رغم أن الحملات الانتخابية لثاني انتخابات نيابية تشارك فيها النساء لم تبدأ حتى كتابة هذا المقال، إلا أن إصرار المرشحات على الحصول على مقاعد في مجلس الأمة كان جليا منذ فترة من خلال تصريحاتهن في الصحف وخطاباتهن في الندوات التي أقامتها بعض الجمعيات والتجمعات، والتي لي عليها بعض الملاحظات.
في البداية نلحظ من خلال تصريحات المرشحات الرغبة العارمة بالفوز بالانتخابات، وذلك حق مكفول لهن، إلا أنه انقلب عليهن عندما شكل غالب - إن لم يكن كل – أحاديثهن، فكل ما تكلمت عنه المرشحات وكل دعت إليه على مر الشهور الماضية - وحتى قبل حل مجلس الأمة – إلى الآن هو ضرورة دعم المرأة وأهمية وصول المرأة للبرلمان، دون عرض خططهن وبرامجهن الانتخابية!
فحتى الآن لم تبد أغلبية – وربما كل - المرشحات رأيها حول القضايا التي تهم المواطنين مثل تطوير التعليم والخدمات الصحية وتنويع مصادر الدخل والرعاية السكنية أو حتى الوضع الرياضي.
لست ضد النساء فأنا واحدة منهن، ولكنني كمواطنة وكناخبة لن أصوت أبدا لأي مرشحة فقط لأنها امرأة، بل أريد معرفة البرامج الانتخابية للمرشحات والمرشحين أيضا، وسأقرر بعد ذلك بناء على الفكر والكفاءة.
أمر آخر لفت نظري في تصريحات وكلمات المرشحات وهو انتقادهن الشديد للناخبات اللاتي لم يساندنهن في الانتخابات الماضية، كما أنهن استبقن الأحداث وكأنهن تنبأن بفشلهن عندما شنن هجوما على من لا تنوي التصويت لهن في الانتخابات الحالية أيضا، متهمات إياها بعدم تحكيم العقل والانقياد لزوجها أو أباها فقط لأنها صوتت لمن تعتقد أنه (المرشح) الأكفأ! والعجيب أن من يشن ذلك الهجوم هن من يدّعين دوما أنهن حاميات الديمقراطية والحريات! فأي حرية وديمقراطية تلك التي لا تسمح للشخص التصويت لمن يقتنع فيه ؟!
نعلم أن عهد النساء حديث مع تجربة الترشيح وأن الخبرة تنقصهن لكونهن لازلن في (سنة ثانية ترشيح)، ولكننا كنا نأمل أن تكون المرشحات أكثر وعيا واتزانا في خطاباتهن، فإن كانت المرشحة تنوي الحصول على أصوات يزيد عددها عن العاملين في حملتها الانتخابية فيجب أن تبدأ بتغيير أسلوب خطاباتها واحترام الناخبات وإقناعهن بأنها مهتمة بمشاكلهن وهمومهن، فحتى المرشحة للرئاسة الأمريكية هيلاري كلنتون لم تعتمد على كونها امرأة فحسب لجذب الناخبين والناخبات، كما أن منافسها باراك أوباما لم يكن ليكسب التضامن الكبير له بعرقه وأصوله فقط بل لأفكاره وخططه.
إن طرح الآراء وإقناع الناخبين والناخبات بالمنطق والحجة والأدلة ليس مطلوب من المرشحات فقط لكونهن نساء، بل مطلوب من كل مرشح، فعلى المرشح الإسلامي ألا يظن بأن تصويت فئة الملتزمين له مضمون بسبب فكره فقط، فالناخبون لا يبحثون عن إمام مسجد بل صانع قرار، وعلى المرشح القبلي ألا يطلب من أبناء عشيرته التصويت له لصلة القرابة فحسب، وكذلك الليبراليون والمستقلون وغيرهم، فالتقارب الفكري أو العشائري مع فئة ما لم يعد المعيار لاختيار المرشحين، بل يأتي بجانب الإنجازات السابقة والوفاء بالوعود والشفافية واحترام الناخب والدفاع عن حقوقه والمصلحة العامة.