة الكويت الصادر عام 1962 مقيدة بالنظام العام، ونعني به الأسس الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تقوم عليها الدولة، والتي يشكل الإسلام مكونها الرئيس بحسب نص المادة الثانية من ذات الدستور التي قررت أن (دين الدولة الإسلام)، كما أن المادة 49 قد قررت أن (مراعاة النظام العام واحترام الآداب العامة واجب على جميع سكان الكويت).

 

بل إن المادة 40 التي تكلمت عن التعليم قد قررت وجود تلك الحدود فنصت على أن (التعليم حق للكويتيين، تكفله الدولة وفقًا للقانون وفي حدود النظام العام والآداب)، فنص الدستور صراحة في هذا المقام على تحديد الحريات والحقوق الدستورية بالقوانين والنظام والآداب العامة، رغم كون معلومة بالضرورة ومنصوص عليها في مواد دستورية أخرى.

 

وإن مواد الدستور يفسر بعضها بعضها في إطار النظام العام لدولة الكويت، فلا يصح ارتكاب أغلاط التزوير والتسطيح في قراءته، فهي محاولة لخداع الضمير الداخلي قبل أن تكون جريمة لتضليل الرأي العام.

 

في الختام فإن كل مغالطات العلمانيين الراغبين بفرض الاختلاط مردود عليها، ولكنهم يجيدون استخدام الأساليب الملتوية، وما تنقلهم من المعسكرات الشرقية إلى المعسكر الغربي إلا صورة من صور ذلك التلوُّن، الذي علينا الانتباه له والحذر منه، وقد قال الله عز وجل: {يخادعون الله والذين آمنوا، وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون}، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية