ولم يكن تصرف الرزيحان في المهرجان هو المستغرب فقط، حيث كانت المقابلة التي أجريت معها ونشرت في جريدة السياسة يوم الخميس الموافق 29/1/2009 مفاجأة حيث كشفت الكثير عن أفكارها المريبة وقناعاتها الغريبة حول حماس والحركة الدستورية الإسلامية (حدس) بشكل خاص، مما استوجب التعليق والرد إحقاقا للحق.
أولا: تقول الرزيحان أن الشعب الفلسطيني خرج في مظاهرات تأييد للغزو العراقي "بجميع طوائفه وفصائله وقياداته"، وهو اتهام باطل حيث أن حماس كانت الحركة الوحيدة التي رحبت بالوفد الكويتي الذي زار الأردن أثناء الاحتلال بينما استنكرت جميع التنظيمات السياسية الأخرى وجود الوفد وطالبته بالخروج من الأردن وفق ما ذكره شاهد عيان وهو النائب السابق مبارك الدويلة التي كان ضمن المجموعة الزائرة، كما أن ما قاله نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية د. محمد صباح السالم الصباح في برنامج (بالعربي) الذي بثته قناة العربية يوم الخميس 15/1/2009 دليل واضح وضوح الشمس على براءة حماس من تأييد ما فعله صدام، فقد قال الصباح " لا خلاف إطلاقاً ما بين الكويت والفلسطينيين، إطلاقاً، نحن خلافنا مع من وقف مع العدوان العراقي ضد الكويت، نحن خلافنا مع من ساند الاحتلال العراقي للكويت ... كان رحمة الله عليه الشيخ أحمد ياسين [مؤسس حماس وزعيمها السابق]، حضر بدعوة من أمير الكويت، ومن أميرين للكويت الشيخ جابر الأحمد الأسبق والشيخ سعد العبد الله الأمير السابق، وحظي باستقبال رسمي وشعبي بالكويت لأنه كان هو مناصر للحق الكويتي عندما كان الكويتيون تحت الاحتلال".
ثانيا: يظهر التناقض الأكبر في قول الرزيحان أن "جميع الفصائل الفلسطينية لها موقف واحد لم يتغير" تجاه الكويت وأنها تحصد أموال التبرعات لمصالحها الشخصية ثم في نفس الوقت دفاعها عن الرئيس الفلسطيني - المنتهية فترة رئاسته - محمود عباس وقولها أن أعضاء حدس "يتسببون في إحراج القيادة الكويتية" برفضهم لدخوله للكويت! واعتراضها على رفع النائب د. وليد الطبطبائي حذاءه له! وكأن عباس لا يمثل أحد تلك الفصائل! إن كانت جميع الفصائل متساوية في الجريمة وفقا لرأيها فلِمَ لم نشاهدها تصرخ احتجاجا على دخول الفتحاوي الذي باع الكويت وأيد صدام بنظرها؟! ولِمَ أعلنت أنها لا ترفض تقديم المساعدات للشعب الفلسطيني؟! ولِمَ لم تؤيد الطبطبائي وترفع هي حذاءها أيضا لمن خان بلدنا؟! إن هذا التناقض يبيّن تحاملها على المقاومة خصوصا وليس على جميع الفلسطينيين كما ادعت.
وأقول لها: إن كنت تعتبرين أن أعضاء حدس "يتسببون في إحراج القيادة الكويتية" برفضهم دخول عباس للبلاد وأنهم لا يحترمون "الرغبة الأميرية" بإرسال المساعدات للقيادة الفلسطينية، فلا تتهمي الفصائل - التي تستقبلها وتساندها القيادة الكويتية – بالخيانة لأنك بذلك تسلكين مسلك الحركة الدستورية وتحرجين الحكومة أنتِ أيضا وتظهرين عدم احترامك للرغبة الأميرية!
ثالثا: تقول الرزيحان أن "حركة حماس لم تكن يوما مع القضايا الكويتية"، ولا أجد ردا على ذلك أفضل من تذكيرها باستقبال سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح للشيخ أحمد ياسين رحمهما الله، واستقبال الكويت لقيادات حماس في أكثر من مناسبة.
رابعا: تقول الرزيحان أن الأكاذيب التي روّجها صدام عبر إعلامه حول جريمته في اجتياح الكويت "انطلت على عدد من الشعوب والتي كان في مقدمتها الشعب الفلسطيني"، وأقول أن تأييد الغزو العراقي كان من أفراد في دول مختلفة وليس شعوبا كاملة، فهل من العدل والإنصاف أن نعمم الجرم على الجميع ونتحامل على كل فرد في كل بلد عربي خرجت منه مظاهرات تأييد لصدام؟
خامسا: تقول الرزيحان أن الشعب الفلسطيني "يعلن عبر الفضائيات أنه لم يتلق أي مساعدة مما يؤكد أن هذه الأموال والمساعدات تتبخر لدى حماس وتختفي بين قياداتها"، والغريب أنني بحكم عملي الإعلامي ومتابعتي المستمرة للأخبار لم أر أي فلسطيني على شاشة التلفزيون يعلن عدم وصول المساعدات إلا بسبب الحصار وإغلاق المعابر! وربما كانت الرزيحان تقصد بـ"الشعب الفلسطيني" بعض قياديي فتح الموجودين في منازلهم الفارهة في الضفة الغربية!
لو لم تصرخ الرزيحان في احتفالية انتصار المقاومة في غزة ثم تغادر القاعة غاضبة، بل بقيت وشاهدت فعاليات المهرجان لاستمعَت كما استمع جميع الحضور للأستاذ الفاضل وليد العنجري رئيس جمعية الرحمة العالمية وهو يعرض جهود اللجنة وإنجازاتها في غزة ولشاهدَت صور مستشفى الكويت في القطاع ولعرفت أن التبرعات كانت ولا تزال تصل للشعب الفلسطيني المحاصر هناك، ولو أنها طلبت الإذن لإبداء وجهة نظرها بهدوء وتعقل لكان سمح لها بذلك.
سادسا: تقول الرزيحان أن أعضاء مجلس الأمة الإسلاميين ربما نسوا أن الشعب "اختارهم لحل مشاكله الداخلية لا التدخل في مشاكل وقضايا الشعوب الأخرى"، وأذكرها بأن لجان مجلس الأمة تضم لجنة للشؤون الخارجية ، كما أن الحرص على وصول الأموال الكويتية لمستحقيها يعد حرصا على أموال الدولة.
سابعا: تُذكِّر الرزيحان أعضاء حدس بأن الشعب الكويتي عامة وأهالي الشهداء خاصة مازالوا يعانون من فقد أبنائهم وبناتهم وأن دماء الشهداء غالية، وكأنهم لا يدركون ذلك! وأذكرها بأن أعضاء حدس هم جزء من نسيج المجتمع الكويتي، عانوا مثلما عانى الآخرون أثناء الاحتلال الغاشم وضحوا من أجل الدفاع عن الكويت، ومنهم من فقد أقرباءه آنذاك كما فقدت هي أخاها رحمه الله.
ثامنا: تقول الرزيحان "على أعضاء حركة حدس تذكر أن الإنسان يجب أن يكون ذا عقيدة وغير منافق ويحرص على أن يراه الناس بوجهه الحقيقي، لا أن يكون متلونا"، وأقول أنني على ثقة بأن أعضاء حدس هم أول من يعي ذلك وأحسبهم من أحرص الناس على المصداقية والشفافية وأبعدهم عن التلون والنفاق.
تاسعا: ترى الرزيحان أنه من المعيب أن يعلن أعضاء حدس دعمهم لحماس وفي الوقت نفسه يمدون جسور التعاون والتقارب مع جمهوريتي سورية وإيران اللتين تختلفان مع الحركة الدستورية في الفكر والتوجه! وأقول أنه ليس من الخطأ بل من الفخر أن تكون لحدس علاقات جيدة ومتوازنة مع جميع الدول العربية والإسلامية!
عاشرا: تعبر الرزيحان عن استغرابها لوجود تعاون بين حماس وحزب الله، وعن تأييد حدس لحماس التي تتواصل مع حزب الله! ولا أقول سوى أنه لا يوجد عيب في تعاون حركتين شريفتين مقاومتين لعدو صهيوني مشترك، ولا غضاضة في دعم حركة مقاومة لها علاقة طبيعية جيدة مع حركة مقاومة عربية إسلامية أخرى!
حادي عشر: تقول الرزيحان أن حماس أصبحت "أشد ظلما من الصهاينة على أبناء الشعب الفلسطيني"! وتدعو الحركة الإسلامية لمخافة الله، وأنا بدوري أنبه لعدم إلقاء التهم جزافا مخافة من الله.
ثاني عشر: خلطت الرزيحان الأمور عندما قالت أن "غترة الشهيد ليست أرخص من الكوفية الفلسطينية"، فالجميع يعتز بشهدائنا الأبرار ويقدر تضحياتهم من أجل الوطن ولا تناقض في ذلك مع دعم الشعب الفلسطيني الذي تعرض لاعتداء جائر ويحتاج لمساعدة عاجلة.
ثالث عشر: دعت الرزيحان حدس لجمع التبرعات للمساجين في الكويت عوضا عن جمعها للشعب الفلسطيني من باب أن الأقربون أولى بالمعروف، وأؤكد لها أن حدس لم تتشرف بتنظيم أي حملة لجمع التبرعات لغزة وإنما قامت بذلك جهات خيرية تشرف عليها وزارة الشؤون، كما أؤكد أن الجهات والأفراد الذين تبرعوا لغزة اليوم قد قاموا بالأمس بدعم مشاريع خيرية داخل الكويت وأنا على ثقة أنهم لن يتوانوا بالغد عن فعل الشيء نفسه، فدعم جهة أو مشروع ما لا يعني عدم الرغبة بدعم الجهات والمشاريع الأخرى، فإطلاق الرزيحان مثلا لحملة جمع تبرعات للمساجين الكويتيين لا يعني تقليلها من حاجة المرضى أو المدينين أو فئات أخرى للمساعدة، وأذكرها بأن جمعية التكافل لرعاية السجناء قد ساعدت في إطلاق سراح أكثر من 3500 سجين وسجينة من المتورطين بقضايا مالية.
ختاما أقول إن مجمل مقابلة الرزيحان كشفت عن عدة أمور هي:
- تحامل الرزيحان على حدس بالتحديد، فرغم أن المهرجان الذي حضرَت جزءاً منه لم تُقِمْه الحركة الدستورية إلا أن هجومها انصب على الحركة بالذات ولم يطل أي جهة من الجهات المشاركة الأخرى.
- تحامل الرزيحان على المقاومة الفلسطينية وليس على من وقف مع الاحتلال العراقي للكويت كما ادعت.
- أن من طبق مقولة (اكذب اكذب حتى يصدقك الآخرون) بدأ يرى ثمار أفعاله بتأليب الشارع الكويتي جورا وبهتانا على كل ما له صلة بالإسلام، ولكن (يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين).
قد تبدو الردود بمجملها طويلة ولكنني أسميتها ردودا خفيفة لأن في الجعبة المزيد، فهذا أقل ما يقال عن مقابلة قصيرة لكنها مشحونة بعبارات غير صحيحة تدل على سوء الفهم والتسرع بإطلاق التهم.
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، إنك أنت الرؤوف الرحيم.