قد لا يختلف اثنان في أن الأمازيغية صارت تشغل حيزا كبيرا في المجال التداولي المغربي، بمختلف أنساقه الفكرية والسياسية والتربوية والإعلامية والتنموية، وغير ذلك، لا سيما في العقدين الأخيرين؛ العشرية الأخيرة من الألفية الثانية الماضية، والعشرية الأولى من الألفية الثالثة القائمة، غير أنه قد يختلف اثنان في رؤيتهما للأمازيغية، وتفسيرهما للقضايا التي تمت، بشكل أو بآخر، إليها، وما أكثر هذه القضايا التي يتخذ النقاش حولها طابعا جدليا ساخنا، وتنحو الأسئلة التي تثار حولها منحى إشكاليا شائكا، إلى درجة أنه كل لحظة يطفو على سطح الواقع المغربي مستجد ما، يرتبط بالملف الأمازيغي، غالبا ما يستقطب أنظار الرأي العام، ويسترعي انتباه الرأي الخاص الوطنيين، سواء بسواء.
ويعتبر حدث زيارة ثلة من التربويين الأمازيغ المغاربة الأخيرة إلى الكيان الإسرائيلي، أهم مادة إعلامية دسمة، تناولتها مختلف وسائط الإعلام المغربية والعربية والدولية، والعالم على مشارف الاحتفاء بحلول السنة الميلادية الجديدة، وما يهمنا في هذه الورقة، ليس ذلك الحدث في حد ذاته؛ كيف تم؟ ومتى حصل؟ وإنما قراءة أهم المواقف السياسية والفكرية والإعلامية التي نشأت من جرائه، ثم التنقيب في الأسباب المعلنة والخفية التي تقف وراء وقوعه.
لكن قبل الشروع في معالجة تلك الحيثيات، التي تتعلق بحدث (الزيارة الأمازيغية إلى إسرائيل)، يقتضي منا السياق أن نوطئ للموضوع بجملة من الأفكار المشروعة والمشرعة، التي تنبثق في خلد أي إنسان وهو يقرأ أو يتأمل هذا الحدث.
- في الحقيقة، إن التاريخ يشهد على تلك الأعداد الغفيرة من اليهود الذين هاجروا إلى المغرب، فاستقروا فيه واندمجوا في المجتمع المغربي، بل وساهموا بقسط وافر في الثقافة المغربية، من خلال مختلف الأنشطة التجارية والصناعية والثقافية والدينية. من هذا المنطلق فإن المكون اليهودي أساسي في تبيان حقيقة التاريخ المغربي، وأي تغييب له، يعني الإخلال بالمنهج العلمي الموضوعي في دراسة هذا التاريخ، مما يترتب عنه تقديم حقائق تاريخية منقوصة أو مزيفة. إلا أنه ينبغي التفريق بين ذلك اليهودي الصهيوني المعتدي، الذي جاء من الشتات، وهو يحشد الدعم العالمي، ليغتصب أرض الغير، ويعتدي على حرمات المسلمين، وبين ذلك اليهودي المؤمن المسالم، الذي يعامل المسلمين باعتبارهم إخوة له في توحيد الله، وشركاء له في الوطن الذي يستقر فيه، وهذا ما ينطبق على العديد من اليهود المغاربة، الذين إما نزحوا إلى المغرب، أو أنهم ذوو أصول أمازيغية صرفة. فليس من العيب أن نتعامل مع هذه الشريحة الاجتماعية، تعاملا إيجابيا، وفق ما تنص عليه قوانين الدولة، وتقاليد المجتمع الإسلامية، مع إشعارهم الدائم بخطر الصهيونية العالمية، التي تسئ إلى الدين اليهودي نفسه.
- بعد تاريخ من الصراع الدموي الطاحن بين الفلسطينيين والصهاينة، الذي تخللته حروب شرق أوسطية متعددة نشبت بين العرب وإسرائيل، ومجازر رهيبة اقترفها الكيان الصهيوني الغاشم في حق الفلسطينيين الأبرياء والعزل، وانتفاضات صامدة قام بها الشعب الفلسطيني بمختلف مكوناته وتياراته، سوف تأتي اللحظة التي سيجلس فيها طرفا المعركة على مائدة واحدة، للتفاوض والتفاهم، لا سيما بعد توقيع إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية اتفاقية أوسلو في سبتمبر 1993، وسيلي ذلك انسحاب الجيش الإسرائيلي منذ أوائل عام 1996 من مدن وبلدات الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث سوف يصبح ياسر عرفات رئيسا للسلطة الوطنية الفلسطينية، وبعدئذ سوف تطرأ العديد من الأحداث والمستجدات، كوفاة عرفات في 2004، وانتخاب عباس خلفا له، وانتصار حركة حماس في انتخابات 2006، وصعودها إلى الحكم ثم الانقلاب عليها... وغير ذلك كثير، (عن دراسة تاريخ النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، الجزء الأول والثاني، مترجم عنHistory of Israel & Palestine Part I and II الناشر: MidEastWeb for Coexistence RA)، إلا أن ما يهمنا من هذا كله، حسب سياق موضوعنا، هو ذلك التقارب الكبير الذي تم بين ممثلي السلطة الوطنية الفلسطينية، والكيان الصهيوني، حتى أنهم أصبحوا مجرد عملاء له يحكم من خلالهم تلك الأجزاء المستقلة من فلسطين! وهذا ما سوف يكشف عنه العدوان الأخير الذي مارسته إسرائيل على قطاع غزة، إذ ظهر للعيان تواطؤ السلطة الوطنية الفلسطينية بقيادة عباس مع الصهاينة، على حساب إخوانهم المجاهدين في غزة! حتى أن أكثرهم تفوه بتصريحات غريبة، فحواها أنهم يتمنون إطاحة إسرائيل بحكومة حماس المقالة، والقضاء التام على حركتها المعاندة!
- رغم أنه نشأ صراع مرير بين العرب وإسرائيل، ترجم في حروب كبرى (حرب 1948، العدوان الثلاثي 1956، حرب الأيام الستة 1967، حرب العاشر من رمضان 1973، حرب لبنان 1982)، إلا أن ذلك لم يقف عقبة في إقامة علاقات رفيعة المستوى بين بعض الأنظمة العربية والكيان الصهيوني، استهلها الرئيس المصري محمد أنور السادات، الذي وقع اتفاقية مع إسرائيل في سبتمبر 1978 بمنتجع كامب ديفيد، ثم التقاء الحسن الثاني مع شمعون بيريز سنة 1985 بقصر إفران، واتفاقية السلام الإسرائيلية الأردنية في أكتوبر 1994، وغيرها من العلاقات التطبيعية المعلنة والسرية بين مختلف الأطراف العربية والكيان الصهيوني.
- ثم إنه من أهم النتائج الملموسة التي أسفرت عنها تلك العلاقات العربية الإسرائيلية، هي حرية التنقل بين بعض الدول العربية والإسلامية والدولة العبرية، وفيما يتعلق بحالة المغرب، فإن هذه الحرية ليست مقتصرة فقط على الأشخاص رفيعي المستوى، كبعض المسئولين (شمعون بيريز 1985، تسيبي ليبني 2009)، والمثقفين والكتاب والفنانين، وإنما تعدتهم إلى المواطنين العاديين، إذ كشف تقرير مركز الإحصاء الإسرائيلي، أن المغرب تصدر لائحة السياح العرب إلى إسرائيل خلال سنوات 2006 و2007 و2008، فقد زار 28 ألف و419 مغربي في الثلاثة أشهر الأولى من سنة 2008 الكيان الإسرائيلي! لعل هذا الرقم يبدو طبيعيا إذا ما تم ربطه بزيارة اليهود المغاربة لذويهم الذين هاجروا إلى إسرائيل، واستقروا فيها، أما الأمر غير الطبيعي فهو أن العديد من المغاربة غير اليهود، يهاجرون إلى الكيان الصهيوني للعمل هناك، بل ومنهم من يحلم بنيل الجنسية الإسرائيلية، غير مكترث بأنه يتعامل مع أكبر عدو للإسلام والمسلمين، وأنه يعتبر بذلك طرفا مباشرا في تلك المؤامرة الخبيثة!
أثناء تفحص هذه الأفكار والحقائق سواء في بعدها التاريخي، أم في بعدها الواقعي، ندرك أن المكون اليهودي أو الصهيوني يقدم في الظاهر باعتباره (طابوها) محرما، غير أن الذين يدعون إلى تحريمه، يتعاملون معه في الخفاء؛ فممثلو السلطة الوطنية الفلسطينية مسموح لهم بأن يصالحوا ويؤاخوا جلادهم الإسرائيلي، والأنظمة العربية حلال على ملوكها وزعمائها أن يهرعوا إلى أسيادهم الصهاينة، والشعب الإسرائيلي يتمتع بحرية التنقل أينما يشاء على خارطة الأمة الإسلامية، والشعوب العربية بدورها يحق لها أن تزور الكيان الصهيوني من أجل العمل أو السياحة.
غير أنه عندما يتعلق الأمر بزيارة ثلة من المثقفين الأمازيغ لإسرائيل، تقام في المغرب الدنيا ولا تقعد! فيا لها من مفارقة عجيبة تنم عن ازدواجية في الخطاب، يُغض فيه الطرف عما لا يحصى من المواقف الرسمية المؤثرة المتواطئة مع الكيان الصهيوني، وتحاسب زمرة من المثقفين العاديين على زيارة بسيطة لإسرائيل، وتتهم بالعنصرية والتآمر والتصهين والعداء!
ملابسات الزيارة الأمازيغية لإسرائيل
لقد سبق لرئيس الحزب الديمقراطي الأمازيغي المنحل، السيد أحمد الدغرني أن زار إسرائيل في ديسمبر 2007، وقد تم التساؤل أثناءها عن الدواعي التي دعت هذا المناضل الأمازيغي للقيام بتلك الزيارة، ولم يقتنع المتتبعون لهذه القضية بذريعة حضور الحزب في ندوة نظمتها منظمة الأمن والتعاون الأوروبي بتل أبيب، فكان أن تكتلت معظم الآراء حول استنكار هذا الفعل. وهذا ما سيتكرر بالذات عندما سوف تنظم زيارة أخرى من قبل مجموعة من المثقفين الأمازيغ لإسرائيل، وذلك بتاريخ 23 نوفمبر 2009، كما ورد في مجلة الرابطة اليهودية الرقمية، إذ قام بهذه الزيارة عشرون أستاذا أمازيغيا، للمشاركة في حلقة تكوينية حول (المحرقة اليهودية)، نظمها معهد ياد فاشيم الإسرائيلي، وهي أول زيارة لوفد من دولة إسلامية، كما أن المعهد يأتيه لأول مرة في تاريخه هذا العدد من العالم العربي، وهذا في غاية الأهمية، خصوصا وأنهم سوف يقومون بتدريس موضوع المحرقة لسكان بلد مسلم، كما صرحت مديرة المعهد دوريت نوفاك لوكالة الصحافة الفرنسية في القدس. ثم إن مجلة الرابطة أشارت إلى جمعية سوس العالمة للصداقة الأمازيغية اليهودية، باعتبارها هي التي أشرفت على تنظيم هذه الزيارة، وقد تم الإعلان عن تأسيس هذه الجمعية سنة 2007، وتربطها علاقة بإسرائيل، إذ تعمل على التعاون في مختلف الميادين السياسية والثقافية والسوسيو اقتصادية.(اعتمدنا مقال الصحافي جواد غسال المنشور في جريدة التجديد بتاريخ: 28-11- 2009).
هكذا فإن قراءتنا الأولية لحدث هذه الزيارة، كما تناقلته مختلف قصاصات الأخبار ومقالات الصحافيين، استنادا إلى ذلك الخبر الذي نشرته مجلة الرابطة الرقمية اليهودية، لا تكتمل إلا بالتريث عند ثلاثة عناصر جوهرية في هذه الزيارة، وهي كالآتي:
- تدريس موضوع المحرقة اليهودية: إن زيارة أولئك التربويين الأمازيغ إلى إسرائيل ذات طابع أكاديمي محض، كما أثبت ذلك أكثر من مشارك فيها لبعض وسائل الإعلام (بنحسي، الداعور، أوداعديد)، وهذا ما أكدته كذلك مديرة المعهد المنظم لتلك الحلقة التكوينية حول المحرقة، السيدة دوريت نوفاك، غير أنه ما مدى المعرفة الحقيقية لأولئك الأساتذة بقضية الهولوكست، التي شهدت نقاشا ساخنا بين العديد من المثقفين والمفكرين الغربيين، الذين انقسموا ما بين مساند للرؤية الإسرائيلية المضخمة لحدث المحرقة، وبين معارض لها عن طريق التشكيك في حقيقة ضحايا تلك المحرقة النازية، بل وقد وصلت الأمور إلى حد الاعتداء على بعض المشككين ومحاكمتهم، كما حصل للمفكر الفرنسي روجي جارودي، ثم ألا يعي أولئك الأساتذة بأن موضوع المحرقة كما تقدمه الدراسات الإسرائيلية الرسمية، التي تندرج في إطارها تلك الحلقة التكوينية، جد مبالغ فيه بشكل لا يقبله منطق أي إنسان عادي، إذ يزعم أن ضحايا المحرقة قدر بحوالي ستة ملايين شخص يهودي، في حين كان "العدد الإجمالي لليهود الذين كانوا آنذاك يستوطنون ألمانيا والدول الأوروبية التي احتلتها، يربو بقليل على ثلاثة ملايين، وهذا المعطى ورد في الكتاب اليهودي السنوي:(5702)؛ فمن أين جاء الرقم ستة؟! ثم إن هناك أكثر من مصدر غربي يشير إلى أن عدد اليهود الذين تمت تصفيتهم في المحرقات الألمانية يحدد في المليون وربع مليون قتيل، كما جاء في كتاب (القضاء على يهود أوروبا) لكاتبه رؤول هلبرج، أو في أقل من المليون كما ذكر معهد التاريخ بباريس". (ينظر كتابنا: الموت على طريقة الكوبوي، مركز الحضارة العربية – مصر/2009). على هذا الأساس، هل حقا أن هدف هذه الزيارة أكاديمي محض؟ إن كان الأمر كذلك، أليس موضوع تلك الدورة التكوينية غير أكاديمي، لا سيما وأنه تعرض إلى موضوع أيديولوجي؟ إذن، كيف يمكن تفكيك هذا التناقض العجيب؟!
- اعتبار الأساتذة الزوار من الوطن العربي: مما لا شك فيه، أن أولئك الأساتذة الذي شملتهم تلك الزيارة، يعتبرون أكثر المثقفين الأمازيغ تمسكا بالهوية الأمازيغية، بل ومنهم من يعتبر بلاد تامزغا مستعمرة عربية ينبغي تحريرها، غير أنهم لم يفطنوا إلى أنهم يظلون في عيون الإسرائيليين مجرد عرب، ينحدرون من العالم العربي المعادي للكيان الصهيوني، وهذا ما لمسناه في تصريح مديرة المعهد، التي ابتهجت بهذا الحضور الكبير لأول مرة من الوطن العربي، فلم نسمع أي واحد من أولئك الأساتذة المناضلين ينفي أو يصحح ما قالته السيدة دوريت نوفاك، بأنهم ينتمون إلى بلاد تامزغا المستعمرة من العرب، وأنهم ليسوا عربا!
- جمعية سوس العالمة للصداقة الأمازيغية اليهودية: إن الهدف الأساس الذي تتبناه هذه الجمعية كما جاء في بلاغها التأسيسي هو "الحفاظ على الموروث الحضاري والتاريخي والهوية الأمازيغية لليهود ذوي الأصول المغربية، والتواصل مع جذورهم وجعلهم فاعلين في التنمية المحلية بمسقط رأس أسلافهم بالمغرب"، ثم ورد في بيان ثان أن تأسيس هذه الجمعية "أمر عادي ما دامت اليهودية تعد رافداً من روافد الثقافة المغربية، وبالتالي رَفْضُ الرافد اليهودي بالمغرب هو رفض لجزء من هوية المغرب التي لا يمكن تقسيمها أو تجزيئها". ربما لا أحد في المغرب يعارض مثل هذه الأهداف في حد ذاتها، فهي تعضد خصوصية التنوع الثقافي الذي تتميز به الحضارة المغربية، التي يمثل فيها المكون اليهودي رافدا مهما، إلا أن ما يستدعي المعارضة والرفض هو التوظيف الأيديولوجي لمثل هذه الأهداف، وهذا ما اتضح بجلاء تام في تصريحات العديد من المنتمين إلى هذه الجمعية، خصوصا بعد عودتهم من تلك الزيارة (الأكاديمية!) لإسرائيل.
الإجماع الوطني على استنكار الزيارة
باستثناء موقف زمرة من المثقفين الأمازيغ الذين كانوا ينتمون في الماضي القريب إلى الحزب الديمقراطي الأمازيغي المنحل، والآن ينخرطون في جمعية سوس العالمة للصداقة الأمازيغية اليهودية، وبعض الكتاب الشباب المتعاطفين معهم، يبدو أن أغلب مكونات المشهد الثقافي المغربي والأمازيغي سارعت إلى التنديد بهذه الزيارة، وقد تخللت مقالات الصحافة المغربية الورقية والرقمية مختلف التصريحات حول هذا الشأن (بما فيها تصريحات الكثير من ممثلي الحركة الثقافية الأمازيغية)، التي أجمعت على الرفض الصريح لهذه المبادرة، التي تندرج في نطاق التواطؤ المعلن مع الحركة الصهيونية الظالمة، والتآمر على القضية الفلسطينية العادلة.
ثم إنه عندما يصدر مثل هذا الموقف عن المثقفين والمؤسسات المغربية المحسوبة على التيار العروبي القومي، فيبدو ذلك الأمر طبيعيا، أما عندما يصدر عمن يحسبون على الحركة الثقافية الأمازيغية، فإن ذلك يطرح أكثر من علامة استفهام، وهذا ما حصل في قضية هذه الزيارة، إذ عبرت العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان عن "تنديدها الشديد للزيارات المشبوهة التي يقوم بعض الأمازيغيين إلى إسرائيل، وبذلك بسبب عدم استفادة القضية الأمازيغية شيئا من هذه الزيارات المشئومة وما تمثله من إساءة لباقي الأمازيغيين ومن تجريح لمشاعر إخواننا العرب المغاربة". (بيان العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان)، وعلى الدرب نفسه يمضي رئيس الكونغرس العالمي الأمازيغي السيد خالد الزيراري، الذي صرح لجريدة المساء بـ "إنه يرفض مثل تلك المبادرات، وإنه شخصيا تلقى دعوة قبل عامين من مركز موشي دايان لدراسات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لإلقاء محاضرة في تل أبيب لكنه رفض." بل وأكثر من ذلك فقد وصف من يقومون بذلك بأنهم مجرد "شرذمة أو قراصنة" لا غير! (ع 1001 الخميس 10 ديسمبر 2009)، ويضيف السيد عبد السلام بوطيب، رئيس الذاكرة المشتركة والمستقبل، بأنه لا يمكن الادعاء بأن هذا الوفد يمثل أمازيغ المغرب؛ لأن مثل هذا الادعاء يتعارض مع أبسط أبجديات العمل السياسي. (إذاعة هولندا العالمية).
ونحاول في هذا الصدد جرد أهم المواقف التي انطوت عليها تلك تصريحات بعض المشاركين في تلك الزيارة.
موقف التواطؤ: إذ رأى بعض المثقفين المغاربة والأمازيغ في هذه الزيارة تواطؤا معلنا مع الكيان الصهيوني، يعتقد رئيس جمعية سوس العالمة، السيد إبراهيم بواغضن أن المخطط الصهيوني قام باختراق التنوع الإثني بالمغرب، وأن على الدولة المغربية بكونها ترأس لجنة القدس، بالتحرك ضد مثل هذا الفعل، عن طريق تطبيق قوانين زجرية ضد هذه المجموعة. (جواد غسال، جريدة التجديد) كما اعتبر المحامي خالد السفياني هذه الزيارة "عملا مخابراتيا إسرائيليا"، وقال بأنه "يجب أن نميز بين أمازيغ المغرب، وبين حفنة من عملاء المخابرات الصهيونية والأمريكية في المغرب، سواء كانوا أمازيغ أو غير أمازيغ. أمازيغ المغرب أبرياء، ولا يمكن أن يلصق بهم عار التنسيق والاعتراف بكيان عنصري". (أمازيغ المغرب يتعرفون على تاريخ ’المحرقة‘ في إسرائيل، محمد أمزيان، موقع إذاعة هولندا العالمية)
موقف التطبيع: تكاد تلتقي أغلب الآراء حول فكرة أن المنشود من هذه الزيارة، هو تعبيد الطريق إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني، ويمكن أن يستثمر الملف الأمازيغي كورقة في هذا الصدد، يقول الباحث الأمازيغي الأستاذ عبد الله أوباوي أن ''هناك مخططا واسعا يتم تنفيذه يقوم على استدراج بعض من يشتغلون في الحقل الأمازيغي إلى المشروع السياسي الصهيوني؛ يعمل في نسق متكامل على استهداف جميع المجالات الممكنة في التطبيع." (جريدة التجديد) ويردد الأستاذ عمر الفاتحي الرأي نفسه، بقوله: "زيارة إسرائيل من طرف بعض قيادي وأعضاء الحزب الديمقراطي الأمازيغي، لم يكن الهدف منها الحضور لأشغال ندوة نظمتها منظمة الأمن والتعاون الأوروبي، بل تدخل في نطاق التطبيع مع إسرائيل." (الأمازيغية بالمغرب ومحاولات التطبيع مع إسرائيل، عمر الفاتحي، الحوار المتمدن - العدد: 2230 – 2008/3/24)، أما الأستاذ مصطفى الخلفي، فيوضح أكثر، عندما يكتب: "الواقع أن الموضوع الذي اختير للزيارة (...) يكشف دلالة الرهان الصهيوني على الورقة الأمازيغية عبر السعي لتوظيفها لمصلحة التطبيع الكلي مع المنطقة المغاربية، والذي يعيد التذكير بالرهان الذي حصل على الورقة الكردية قبل حوالي العقدين وخاصة بعد حرب الخليج الثانية." (إسرائيل والورقة الإثنية في العالم العربي، مصطفى الخلفي، صحيفة العرب القطرية، 14-12-2009)، إلا أن كل هذه المبادرات، كما يؤكد الصحافي إدريس الكنبوري، "في اتجاه التطبيع مع إسرائيل لا تلقى إجماعا داخل النسيج الجمعوي الأمازيغي." (الخلفيات الحقيقية لتطبيع بعض الأمازيغ مع إسرائيل، إدريس الكنبوري، جريدة المساء العدد 992 الاثنين 30 نوفمبر 2009).
موقف الانتقام من العرب والمسلمين: إذ أن أولئك الذين نظموا تلك الزيارة، حاولوا من خلالها أن يكشفوا تارة أولى عن رفضهم للهيمنة العروبية على بلاد تمازغا، وتارة أخرى عن أن القضية الفلسطينية لا تعني الأمازيغ في شيء! يعتبر الأستاذ رضوان جراف تلك الزيارة بمثابة "نكاية في العرب والمسلمين فهم يوطدون علاقاتهم بالكيان الصهيوني وينفتحون عليه، باعتباره عدوا للعرب والمسلمين يحتل أرضهم ويسفك دماءهم ويشرد أبناءهم، وفي دلك عزاء لهم وانتقام لهم من أعدائهم." (أمازيغ خارج السياق، رضوان جراف، جريدة هسبريس الإلكترونية)، أما الأستاذ خالد السفياني، فيستبعد أن يكون الأمازيغ مستهدفين من قبل العرب والمسلمين، يقول: "إذا قصدت المؤتمر القومي العربي، فأحد المؤسسين الرئيسيين له هو المرحوم الفقيه البصري، وهو أمازيغي، والسيد امحمد بن سعيد آيت يدر. وإذا تحدثت عن القوى القومية الإسلامية، ستجد على رأس معظم التنظيمات الإسلامية أمازيغ. هل سعد الدين العثماني ليس أمازيغيا، وهو قضى مدة طويلة رئيسا لحزب العدالة والتنمية، وآخرين في التنظيمات اليسارية. ليس هناك بالنسبة لنا أي فرق بين أي مواطن كان. هناك الانتماء للوطن، وفيه نتساوى". (إذاعة هولندا العالمية).
لماذا هذه الزيارة إلى إسرائيل؟
حسب تصريحات طرفي هذه القضية؛ الأساتذة الأمازيغ/الضيوف، والمعهد الإسرائيلي/المضيف، إن هذه الزيارة ذات بعد أكاديمي خالص، كان القصد من ورائها تقديم دورة تكوينية لأولئك التربويين حول موضوع المحرقة اليهودية. غير أنه بتتبعنا لهذه القضية من ألفها إلى يائها، استخلصنا أن البعد الأكاديمي المزعوم باهت ويكاد يغيب، هذا ليس استنادا إلى ردود الفعل التي نشأت حول تلك الزيارة، كما اتضح من المواقف السابقة المجمعة على رفضها واستنكارها، وإنما ارتكازا أولا على طبيعة الموضوع المدروس الذي لا يمت بصلة إلى ما هو علمي وأكاديمي، فهو موضوع سياسي وأيديولوجي وترويجي بامتياز، ثم على الأسباب المعلنة والخفية التي حفزت تلك المجموعة الأمازيغية على الإقدام على ذلك الفعل. بمعنى أنه لا يتأتى استيعاب حقيقة ما وقع إلا بالدنو أكثر من معدن أولئك الأشخاص، الذي يتحدد من خلال تركيبتهم السيكولوجية، ونوعية تحصيلهم العلمي، وطبيعة تفسيرهم لهذه القضية.
وبعد القراءة المتأنية في ضوء هذه المحددات، تم التوصل إلى المحصلات الآتية، التي من شأنها أن تحدد طينة هذه الزمرة من المثقفين الأمازيغ:
- الاصطدام مع الدولة المغربية: أغلب الأشخاص الذين تشكل منهم الوفد الأمازيغي الذي زار إسرائيل، يعانون من مشاكل عدة مع السلطات المغربية، نتيجة نظرتهم الساخطة إلى المخزن، وتعاطيهم السلبي مع كل من يمت بصلة إلى الدولة، ومرد هذا السلوك الذي يتعاملون به، إلى الرؤية المتذمرة التي يحملونها، فيما يتعلق سواء بالنظام القائم الذي يدعون أنه قومي عروبي يقصي الإثنية الأمازيغية، أم بالمواطنين المغاربة الذين ينحدرون من أصل عربي، وهي في الحقيقة رؤية مختلة وغير متوازنة؛ أولا لأن قسطا عظيما من أصحاب القرار في المغرب، حكومة وأحزابا وقضاة وأمنا وعسكر، وغيرهم، هم أمازيغيون أقحاح، وثانيا تفاديا لآفة التمييز العنصري، لا ينبغي الحديث عن مواطن أمازيغي صرف، أو مواطن عربي خالص، وإنما عن مواطن مغربي، خصوصا وأنه تم تمازج تاريخي وواقعي كبير بين هذين الجنسين، فتمزغت قبائل عربية، وتعربت قبائل أمازيغية، وأصبح العديد من المواطنين المغاربة يتكلمون كلا اللغتين؛ الأمازيغية والعربية، ويحملون كلا الثقافتين؛ الأمازيغية والعربية في ضوء التعايش الاجتماعي الذي تقره تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، لذلك فلا مدعاة لأن نعادي الآخر ونشتمه؛ دولة أو مواطنين، بدعوى أننا نناضل من أجل إنصاف القضية الأمازيغية، فالنضال له آلياته الفعالة وأخلاقه الرفيعة، أما أن تظل حبيس الغوغائية الأيديولوجية والقدح المهين في الغير، فهذا لن يخدم الأمازيغية وغيرها من القضايا الوطنية في شيء!
- الشعور بالظلم والإقصاء: يفهم من تصريحات بعض المثقفين الأمازيغ أن الدولة المغربية تمارس عليهم الظلم، وأن القوميين المغاربة يعاملونهم بالإقصاء، وأن المواطنين المغاربة العرب ينظرون إليهم بازدراء وتنقيص، يقول أحد المشاركين في تلك الزيارة وهو محمد الداغور من جمعية تامينوت، في تصريح لجريدة أسيف الرقمية: "إن مصير هذه الثقافة وهذه الحضارة (الأمازيغية) يوجد بين أيادي أبنائها وحدهم لإنقاذها من أنياب العروبيين، الذين يناضلون يوميا لاجتثاث ما تبقى من معالمها الجميلة"، ويقول محمد أجعجاع مؤسس (الاختيار الأمازيغي): "الفلسطينيون يدافعون عن أرضهم ونحن أيضا، وهذا قاسم مشترك بيننا، هم يتحدثون عن التهويد ونحن نتحدث عن التعريب". (جريدة المساء ع 1001)، وهذه التصريحات الشاذة لا يمكن إرجاعها إلا إلى عقدة النقص التي يعاني منها هؤلاء، تجاه الدين الإسلامي لغياب الوازع الإيماني لديهم، وتجاه الجنس العربي من جراء تأصل النزوع العنصري في ذواتهم.
- معاداة الإسلام: ويتجلى غياب الوازع الديني لدى هؤلاء من خلال سلوكاتهم المعادية للإسلام، التي تطفو من حين لآخر على سطح الواقع المغربي، كما حصل قبل بضع سنوات عندما تكهن أحمد الدغرني بأن الإسلام سوف يخرج من المغرب كما خرجت المسيحية واليهودية، وها هو الآن قد يمم وجهه شطر اليهودية، بتأسيس جمعية الصداقة الأمازيغية اليهودية، وزيارة الدولة العبرية، ثم أنه قبل مدة وجيزة، وبالتحديد أثناء الملتقى الأمازيغي الثاني، الذي عقد في سبتمبر 2009 بمدينة الناظور، اعتبر ناشطون أمازيغ "وجود نصوص قرآنية في جل الكتب الدراسية كالتلاوة والتاريخ وحتى مواضيع الإنشاء بـ "الخطير جدا"، يهدم الذاكرة الجماعية للأمازيغ". واليوم يتكرر السيناريو نفسه، إذ اختارت هذه المجموعة الأمازيغية التوجه إلى ألد عدو تاريخي وواقعي للإسلام، وهو الكيان الصهيوني، الذي يعيث فسادا في القدس الشريف، أول قبلة للمسلمين، ومسرى نبيهم الكريم صلى الله عليه وسلم، فلو كانت في قلوب هؤلاء المهرولين ذرة من إيمان، لما أقدموا على هذا الانبطاح أمام أسيادهم الصهاينة!
- الاستهتار بالقضية الفلسطينية: عندما نتصفح أقوال وتصريحات بعض المشاركين في تلك الزيارة، ندرك مدى استخفافهم بالقضية الفلسطينية، والتهرب منها بذرائع سخيفة، كاستخدام مصطلح الإرهاب الفلسطيني، يقول عبد الله بن حسي: ""نحن في المغرب معتادون على سماع أسطوانة مشروخة أبطالها هم مجموعة مساندة الكفاح أو الإرهاب الفلسطيني والعراقي"، (إذاعة هولندا العالمية)، واعتبار أن الصراع الفلسطيني الصهيوني لا يعني الأمازيغ، كما قال الدغرني للجزيرة نت: "إنه لا يجد غضاضة في زيارة إسرائيل وإقامة علاقات معها، مبررا موقفه بأن الصراع مع إسرائيل لا يعني الأمازيغ"، وهذا نفسه ما يذهب إليه كل من بوبكر أودعديد وإبراهيم أمقراز، من مؤسسي جمعية الصداقة الأمازيغية اليهودية، إذ صرحا بما يلي:"نحن لا نكن لإسرائيل أي شعور بالعداء، لأن الصراع يجري بين الإسرائيليين والفلسطينيين وهو يهمهم وحدهم، وبيننا وبين تلك الحرب آلاف الكيلومترات فهي لا تهمنا". (أمازيغيون مغاربة يسعون لإنشاء جمعية صداقة إسرائيلية، حسن السرات، الجزيرة نت، الخميس 3-1-2008).
- الانبهار الطائش بالآخر: إن ظاهرة الانبهار بالحضارة الغربية مثلا مسألة جد عادية، عبر عنها العديد من المفكرين والكتاب الذين زاروا أو عاشوا في الغرب، غير أن هذا الانبهار لما يتعدى حده، ينقلب إلى ضده، الذي هو الانسياق والتبعية والذوبان، وهذا ما حصل لهذا الوفد الأمازيغي، الذي أعجب بالاحتفاء الإسرائيلي بهم، "الاهتمام بنا فوق كل تصور، والاستقبال أكثر من رائع"، كما عبر أحد المشاركين، وهذا أمر جد عادي، فلو أن هذا الوفد توجه إلى أي دولة في العالم قصد المشاركة في ندوة ما أو مؤتمر ما، فسوف يقابل بالاحتفاء ذاته! فهل كان يترقب هؤلاء أن يستقبلهم الطرف الصهيوني بجفاء وجمود، وهم يشكلون ورقة رابحة في معادلته السياسية القادمة؟! خصوصا وأنه كما صرح بن حسي، "منذ أن عاد الوفد إلى المغرب، والاتصال مستمر مع الإسرائيليين تحسبا لأية مضايقات، سواء من قبل السلطات المغربية أو من التنظيمات المناوئة لإسرائيل". (إذاعة هولندا العالمية).
- التناقض والخداع السياسي: هذا ما يسري بيقين تام على السيد أحمد الدغرني؛ رئيس الحزب الديمقراطي الأمازيغي المنحل، وأتباعه وزبانيته، فبمجرد ما تتصفح جانبا من سيرة هذا الرجل، تدرك عمق التناقض الذي يعتري خطابه السياسي، والتضارب الذي يتخلل أفكاره وآراءه، أود أن أشير في هذا الصدد إلى التبرير الذي برر به زيارته الأولى إلى تل أبيب (2007)، وهو حضور الندوة التي نظمتها منظمة الأمن والتعاون الأوروبي، ولم يكن يملك حق تحديد البلد المستضيف للندوة، (لكن غاب عنه أنه كان يملك حق عدم الحضور!) وإذا سلمنا جدلا بذلك التبرير، فكيف يعلل الدغرني زياراته الموالية لإسرائيل، بما في ذلك الزيارة الأخيرة للوفد التربوي الأمازيغي؟ أليس هذا عين التناقض والتضارب، بل والكذب السياسي؟! ثم كيف يفسر الدغرني ما أماطت عنه اللثام العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان، في إحدى بياناتها، من لقاءات سرية جمعته أولا مع مختلف الجهات المغربية الرسمية، كوزارة الداخلية والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، التي يظهر للمواطنين الأمازيغ بأنه يواجهها بشراسة، في حين أنه يتملقها ويتزلف إليها، وإلا فلماذا لا يفضل الكشف عن تلك اللقاءات في أوانها! وثانيا مع عدة جهات وشخصيات صهيونية أو عميلة لإسرائيل، كالمستشار الملكي أندري أزولاي، والرئيس الموريتاني المتواطئ مع الكيان الصهيوني، والسفارة البريطانية، واليهودي الهولندي سامي كسبك، وغيرهم. ألا تعبر هذه السلوكات والتحركات عن أن السيد الدغرني ما هو إلا مخادع سياسي، يقدم نفسه في صورة مناضل أمازيغي مثالي!
في ضوء هذه المحددات يمكن كشف معدن أولئك الأشخاص الذين شاركوا في زيارة إسرائيل، إذ تجتمع فيهم شتى المساوئ التي ينبذها المجتمع الأمازيغي الأصيل، ولا تقبلها أخلاق أي مواطن أمازيغي مسلم، لأنها تتعارض وفطرة الإنسان العادي، فما بلك والإنسان العارف. إن هذه الزمرة الأمازيغية عكرت بأفكارها الغريبة صفو الحياة العفوية التي يشهدها الواقع المغربي، عندما وجهت نبالها المسمومة إلى ما هو ثابت في الذات المغربية من قيم وتقاليد وحقائق، كالدين الإسلامي، والقضية الفلسطينية، والتعايش الاجتماعي، وغيرها.
خلاصة القول
عود على بدء، تصورت في البداية أن ما نشب إعلاميا وسياسيا حول هذه الزيارة الأمازيغية، مجرد زوبعة في فنجان، كالتي نعتادها كلما تم طرح قضية أمازيغية معينة، لذلك سعيت حثيثا إلى فهم تبريرات الطرف الأمازيغي المعني بالقضية، فتريثت عند أهم اللحظات التاريخية التي شهدت نوعا من التفاعل بين الجانبين: الإسرائيلي/اليهودي والعربي/الإسلامي، فأدركت ما يشبه المفارقة؛ فحلال على الكثير من الجهات الرسمية والعروبية أن تتعامل مع الكيان الصهيوني، وحرام ذلك على الأمازيغ! غير أنني عندما درست ملابسات تلك الزيارة وأسبابها، وتأملت تصريحات بعض المشاركين فيها ومواقفهم، تيقنت أيما تيقن من أنها لم تكن مجرد زوبعة في فنجان، وإنما حلقة أساسية من حلقات الصراع القائم في المغرب، بين التيار الأمازيغي المتطرف، وبين مختلف مكونات المجتمع المغربي.