جاءت الرؤية المنشورة في "الحركة" والمؤرخة بالثاني من جمادى الآخرة 1426 هجرية الموافق السابع عشر من يونيو 2007 ميلادية بعنوان "تحرير غزة: خطوة نحو تحرير كامل فلسطين".
وعند إعادة النظر والتبصر في هذه الرؤية تزداد مشاعر التفاؤل وتقوى الآمال في نفوس المحبين للحق والعدل والسلام، والساعين لنهضة الأمة وحريتها و استقلالها.
خاصة إذا حسبنا أنه قد مضى ما يزيد عن ثمانية أشهر منذ ذلك التاريخ وهو زمن في ميزان عالم السياسة هذه الأيام طويل ، و خاصة عند تبين ما سخره أعداء الأمة من أموال وسلاح وعتاد ومرتزقة وآليات إعلامية محلية وعربية وعالمية ومنظومات دبلوماسية وأشكال عديدة من الحصار والعزلة وسلسلة متواصلة من الاعتداءات والاغتيالات والتدمير والتجويع من أجل إفشال حكومة حماس المنتخبة ولإثارة العقبات والمعوقات أمام هذه الحكومة الشرعية لثنيها عن تحقيق أهدافها ومشاريعها من أجل حماية الحقوق الفلسطينية وخدمة المواطن الفلسطيني.
لقد نجح أعداء الأمة في تفجير الصدام المسلح بين "حماس" و"فتح" واهمين بأنه السبيل للقضاء على الحركة الإسلامية ومشروعها في غزة والطريق إلى إلغاء خيار المقاومة المشروعة للاحتلال و العدوان.
وكانت نتيجة هذا التفجير تحرك "حماس" بعد صبر طويل لوأد الفتنة ووضع حد نهائي للفوضى الأمنية ووقف اعتداءات عصابات الفئة العميلة من فتح على الجامعات والمساجد والمؤسسات الخيرية و الإسلامية والقيادات السياسية والشرعية والاقتصادية الإسلامية وقيادات المقاومة وأبطالها . وكان الخيار الأخير لحركة "حماس" هو الدفاع عن النفس في وجه جبهة أميركية صهيونية واجهتها الميدانية فئة فلسطينية عميلة من حركة "فتح".
إن الثمار الطيبة لوأد الفتنة في غزة مازالت تتوالى ولم تنقطع عن الشعب الفلسطيني والأمة جمعاء.
أولا: إن الترددات الناتجة عن تصفية القوة المسلحة للفئة العميلة من "فتح" بالرغم مما وظفه الكيان الصهيوني وأمريكا والأردن ومصر لهذه الفئة من دعم متواصل كبير تمثل في التدريب والتنظيم والتسليح والتوجيه ، مازالت تؤثر في التنظيمات المسلحة التابعة لتنظيم "فتح" والسلطة العميلة.
فقد تبع هروب القيادات والعناصر العسكرية العميلة من غزة إلى مصر والأردن والضفة الغربية المحتلة، المباشرة في التحقيقات الأمنية من قبل السلطة عن أسباب الانهيار المسلح لفتح في غزة وتلتها المحاكمات السرية وتم فتح ملفات فضائح الفئة المهزومة من قبل خصومهم داخل فتح، واليوم تعيد السلطة العميلة خريطة تركيبتها المسلحة بناء على التوجيهات الأمريكية بهذا الخصوص من أجل تصفية كافة العناصر التي تعتقد أنها ذات حس وطني -أو ما تبقى منه- وهو ما سيزيد من عزلة السلطة العميلة شعبيا ويعمق من الانقسامات في حركة فتح ويحكم محاصرتها للتيار الصهيوني في داخلها.
ثانيا: تحرير غالبية المنتمين لحركة "فتح" في غزة من إرهاب وسطوة الفئة العميلة المتورطة في المشروع الصهيوني ، وقيام جناح سياسي مسلح من حركة "فتح" متحرر من سياسات السلطة العميلة في "رام الله".
ثالثا: مواصلة تثبيت الأمن والاستقرار والسلام للمواطنين في غزة بعدما عاثت الفئة العميلة فسادا واسعا من خلال الاغتيالات والسرقات و الاتوات والتهريب والمتاجرة بالمخدرات والخمور.
رابعا: بدء الكشف عن المستندات والوثائق والمعلومات التي تفضح دور الفئة العميلة من "فتح" ومؤسساتها الأمنية في التعاون مع العدو الصهيوني وتسهيل مهامه في اعتقال واغتيال رجال المقاومة والتي أيدها مؤخرا الكشف الصحفي عن التورط الأمريكي الرسمي المباشر في التحريض والدعم لمحاولات الفئة العميلة من فتح في غزة للقضاء على حماس بقوة السلاح والذي بدأ بعد يوم واحد من تحقق الانتصار الانتخابي لحركة حماس.
خامسا: استمرار ثبات والتزام حكومة " حماس " الشرعية في غزة بعقيدتها الفكرية والسياسية ورؤيتها بشأن القضية الفلسطينية المبنية على حق وشرعية المقاومة التي تسعى السلطة الفلسطينية العميلة وبعض الدول العربية والكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية وأعوانها من دول أوروبية لدفعها للتخلي عنها.
سادسا: انفضاح مواقف تنظيمات فلسطينية ، و حكومات عربية تجاه حركة "حماس" و القضية الفلسطينية ككل ، بحيث اكتمل الفرز الواضح لكل منها مما يسهل التعامل المستقبلي معها فلسطينيا ، وشعبيا عربيا .
سابعا: دفع مواقف الدول العربية على وجه الخصوص إلى قراءة جديدة للواقع الفلسطيني التي دأب البعض على تجاهله منذ الانتخابات التشريعية الفلسطينية السابقة والتأكيد على أن حركة "حماس" هي القوة الفلسطينية الصاعدة ذات البعد الشعبي المحلي والعربي و الإسلامي وما دعوة وفود من حماس إلى مصر للتفاوض إلا إحدى الدلائل على ذلك خاصة في ضوء ما تردد في الإعلام عن رغبة أمريكية في ذلك.
ثامنا : لقد خطت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" خطوة كبيرة في عمق السياسة العربية بتأكيدها على موقفها الثابت الملتزم باتفاق "مكة"، وما قابله من رفض السلطة العميلة لهذا الاتفاق بفرض الشروط المسبقة . كما أن تناغم السلطة العميلة مع كل يطلب منها صهيونيا و أمريكيا قد أضعف من روابطها مع البعد العربي والإسلامي.
تاسعا: تمكنت غزة و حركة حماس وحكومتها الشرعية بفضل الله جل وعلا من الصمود في مواجهة العمليات العسكرية الصهيونية العدوانية الشرسة وأفشلت العديد من محاولات الاختراق والتوغل العميق وأبدت مقاومة مسلحة كفيلة بتراجع قوات العدو .وأظهرت جموع الشعب الفلسطيني صبرا و تحملا لا حد لهما لتأثيرات الحصار والعدوان وخيبت آمال الأعداء في أن يتخلى عن مواقف حركة حماس ويخضع لشروط الاستسلام .
من أجل دعم غزة و صمودها والحفاظ على مكتسبات الشعب الفلسطيني و حقوقه فإن الأمة العربية والإسلامية مطالبة بالقيام بواجباتها الدينية والقومية والإنسانية، وأدنى هذه الواجبات :
أولا: استمرار وتصعيد التحرك الشعبي بكل أشكاله من أجل إبقاء التحفز الشعبي النفسي والعملي المحتضن للقضية الفلسطينية كقضية إسلامية عربية ، وكمرتكز لمواجهة الغزو الغربي، وتحضيرا للنهضة الإسلامية والعربية القادمة ، وإسقاطا لثقافة الخنوع و الإستسلام والتبعية.
ثانيا: إستثمار فرص الانفتاح الإعلامي وتعدد منافذه في ترسيخ الحق الإسلامي والعربي في فلسطين و إنسانية القضية الفلسطينية وفضح عدوانية المشروع الصهيوني وتبيان أخطار الإستسلام على الأمة و عقيدتها.
ثالثا: ممارسة كافة أشكال الضغوط السياسية الممكنة لإصدار قرار عربي و إسلامي برفض حصار غزة وإسقاطه لتمكين غزة من العيش الإنساني الكريم ولممارسة حقه في المقاومة. ويجب أن تكون فرصة قرب إنعقاد مؤتمر قمة للقادة العرب دافعا لتحرك شعبي شامل مطالب بموقف عربي بفك الحصار الظالم عن غزة بدأ بفتح الحدود المصرية الفلسطينية.
الاثنين 2 ربيع الأول 1429 هـ - 10/3/2008م