لن يحدث أي تغيير جذري في الكويت، هذا ما أعتقده وبقوة، وذلك حتى يتم تغيير أسلوب التفكير الذي تتبناه الحكومة وطريقة التفكير التي ينتهجها مجلس الأمة، لأن الأصل في التفكير القيادي هو التفكير الاستراتيجي الذي يعمل لخدمة رؤية قيادية واضحة، للوصول إلى نتائج محددة، وذلك لتحقيق فوائد مجتمعية ترتقي بالمجتمع وترفع من قامة الدولة.
يبدو لي أنه لن يتحقق ذلك التغيير المبارك قريبا على أرض الواقع لتوافق سمات الحكومة ومجلس الأمة من حيث «الفشل في التنفيذ» بصورة عامة، والذي أصبح هذا التوافق، مزيجا ثقيلا في السنوات السابقة، وأظنه في الطريق ليصبح ثقافة سياسية تتميز بتفاعلات مجتمعية قوية، ولكن دون نتائج تلمسها الدولة، لأن هذا الخليط لا يميز ما بين الأنشطة التنفيذية لأي هدف، ونتائجه التي يجب تحقيقها حتى تصبح إنجازًا.
الذي أخشاه أن تقدم الرؤى الفردية المتفرقة والأيديولوجيات الجماعية على بناء الدولة، لأننا فقط نختلف في التفسير والتأويل، وتصبح كويت الدولة، كويت المشروع، فعندئذ نستحق جميعا القول «لا يَرى أبعدَ من أرنبة أنفه»، والذي يؤلمني أكثر أن هذه الأنشطة الإنسانية السياسية أصبحت أفعالا تم تكرارها حتى أصبحت عادات، وهذه العادات بتكرارها أيضا ومع مزجها بسلوكيات مكتسبة وموروثة، أضحت طبائع سياسية يتحلى بها بعض أعضاء الحكومة وبعض أعضاء المجلس.
إن التغيير الحقيقي لا يأتي مصادفة، ولكن نحن من يصنع هذا التغيير، والذي سوف يبدأ حتما بتأجيل التأجيل، والتركيز على المتفق عليه عند التأويل، وأن ينظر الأعضاء الكرام إلى مجلس الأمة على أنه مُكمّل لمؤسسات الدولة الأخرى، وعدم محاولة لعب جميع الأدوار، حتى لا يتعب اللاعب ولا نمل نحن اللعبة. أما أعضاء الحكومة، فنطلب منهم التضامن الشرعي الذي نص عليه حديث الرسول صلى الله عليه وسلم «انصر أخاك ظالما أو مظلوما…» [البخاري]، وليس الدستوري، حتى يستقيم الحال وتهدأ الأنفس ويتم تركيز النظر على المستقبل الذي سوف يصبح حاضرا وماضيا عما قريب.
>>> تم نشر هذا المقال أيضًا في جريدة الرؤية الكويتية: الكويت
ما بين التأجيل والتأويل!