حذرنا القرآن الكريم، كتاب الله الخالد، والسنة النبوية المطهرة من سلوك «النفاق» الذي كان ظاهراً في المجتمع المسلم منذ زمن الدولة الإسلامية الأولى وحتى يومنا هذا. لذا فعلينا ألا نغفل عن الساقطين في هذا السلوك المشين والممارسين لهذه الخطيئة المنكرة التي تخرج الإنسان من ملة الإسلام، وتجعله في الدرك الأسفل من النار، ولو تسمي بما عُبّد أو حُمّد، فخطر المنافقين أشد من خطر الأعداء.
وانتقل من هذا التحذير إلى تحذيرٍ آخر لا يقل أهمية من مقالٍ صحافي نشرته إحدى الصحف الكويتية، أخيراً، دأب كاتبه منذ أعوام مهاجمة المقاومة والدفاع عن جرائم الكيان الغاصب، وقد احتوى المقال المشار إليه مغالطات فادحة عدة وأضاليل لا حصر لها، منها ما يلي:
أولاً، اللغة المنحازة للعدو الصهيوني، إذ نجد الكاتب لا يتورع من وصف المجاهدين والمرابطين من الحكومة الشرعية وحركة «حماس» وغيرهما بألفاظ: الإرهاب، الغدر، الخيانة، التمرد، الانقلاب، العبث، المعتوهين، الحمقى، المتسترين بالدين، التطرف، وغيرها من الألفاظ التي لا تبيحها الأخلاق العامة ولا قواعد حرية النشر والاعلام.
وأتساءل هنا عن موقف إدارة تلك الصحيفة وملاكها، والأجهزة الرسمية في الدولة، لأنهم قد ينتفضون ضد من يسيء لديكتاتور ظالم أو راقصة... بحجة الحفاظ على العلاقات الخارجية للكويت، وماذا عن الإساءة لحكومة منتخبة وحركة مقاومة، كانت أول جهة عربية تندد بالغزو العراقي الغاشم في أغسطس 1990، بجانب دولة لبنان الشقيقة؟
وفي المقابل، نجد الكاتب يستخدم ألفاظاً مثل «ضبط النفس» و«الحلم» في وصف القيادة الصهيونية التي يجمع العالم «الحر» على إرهابها وإجرامها المستمرين من قبل قيام الكيان المحتل عام 1948. ويتبرع الكاتب المذكور في مقاله للترويج للدعاية الصهيونية فينقل لنا تصريحين دعائيين لوزيرة ووزير من دولة الاحتلال والعدوان.
ثانياً، الدعوة لقتل المسلمين في غزة وغيرها، إذ يدعو الكاتب بدعوة صريحة للجيش الصهيوني لتصفية المجاهدين والمرابطين في أرض غزة هاشم المباركة، التي دُفن فيها جد الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وتنبأ النبي الأكرم عليه الصلاة والسلام أنها أرض رباطٍ إلى يوم القيامة، وصرح القرآن ببركة عاصمتها القدس وما حولها.
ويدعم الكاتب المذكور دعوته الظالمة، بحجج عاطفية واهية، نسمعها من جهلاء القوم، مثل أن الشعب الفلسطيني مجبول على الخيانة، أو أنهم يحلون الخراب في أي أرض يطؤوها، وكأن إخواننا الفلسطينيين متحدرون من أصول تختلف عن أصول سائر العرب، أو أن الشعوب المسلمة تملك حرية اتخاذ القرار السياسي، حتى نحاسبها على مواقف قياداتها.
ثالثاً، الترويج لأكاذيب صهيونية، إذ يزعم الكاتب أن الهجمات الصهيونية مبررة، وهو بهذا يناقض قوانين الحرب والسلم في العالم القديم والحديث التي تمنع «الإفراط باستخدام القوة» و«قتل المدنيين» و«استهداف المنشآت غير العسكرية»، متناسياً عدم انقطاع عمليات العدوان الصهيوني قبل وأثناء وبعد فترة التهدئة.
كما يدعي كذباً بأن «حركة المقاومة الإسلامية» وصلت إلى السلطة بانتخابات صورية وزائفة، وهو بذلك تجاوز حد الخصومة والعداوة الذي وصله رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي يتبجح ليلاً ونهاراً بتنظيمه انتخابات حرة ونزيهة - وهو بالفعل ما حدث - تحت رقابة أميركية وأوروبية ودولية.
والمصيبة الكبرى أن الكاتب المذكور ينكر على الشعب الفلسطيني حقه في السعي إلى إقامة دولة مستقلة، بحجة أنه لم يعرف سوى مآسي الحروب خلال الفترة الفائتة، وكأن مصائب الشعوب مبرر لاستعمارها، أو أن إخواننا الفلسطينيين عليهم التخلي عن حقهم المشروع في مقاومة الاحتلال، وهو بذلك يتجاوز حدود الإدارة الأميركية التي - رغم انحيازها السافر والدائم للصهاينة - نراها تطالب بقيام دولة فلسطينية مستقلة وديموقراطية.
في الختام، إن البعض قد يضع رهانه في خانة التفوق الصهيوني والتخاذل الإسلامي، وينسى أن الوقائع القائمة قد تتغير في غمضة عين وانتباهتها، وأن عمر الإنسان قد يكون قصيراً بدرجة لا تمهله للتوبة ومراجعة ما فات، فهي دعوة مني للتثبت والتمهل، «فتبينوا أن تصيبوا قومًا بجهالة، فتصبحوا على ما فعلتم نادمين»، صدق الله العظيم.
ولا تفوتني دعوة الأجهزة الرسمية في الداخلية والجمارك والمواصلات والإعلام إلى متابعة ومراقبة أنشطة واجهات التنظيم «الماسوني» مثل «الروتاري» و«الليونز»، وغيرها، من الجمعيات السرية التي تشكل الطابور الخامس للحركة الصهيونية العنصرية حول العالم، والله أكبر ولله الحمد.
رابط المقال منشورًا في صحيفة"الراي" الكويتية:
http://216.157.9.137/AlRai/Article.aspx?id=102213