على الرغم من أن السكوت العربي عن المجازر البربرية التي تعرضت لها غزة لا يمكن تبريره أو تعليله بأي شكل من الأشكال إلا أن النفس الأمارة بالسوء تدفعني في كثير من الأحيان إلى محاولات عبثية لا عاقبة لها سوى الندم والتحسر. وإلا فما هي المبررات التي يمكن الخوض فيها أو الحديث عنها؟ هل هي انتظار تلك الفتوى الدينية التي تسمح بالجهاد وتحض عليه من قبل المراجع الدينية التي بدورها تنتظر إشارة ولاة الأمر بالانطلاق.. وكأن قتل المسلمين العزل من شيوخ ونساء وأطفال واحتلال أولى القبلتين و ثالث الحرمين الشريفين لا يكفي لاستصدار مثل هذه الفتوى؟
أم هو التسليم بمنطق القوة الغاشمة التي لها الحق في فعل ما تشاء متى تشاء وكيفما تشاء مهما كانت بشاعته وبلغت شناعته دونما أدنى تذمر أو استياء فضلاً عن الاعتراض ونظل نردد:
ومن يهن يسهل الهوان عليه مالجرح بميتٍ إيلام؟
أم أن العرب من حكومات وشعوب انساقوا في ذلك الاتجاه الذي تسوق له وسائل الإعلام الصهيونية والأمريكية التي ترى أن العدوان الإسرائيلي الوحشي إنما هو دفاع عن النفس ورد على الاعتداءات الفلسطينية على مستوطناتها ((وجنت على نفسها براقش)), وأن على الفلسطينيين والمنظمات الفلسطينية الإرهابية التوقف عما تسميه بمقاومة الاحتلال بجميع أشكاله حتى يعم السلام وننعم بالأمن ؟أم.. أم.. أم ....
ألم أقل لكم إنها النفس الأمارة بالسوء!!من المخجل لنا كعرب أن تكون أقوى ردود الفعل الصادرة اتجاه المجازر الإسرائيلية في غزة تمثلت في تلك التصريحات القوية الصادرة من الحكومة التركية ضد العدوان الإسرائيلي وكذلك ما تعرضت له السفارة الإسرائيلية من قبل الجماهير الغاضبة في قبرص فيما لم تزد المبادرات العربية في هذه المحنة عن الاستعداد التام لاستقبال مصابي الغارات الإسرائيلية لعلاجهم!
الأدهى والأمر أننا كنا في الماضي نعيب على المواقف العربية اكتفائها بعبارات الشجب والاستنكار والإدانة اتجاه الأعمال الوحشية التي تنتهجها إسرائيل بشكل مستمر ضد الفلسطينيين ولم نكن ندرك أنه سيأتي يوم نتمنى فيه لو أن الأمر أستمر كذلك, حيث اختفت عبارات الشجب والإدانة العربية ليحل محلها اتهامات تتطاير من هنا وهناك من قبل العرب لبعضهم البعض!! فهذا يتهم بعض الحكومات العربية بالجبن والتآمر مع الإسرائيليين وعلمهم المسبق بالنوايا الإسرائيلية في العدوان, وآخر يتهم الأطراف الفلسطينية باستثارة الإسرائيليين والتسبب فيما قاموا به من تدمير وتخريب.. وخذ كلاماً ليس له من آخِر من هذا القبيل وكأن ماحدث ويحدث لا يكفي لتوحيد الصفوف ونبذ أسباب الفرقة والعداء والمبادرة في مواجهة الكارثة التي حلت بإخواننا الفلسطينيين ولو كان بالدموع وعبارات الشجب والإدانة.
ولا عزاء لأهلنا في غزة فلا بواكي لهم.