إن حبكة الأفلام السياسية وإن تغير محتواها بين فترة وأخرى، وتبدلت كلماتها بين موقف وآخر، وإن تعقدت أساليبها حسب الحاجة، وإن تحول منطق بعض مشاهدها، لكنها تحافظ على سياقها العام، ومع هذا لن يفهم أحد في الغالب ترابط أحداثها وتسلسلها وفق الخطة التي وضعت من أجلها، وذلك لأن سياق تلك الأفلام يتغير بتغير تعليمات المخرج السياسي الذي يعطي تعليماته للممثلين ليضبط حركاتهم وأداء أدوارهم. وعليه لا أرى بأن التحليل السياسي لأي بيئة سياسية يضع بعين الاعتبار الفرق الشاسع ما بين المعرفة السياسية والإدراك السياسي، فشتان ما بين الاثنين.
إن معرفة الوضع السياسي تعني فهم موضوع محدد بمستوى معرفي معين، وهذا يعتمد على حنكة المحلل السياسي وقدرته المتبصرة، أما الإدراك السياسي فهو إحاطة الشيء بكماله ومن كل جوانبه وفهم خبايا أموره وحقائقها، وتمييز دلالات المواقف السياسية المتخذة، لذا فهو أكثر دقةً وصحة، ولكنه بالتأكيد يحتاج إلى أناس يتصفون بسرعة الفهم والاستنتاج السياسي والقوة على استنباط بواطن الأمور والوصول إلى كنهها.
والذي أفهمه أن المجتمعات المتحضرة تنشغل بتفكيك الكل من أفكارها إلى أجزاء، بهدف رقي الدولة ورفعها بين الأمم، ولكن أن تنشغل السلطتان التنفيذية والتشريعية بأمور ثانوية، فهذا لعمري طامة كبرى لا تحتملها عظام الدول فما بالك بصغارها حجمًا. ولكن مع هذا سوف ندعو لهم بالهداية ولنا أكثر، وندعوهم برد كل شيء لله ورسوله إن أرادوا بناء دولة حديثة يرفعها الرافع يوم لا رافع إلا هو.
ولكن الذي أخشاه دون تدخل مني بمشيئة الرب هو زوال بركة أو فقد رحمة أو جفاء لدعاء، فهذا والله حال ليس لنا به قدرة على تحمله أو مجاراته، ولكن نعم، هناك من يريد أن يغضب الله سبحانه وتعالى بقصد أو غير ذلك، والنتيجة واحدة هي غضب الرحمن الذي لا راد له، إلى أن تكون الكويت مركزًا للتقوى ومركزًا للأخلاق، فلا مال ينفع ولا اقتصاد يفيد عند ذلك، والله ربي هو المستعان.