قتل أصحاب غزة.. تماماً كما .." قتل أصحاب الأخدود".
غزة التى تحولت إلى خندق كبير.. تملؤه الأشلاء, وبقايا الأشياء..
غزة المحاصرة منذ سنتين, القتيلة التى أصبحت تحاصرنا الآن .
هل تعرفون لماذا, وكيف , ومتى؟ !
الإجابة واحدة وهى لأننا, أنا وأنتم ,ونحن , جميعاً .. ننتمى إلى الأمة المهانة !
نحن وبلا فخر ننتمى إلى الأمة العربية المهانة,أمة المكلمة فى مواجهة غزة المكلومة ..
نحن ننتمى إلى الأمة المهانة.. أمة ,معذورة شعوبها وهى لا تجد غير " حسبي الله ونعم الوكيل " , والتى ومؤخراً وأخيراً نطق بها أحد حكامها عندما لم يكتمل نصاب عقد مؤتمر لأمة لا تسير الجيوش لأنهم غير حالمين, ولكن حسبي الله ونعم الوكيل لأن الإنعقاد نفسه أصبح مستحيلاً!
نحن ننتمى إلى الأمة المهانة.. أمة الإعلام المتشرذم, المشوش, المتفرق والمتحزب بغباء.. فى مواجهة اعلام مجند على قلب رجل واحد, اعلام الكيان الصهيونى, الذى كان يوصف بالمهنية, والتعددية, أصبح الآن كتلة واحدة فى جبهة الحرب, لا لشئ سوي أنهم يعلمون أنها " الحرب", أقلامهم رصاصات تخترقنا, وأقلامنا رصاصات تخترقنا.. أيضاً , ليصبح اعلامنا فى هذه اللحظة بالذات وفقط " اعلام التعددية" !
نحن ننتمى إلى الأمة المهانة.. أمة من السهل أن تلف أدمغة رجالها ليفنى المتصابية,الأنيقة, أو الآنسة "حلاوتهم" الخلاّقة .. عفواً ,أقصد كونداليزا رايس .. ولا عزاء للجدة جولدا من قبل .. معذرة فإنها أمة الضعفاء أمام النساء .. وبالطبع ليس كل النساء , فشهداء غزة وجرحاها جلهم .. نسااااااااااء .. نساء من غير عطور فرنسية, ولا كعوب عالية, ولا رقة متناهية, ولا حيل شيطانية .
نحن ننتمى إلى الأمة المهانة .. أمة اغتصب شرفها من قبل فى أبى غريب, حتى أضحت الكثير من مؤسساتنا وبيوتناومعاهدنا وجامعاتنا وشوارعنا .. إلخ "أبو غريب" بأيدينا وتحت اشرافنا.. وأصبحنا نحن أيضاً " غرباء" أبو غريب , نشعر بالغربة , ونستغرب أحوالنا وربما أنفسنا فى آن.
نحن ننتمى إلى الأمة المهانة .. ولا تستغرب عندما ترى شيخاً يتحدث – وقت الحرب على غزة - عن أسباب انحسار النصرعن الأمة فيلخصه فى تبرج نسائها ومعاصي أغانيها, ملح الأمة" علماؤها وشيوخها"لايزالون مغيبون عن المفاهيم الكلية والكبائر والموبقات السياسية, يتناسون سنن الله فى الكون, ينسون أن ميزان العدل عندما يغيب عن الأمة فلن تقوم لها قائمة,مهما تبرقعت نساؤها.. إنهم إذن فى حالة استغفار بحاجة إلى استغفار!
نحن ننتمى إلى الأمة المهانة.. ليس لأن ابنة غزة فقط تقتل كالحشرة, بل لأن لدينا ابنة الدويقة, وقلعة الكبش,وبنات كثر من قضايا النسب, وبنات طلاق من ضمن الـ " 7مليون" فى المحروسة, تدفع الواحدة منهن ثمن أنانية أب واستهتاره بقيمة الأبوة والبنوة والأسرة, فلا تجد كرامة فى عيش ولا فى نظرة مجتمع, وتظل تدافع عن نفسها طول الوقت .. نحن لدينا أيضاً تلك التى تدور بين السيارات على الطرق – 9 سنوات - بعلبة مناديل أو باقة ورد لاتملك رفاهية شمها, لأنها لا تملك أصلاً قوت يومها.
نحن ننتمى إلى الأمة المهانة .. أمة أسلحتها " الجزم" .. وتفتخر بأنها أبلغ أسلحة الإهانة , ربما هى جزماً فسفورية , أو متشظية , أو حتى فيمتوجزمة, لا ندرى .. ولكن " الجزمة" هى سلاح فعلاً ولكن من نفسية ربما تشعر أنها هى أيضاً مهانة ومقهورة , وعليها أن تهين وفقط ولو بالجزمة الطيبة الغلبانة " على ما تفرج " !
نحن ننتمى إلى الأمة المهانة.. التى كانت من قبل قد احتفت بهيلارى كلينتون, الزوجة المخلصة , الوفية, المعششة على بيتها, المدارية على زوجها, العظيمة التى وقفت إلى جواره فى محنة الفستان الأزرق, فهلل لها " الرجال" فى أمة المهانة , وقالوا لنا انظروا هذه هى الزوجة العظيمة بحق.
ففى حينها استقبلها المجلس التشريعى الفلسطينى, مقدماً لها الدعم النفسي الرائع بعد محنتها الزوجية إياها , وردت له الجميل بتصريحات صهيونية فجة لدى ترشحها لإنتخابات الرئاسة الأمريكية.. وها هى هيلارى الصهيونية قادمة مرة أخرى .. فتجهزوا يا من تنتمون للأمة المهانة.
نحن ننتمى إلى الأمة المهانة .. أمة تسرطن تفكيرها, وازدوجت قيمها, وأصبحت راضية عن نكبات ثقافاتها وعاداتها ومؤسساتها التربوية عفوا" التعليمية " وكأنهم أهل الكهف الذين لم يخرجوا من كهفهم ثلاثمائة عام وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد ، لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا..
نحن ننتمى إلى الأمة المهانة .. وبكل بساطة ستصبح غزة .. و كما نفتخر ببلد المليون شهيد .. " كان يا ما كان .. يا سعد يا إكرام " فى حدوتة أم لطفلها قبل النوم .. فغزة الآن هى النوم الأبدى بلا استيقاظ.
نحن ننتمى إلى الأمة المهانة .. ولا تقل لى كفي جلداً للذات, فماذا فعلنا حينما " طبطبنا ودلعنا " الذات.. ابحث عمن أضاع احترامها واجترأ عليها من قبل, وحاول أن ترد له صفعاته ولا تحتسب, فلقد أدمنّا " ثقافة الإحتساب" .
نحن ننتمى إلى الأمة المهانة .. قتل فيها أصحاب غزة ومنذ زمن, منذ قتل الإنسان فى أوطاننا فما عاد يعيش كريماً ولا يموت حراً .
نحن ننتمى إلى الأمة المهانة .. التى سرعان ما ستنسي أرواح الشهداء فقد غدو "أرقام", وستنسي النحيب, والدموع, والدماء, ستنسي الدمار, وكأن جرائم الحرب التى ارتكبت لم تكن فى حقها وعرضها وأرضها.
نحن ننتمى إلى الأمة المهانة.. ولربما تعود من جديد معارك داحس والغبراء بين الأشقاء هنا أو هناك, معارك كلامية وفكرية ودموية, فـــ " هييييييه" لقد توقف اطلاق النار, لتعود ريما إلى عادتها القديمة.. ولتظل غزة تحت حصار أشد وطأة من سابقه.. ولنفيق على " حرب غزة " جديدة بعد الإعمار.. هذا إن تم بالفعل " إعمار".
نحن ننتمى إلى "أمة المهانة" وهذا ما أخشاه .. تصعّد أرواحنا كل حين فى انتظار الكرامة والحرية .. فهل ستظل تصّعد حتى تصعد مع أرواح أصحاب غزة .. راضية مرضية ؟!
تحية أخيرة للرجال فى الكويت الذين قالوا لأبو مازن " لا أهلا, ولا مرحباً " .. فرجل كهذا يخشي أن يذبح من الوريد إلى الوريد,كما صرّح معتذراً ومبيناً سبب عدم حضوره قمة الدوحة, شخص لا يستأهل أن يكون على رأس شعب ذبّح, وقتّل, كل الذبح وكل التقتيل, شعب فقد كل أوردته وشرايينه, وأصبحت دماؤه تسيل فى كل الأنحاء, بلا عزاء .