إن الهجمة العنيفة التي تواجهها «الحركة الدستورية الإسلامية» تمثل في غالبها «هستيريا» المنتفعين من سوء إدارة الحكومة القائم، والخائفين من زوال مصالحهم غير المشروعة، بعد قرار «حدس» استجواب رئيس مجلس الوزراء، عبر 55 صفحة مركزة وموضوعية، تضمنت محاور خمسة، إدارية وسيادية واقتصادية ومالية وتنموية مهمة.

 

وهو هجوم إعلامي فضائي وإلكتروني وورقي وصل إلى حد «تخوين» المنتمين إلى التيار الإسلامي، مما جعل الكثير من المراقبين المحايدين، يلفتون النظر إلى كوننا نواجه تطرفاً وإرهاباً علمانياً، بينما تواجه دول أخرى متطرفين وإرهابيين ينسبون أنفسهم للإسلام. وعمق وكثافة واستمرار هذه الحملة الظالمة، حقق لـ «الحركة الدستورية الإسلامية»، خصوصاً، وللتيار الإسلامي الكويتي، عموماً، مكاسب عدة:


أولاً: تكوُّن قناعة شبه جماعية بصواب قرار «حدس» توجيه أصابع الاتهام إلى رئيس مجلس الوزراء واستجوابه، وتشكل جبهة ممانعة صلبة بوجه أي تفكير في التراجع عن خيار محاسبة الشيخ ناصر المحمد على قراراته الخاطئة المباشرة وغير المباشرة.


ثانياً: كشف الأقنعة عن الأدوات الإعلامية المختلفة، المحسوبة على الفاسدين المنتفعين من التردي القائم والمعارضين لخطوات الإصلاح الجادة كلها، وهي ما عرفها نوّاب الأمة بمصطح «الإعلام الفاسد»، وبالتالي أخذ المواطن الكويتي حصانة وتطعيماً واقياً ضد الافتراءات والبذاءات التي تطلقها تلك الوسائل الخائنة لميثاق مهنة الإعلامي وشرفها.


ثالثاً - فرصة لإعادة التذكير بالأدوار الوطنية البطولية للجان التكافلية والشعبية والهيئة العالمية للتضامن مع الكويت، ومختلف فروع الاتحاد الوطني لطلبة الكويت، في فترة العدوان البعثي الغاشم من 2 أغسطس 1990 وحتى 26 فبراير 1991، إذ إن مواليد تلك الفترة بلغوا مبلغ الرجال والنساء في يومنا هذا، ولم تتح لهم فرصة جيدة لمعرفة «حقيقة» ما حدث في تلك الشهور السبعة العصيبة.


رابعاً - ساهمت الحملة بتسريع تنفيذ «حدس» لاستراتيجيتها الجديدة، المتمثلة بالانتقال من سياسة «التضحية» في دعم استقرار السلطتين، طمعاً بتحسن الأداء الحكومي، إلى سياسة «المعارضة» الإيجابية من خلال الرقابة والتشريع في مجلس الأمة.


خامساً - أدت الهجمة الظالمة إلى تقييم الإسلاميين لأدائهم الإعلامي، ودراسة الثغرات والنواقص الكبيرة فيه، في ظل تملك التجار والليبراليين وآخرين لغالبية وسائل الإعلام المحلية، وقد بدأت الاجتهادات الإعلامية الإسلامية الفردية والجماعية ترتقي بالفعل، ولعلنا نحظى قريباً بإعلام محافظٍ وهادفٍ يحترم عقل المواطنين ومشاعرهم.


سادساً - اضطر رموز «حدس» وكوادرها خلال حملة (الاستجواب حق ومسؤولية)، للنزول إلى الدواوين والمنتديات واستخدام أدوات الاتصال المباشر من دون وسائط أو حواجز، ما أعاد إلى «الحركة الدستورية الإسلامية» الروح الشعبية والديناميكية، التي طبعت تأسيسها وفترات طويلة من تاريخها، بعيداً عن الانشغال بالمكاتب الإدارية ووسائل الاتصال غير المباشرة.


سابعاً - أعاد الهجوم الظالم ضد «حدس» هذا التيار إلى الأذهان، وكأن عدد نوابها 30 وليس مجرد 3 أعضاء أفاضل هم الدكتوران ناصر الصانع وجمعان الحربش والمهندس عبدالعزيز الشايجي، وتوارت وراء الكواليس جماعات سياسية أخرى تملك العدد ذاته أو ضعفه، وهي دعاية مجانية، وإن كانت سلبية، إلا أنها أبقت ذكر «الحركة الدستورية الإسلامية» حاضراً بقوة، وشجعت الباحثين عن الحقيقة للاستفسار المباشر منها.


ختاماً، إن هذه «بعض» المكاسب التي حققتها هجمة الفاسدين المستفيدين من الوضع القائم، فشكراً لأولئك المتنفعين الذين انقلب سحرهم عليهم، ولولا الظلم والظلام لما تعرفنا على العدل والنور، «وبضدها تتميز الأشياء»، وكل جيل من أجيال الكويت يحتاج إلى مواقف مثل هذه، كي تعيد تذكيره وتعريفه بالصراع الأزلي بين المصلحين والمفسدين في هذه الأرض، والحمد لله أولاً وأخيراً.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

nashiri logo clear

دار ناشري للنشر الإلكتروني.
عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

 

اشترك في القائمة البريدية