لكن ما استغربه هو مرض الفضول أو بالكويتي (اللقافة) التي تنتشر في معظم أعضاء جسد مجتمعنا العجول، الذي سرعان ما تفاجأ من وصول النسوة الأربعة إلى المقاعد الخضراء، حتى بدأ بقراءة كف السياسة وفنجان الأوضاع ، ثم إصدار الأحكام بناء على تخيلات وتخمينات لا أدري من أين ولدت، وكم آلمني حين انتقل هذا المرض الفضولي الخبيث من أطراف الجسم إلى الدور العلوي، فنراه يسقم بل ويتلف خلايا بعض الأدمغة المثقفة والواعية، التي أيضا بدأت تحلل وضع المرأة وأدائها قبل نزولها لأول يوم من سيارتها في مواقف قاعة عبدالله السالم .
صبرا يا آل الكويت.. فإن موعدكم المجلس، ولماذا هذا الاستعجال في الحكم على أداء المرأة ؟ فمنذ أن أسفرت نتائج الفرز لانتخابات 2009 عن وجود (مارس) في المجلس، تشكلت فورا مجاميع أخرى، الأولى حكمت أنها حلة جديدة وحلم جميل وطعم لذيذ ..قبل أن يتذوقوه، والثانية تقول أنه فساد في الأرض وخراب للبيوت بل مرارة قاتلة ..أيضا قبل أن يتذوقوه، والفئة الثالثة كعادتها تفقد حاسة التذوق فما يهمها هو التهام الطعام مهما كان المذاق.
أمر آخر يحيرني أكثر من سابقه .. لماذا الحكم على المرء حسب جنسه ولونه وأصله؟ أين اختفى مطالبو المساواة والمنادون بالكفاءة ؟ الذين طالما رفعوا لافتات (لا فرق بين رجل وإمراة إلا بالانجاز) واليوم ينتظرون أداء المجلس ليصدروا الحكم عليه على أساس اللمسة الأنثوية ، ما هو مقياس نجاح المرء وتميزه؟ هل هو العقل والعلم والأداء؟ أم الجنس والمظهر والفصيلة ؟
أطرف معلومة تناقلتها وكالة يقولون تفيد بأن أداء النائبات الأربعة (مارس) ..هو ترمومتر الذي من خلاله سيقيس الشعب الكويتي حرارة عطاء المرأة في المجال السياسي، وبناء عليه سيمنع أو سيمنح المجتمع صوته للمرأة في المجلس المقبل !!
وعلى سبيل الخيال .. لنفترض لو أظهرت المرأة قدراتها الخارقة في العمل البرلماني،
واجتازت اختبارها بامتياز مع مرتبة الشرف من خلال أداء متمكن ومرضي للجميع،
هل هذا دافع ليكون المجلس المقبل نسوي بأكمله دون وجود أي صوت خشن.؟؟
أرجوكم .. ما هذا المنطق الغريب ؟؟
إذا الشعب الأمريكي جعلنا قدوته في آلية التفكير .. فذاك يعني أنه لو نجح باراك أوباما في قيادة الولايات المتحدة الأمريكية خلال فترة حكمه، إذن سيفتح البيت الأبيض بابه ليحضن أي شاب أسود ورشيق من أصل أفريقي؟!!
سمية محمد الميمني