تعرفنا في الجزئين السابقين على موقف دستور دولة الكويت 1962 وبقية الوثائق الدستورية (مجازًا) بشأن الشريعة الإسلامية، وتجاوزها حد كونها عقيدة وشريعة أغلب السكّان، إلى مكانتها كدين الدولة الرسمي، والمصدر الرئيسي للتشريعات فيها، والأساس لبنائها بعد تحريرها عام 1991.
وهذه الحقائق يجب أن تلاقي أصداء عملية من الوزراء والمسؤولين والجهات الحكومية، ومن مجالات ذلك ما يلي:
1- يجب أن تعكس الخطابات الرسمية والمكاتبات والمراسلات دين الدولة - وهي بالفعل كذلك بفضل الله الرحيم- وإن اعتراض صحيفة "القبس" على الخطابات السامية في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، وعلى استهلال خطابات سمو أمير البلاد في المناسبات المختلفة بالآيات القرآنية الكريمة، لا يعبر سوى عن تطرف الصحيفة العلماني وخروجها عن الدستور.
2- ظروف العمل في الدوائر الحكومية عليها أن تعكس هوية الكويت الدينية – وكثير منها على ذلك بنعمة الله الكريم- فلا يصح أن يفرض مسؤول "ليبرالي" أو "علماني" فكرته المستوردة الشاذة على موظفي جهازه، بشكل مخالف للإسلام والدستور.
3- أعضاء وعضوات مجلس الأمة من نواب منتخبين ووزراء معينين، مطالبين بتقوى الله أولاً والتزام دستور 1962 ثانيًا، من خلال الاستعجال بإقرار القوانين التي ستكمل البناء الشرعي التشريعي للكويت، مثل حظر الربا في التعاملات التجارية، وإضافة جرائم الحدود للقانون الجزائي، وإلزام البنوك الربوية وشركات التأمين غير الشرعي بالتحول للمعاملات المالية الإسلامية.
4- مشروعات وإصدارات الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة المختلفة وإنتاجها، يجب أن تنسجم مع كون الإسلام كنظام حياة يشمل نواحي الحياة كلها، هو دين الدولة الرسمي، بلا خجل أو تردد مخالف لصريح حكم الدستور.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن واجب وزارات ووزراء الإسكان والإعلام والداخلية والصحة والمالية تجاه الشريعة الإسلامية، يجب أن لا يقل عن واجب وزارة ووزير الأوقاف في هذا الميدان، (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) صدق الله العظيم.
إذا انتبه الوزراء والمدراء والمسؤولين إلى الشريعة الإسلامية، واستحضروها في أذهانهم ونفوسهم دومًا، فإننا سنرى انعكاسها الطيب على أعمالهم كلها، مصداقًا لقول المستشار حسن الهضيبي: (أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم على أرضكم)، وما أجملها من عيشة تلك التي نحياها في ظل شريعة الرحمن سبحانه.
ولا يجب أن تكون تطبيقات الآخرين القاصرة أو المشوهة سببًا لتثبيطنا عن هذا الخيار الاستراتيجي للمسلم والمسلمة، بل نسعى لنصيغ النموذج (الكويتي) للدولة المستكملة لتطبيق الشريعة الإسلامية، كما أن وطننا الحبيب نموذج في الحياة الدستورية والحريات السياسية وغيرها من أمور نفخر بها أمام الآخرين.
وفي الختام: فإنني أعلم حجم التجهيل والتضليل اللذان يمارسا، ليصدا الشعوب المسلمة عن تطبيق النظام الكامل والخالد الذي اختاره الخالق لها واختاره لدنياها وأخراها، ولكن الكويت التي فيها (بيت الزكاة) و(هيئة القصر) و(زكاة الشركات) و(بنوك إسلامية) و(تأمين تكافلي) و(اللجنة العليا) و(لجنة إفتاء) و(إذاعة القرآن)، قادرة إن شاء الله القدير على استكمال تطبيقه، في الفن والاجتماع والقانون والإعلام والتربية والأمن وغيرها من مساحات الحياة الشاسعة، والحمد لله أولاً وأخيرا.