في احتفال تقليدي أقامته اللجنة الملكية المانحة جائزة نوبل للسلام في مدينة أوسلو على شرف الرئيس الأميركي باراك أوباما بمناسبة منحه جائزة نوبل للسلام ، القى الرئيس أوباما خطابا في هذه المناسبة .
في خطابه الذي كرسه لتبرير حربيه على كل من أفغانستان والعراق ، بدا غير مقنع بأي شكل من الأشكال . وقد بررهما بنزوع الشرق الأوسط إلى التسلح النووي ، وما قد ينجم عن هذا التسلح من أخطار تهدد العالم بعامة ، والعالم الغربي بخاصة ، وتحديدا الولايات المتحدة الأميركية .
بداية أود أن أبدي رأيي في جائزة نوبل بعامة ، وجائزة نوبل للسلام بخاصة . على ما يبدو أن هذه الجائزة مكرسة لثلاثة فرقاء : الأول من منحوا إياها ، وفي الغالب لا ينتمون إلى العالمين العربي والإسلامي إلا ما ندر .
وأما الفريق الثاني فهم أؤلئك المنشقون الذين تطاولوا بشكل أو بآخر على ما يدور في مجتمعاتهم العربية ، أو الإسلامية ومنهم مثالا لا حصرا شيرين عبادي الإيرانية .
وثمة فريق ثالث من العرب الذين منحوا هذه الجائزة لأهداف خدمت مصالح غربية . مثالا لا حصرا الرئيس المصري الراحل أنور السادات ، ومحمد البرادعي ، والكاتب المصري نجيب محفوظ .
والحق يقال إنني قد دهشت واستغربت لدى سماعي أن الرئيس الأميركي الرابع والأربعين باراك أوباما الذي لم يمض على ولايته ما يقارب تسعة أشهر قد منح جائزة نوبل للسلام .
ولست وحدي من استغرب ودهش . فالرئيس الأميركي باراك أوباما نفسه علق على منحه هذا التكريم ، وهذه الجائزة بأنه قد فوجىء بها قائلا : لأكن صادقا لا أشعر أنني أستحق أن أكون برفقة هذا العدد من الشخصيات التي كرمتها هذه الجائزة .
ومما لا شك فيه أن تعليقه هذا إنما جاء لاستيعاب حملة مضادة لفوزه بهذا التكريم . فقد انتقد الحزب الجمهوري الأميركي المعارض فوزه بهذه الجائزة ، كذلك كانت هناك انتقادات من جهات فلسطينية وعربية وإسلامية ودولية .
وحسب ما أظن أن هذه الجائزة تمنح لمن لهم إسهامات وتضحيات عظيمة في موضوع السلام العالمي ، أو حقوق الإنسان ، أو النضال من أجل توطيد الديموقرطية في البلدان التي تفتقر إليها .
أما فيما يخص الرئيس الأميركي باراك أوباما ، فكما يقول المثل العربي " ليس له في القصر ، إلا أمس العصر " . وهناك أكثر من مأخذ على سياساته التي يفترض بها أن تحول دون حصوله على هذه الجائزة العالمية .
أولى هذه المآخذ سياسته الضعيفة والهشة والمتهاونة فيما يخص الشرق الأوسط ، وتحديدا القضية الفلسطينية التي لم يوجد لها حل حتى الآن جراء تهاونه مع الكيان الصهيوني ، فيما يخص موضوع الإستيطان والتمادي فيه إلى أبعد حدود .
وهناك غير الإستيطان ، عدم اعترافه الصريح بأن هناك احتلالا للأراضي الفلسطينية ، وإغماض عينيه عما يدور في القدس والمسجد الأقصى المبارك . وباختصار فإنه لم يفعل شيئا من أجل إقامة الدولة الفلسطينية . وتبقى الحال على ما هي عليه ، بل إنها في عهده ساءت كثيرا.
هذا على المستوى الفلسطيني . أما على المستوى العربي ، فإنه لم يفعل شيئا لإنهاء احتلاله للقطر العراقي الشقيق الذي عانى الأمرين ، وما زال يعاني جراء هذا الإحتلال البغيض والعدوان الآثم على شعب العراق الذي خسر من أبنائه قرابة المليون ، وما زالت الملايين من أبنائه مشردة بعيدة عن أوطانها .
وأما على المستوى الإسلامي ، فإن العدوان على أفغانستان وباكستان ما زال قائما ، ولا يبدو في الأفق ما يبشر بانتهائه ، بل العكس هناك إصرار من قبله على توسيع رقعة القتال ، وتزويدها بمزيد من القوات العسكرية والعتاد والأسلحة .
أما على المستوى الإنساني ، فهو لم يفعل شيئا لإغلاق معتقل جوانتينامو سيء السمعة ، وعلى ما يبدو أن وعوده بإغلاقه ليست جادة .
وهنا أكتفي فيما يخص فلسطين والعراق والعالم العربي وكلا من باكستان وأفغانستان ، ومئات المعتقلين في سجن جوانتينامو من جنسيات عربية وإسلامية مختلفة . ولن أتطرق إلى موضوعات أخرى ذات صلة بالموضوع .
في اعتقادي أن هذه المقدمات كافية لتحجب عن هذا الرئيس الأميركي جائزة نوبل للسلام . فهو منحاز قلبا وقالبا للكيان الإسرائيلي وليس مستبعدا أنه يماطل ، كما ماطل الرؤساء الأميركيون من قبله .
إن باراك أوباما رئيس ضعيف ، ولم يفعل شيئا لا هو ولا أي رئيس أميركي من قبله شيئا من أجل السلام ، هؤلاء الرؤساء الذين افتقروا إلى العدل والمساواة ، وكالوا بأكثر من مكيال في سياساتهم فيما يخص القضايا العربية العادلة . وهو نفس المكيال الذي تكيل به اللجنة المانحة لجائزة نوبل للسلام . خلاصة القول " " لقد نالها ، ولكنه لا يستحقها " .