في وقتنا الحالي، وفي ظل المتغيرات المتسارعة، فإن إدارة التغيير المجتمعي من أهم ما يميز الأمم الفاعلة عن غيرها التي تترك الأمور للصدف والظروف والوقت، حيث ان تطوير المجتمع الكويتي وتحسينه على مختلف الأصعدة، يتطلب منهجية تغيير مُحكمة تناسب ثقافتنا، وتساير امكاناته وقدراته المادية والبشرية، والعمل بهذا النهج يَشترط رؤية واضحة واستراتيجية فاعلة وتكتيكات ناجحة وأهدافا محددة وكوادر بشرية ذات قدرات مُتمكنة، فلا مكان هنا لارتجالية الرؤية وعشوائية التنفيذ.
لذا أعتقد جازمًا بأنه يجب علينا النظر إلى الأمور المجتمعية وأحداثها وظواهرها وأجزائها وصفاتها بصورة كاملة، سواء أكانت إيجابية أم سلبية، وعدم الاهتمام وتركيز الأضواء فقط على جزء أو أكثر من المنظومة المجتمعية وبناءً على رؤية تختزل الواقع وتجيره لصالحها. لذا أرى أن البهرجة السياسية التي تصاحب لجنة الظواهر السلبية في مجلس الأمة ليس لها داعٍ ولا أساس، فلو قسنا الأمور هكذا لأصبح مجلس الأمة متخمًا بلجان لا تعد ولا تحصى، لوجود أمور أكثر أهمية من هذه الظواهر السلبية.
إن الذكاء المجتمعي يستوجب فهم مُكونات الشؤون المجتمعية، واستنباط تفاعلاتها المستمرة، وقراءة اتجاهاتها المستقبلية، وذلك حتى يتم ترسيخ الظواهر الإيجابية منها وتدعيم مكانتها وتقوية أساساتها، ويتم في نفس الوقت التعامل مع أية عوارض قد تصبح ظواهر سلبية في المستقبل، فليس من الحكمة الانتظار حتى تتحول الأفعال إلى سلوكيات مجتمعية راسخة، وعليه فإنني اقترح هنا تأسيس لجنة للتغيير المجتمعي في مجلس الأمة قد تكون بديلًا مباركًا للجنة الظواهر السلبية.
من رحمة الله بنا سبحانه وتعالى أنه أعطانا أنظمة فكرية معقدة، نفكر بها حتى نستطيع أن نتعامل مع بيئة هي الأخرى معقدة الفكر ذات موضوعات متداخلة، لذا فإن المحافظة على ثقافة المجتمع وقيمه، ونقاوة فطرته، وبنيانه المرصوص، تحتاج منا إلى بذل جهود كبيرة غير عادية، ومن ذلك استخدام أنماط فكرية جديدة ومغايرة عما اعتدنا عليه في نظامنا الفكري التقليدي عند التعامل مع مستجدات الأمور تحافظ على هويتنا الإسلامية وثوابت المجتمع الكويتي، ترتقي بالمجتمع وتعيد توازنه الفطري، حيث ان فوائد قيادة التغيير المجتمعي وإدارته تساعد المجتمعات على النمو والازدهار لا شك.
وأقترح أيضًا لعدم ضمان استمرارية عمل المجلس لأي سبب كان، وللجانب الفني والمتخصص لعمل هذه اللجنة واحتياجها إلى محترفين ومؤهلين من مختلف تخصصات وفروع علمي التغيير والاجتماع، أن يتم تأسيس لجنة دائمة تمد لجنة التغيير المجتمعي في المجلس بالمصادر التي تساعدهم على تشريع القوانين المناسبة، لضمان أداء مجتمعي متوازن تكون الظواهر الإيجابية مهيمنة فيه لتقليص الظواهر السلبية مع علاجها، والتأكد من عدم بروز أي ظواهر سلبية جديدة في المستقبل مع تعزيز الظواهر الإيجابية وزيادتها بصورة دائمة وحثيثة، والله العليم الخبير.