أخيراً أصبح من حقنا ـ نحن السودانيين ـ أن نتفاءل بأن الحرب الأهلية في بلادنا ستنتهي بسلام يؤدي إلى تقاسم السلطة بين العقيد جون قرنق والفريق عمر البشير، ولا يعني هذا أن طرفي الحرب مقتنعان بالاتفاق الذي يجري وضع اللمسات الأخيرة عليه، بل يعني أنهما قبلا بالاتفاق على مضض خوفاً من عين أمريكا الحمراء، فقد قالت أمريكا للطرفين: "وراي أشغال ومشاغل أهم منكم، وأنا مش فاضية لكم... وإسرائيل طالق بالثلاثة لو لم أطربق الدنيا على رؤوسكم، إذا لم تتوقفوا عن القتال والجدال، خلال شهرين"!! وطبعاً أدرك طرفا النزاع في السودان أن أمريكا لا يمكن أن تطلق إسرائيل فبادرا إلى قبول التسوية التي وضعت خطوطها العامة ماما أمريكا شخصياً، وقد استمعت إلى وزير الخارجية الأمريكي كولن باول وهو يبشرنا نحن أهل السودان بأن جورج بوش سيتكرم مشكوراً بلقاء البشير وقرنق في واشنطن، فموتوا بغيظكم يا عرب فسيقف الزعيمان على حشيش البيت الأبيض، يتوسطهما بوش،... وهذه مقدمة لترشيحهما لجائزة نوبل للسلام.
على كل حال، سبحان مغير الأحوال، الذي أزاح السودان من قائمة رعاة الإرهاب، وجعله من المقربين الأحباب... خلاص صرنا والأمريكان حبايب، بعد أن كنا نعتبرهم وكلاء الشيطان، وكانوا يعتبروننا وكلاء لطالبان، وقريبا سيتم تزويد السودان بمستلزمات التنمية وعلى رأسها الكتشاب عبر خط أنابيب، ثم المايونيز بالتناكر، وبذلك سينتهي العهد الذي كان فيه بعض الأزوال يعتبرون المايونيز نوعاً من الملابس الفاضحة التي تستخدم عند الاستحمام والسباحة تماماً كما كان أبو الجعافر يحسب أن اللزانيا، إحدى جمهوريات البلطيق مثل ليتوانيا وأستونيا ومالدوفا، التي نالت استقلالها من موسكو بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، وصارت في طليعة الدول المصدرة للعاهرات والكلى، فكل من يعاني من فشل كلوي يستطيع أن يتوجه إلى إسرائيل أو تركيا ليحصل على كلية من أحد مواطني تلك الدول نظير ألف دولار.
وقد ظللنا في السودان نجعجع طوال 12 سنة بأننا سنمسح أمريكا من الخريطة وسنصبح القطب الدولي الأقوى، وانتهى بنا الأمر ونحن نستجدي أمريكا أن لا تمسحنا من الخريطة، بعد أن اكتشفنا أن قرار بقاء السودان موحداً أو مفككاً بيد أمريكا، ومنذ شهور وقلبي على إيران التي شهرت منذ عام 1979 سلاح "الله أكبر" في وجه الشيطان الأكبر، ثم أصبح الأمريكان جيرانها "حيطة بالحيطة" وطالبوها بتفكيك برنامجها النووي، فقالت إنها لن تفككه لأنه فقط لتوليد الطاقة، فقالت أمريكا: فككوه، ثم خللوه حتى لو كان لتوليد الحوامل، وعاندت إيران حيناً من الدهر، ولكنها ستنصاع لكلام أمريكا في نهاية المطاف كما انصعنا نحن في السودان.
إن أفضل طريقة لمواجهة أمريكا هي الطريقة الجعفرية المتمثلة في الدعاء عليها بما يلي: ربنا يهدَّك يا شيخة... يا رب تؤول الرئاسة في واشنطن لمايكل جاكسون كما آل حكم ولاية كاليفورنيا لآرنولد تشوارتسنيغر، لتسود في أمريكا الخرافة والجهل وتنشغلوا بالرقص والديسكو حتى تصبحوا مثلنا نحن الذين صار أعلامنا جواد العلي وميشو...و... "عيني باردة" تجتوج الأسمريكا!!