في صباح الاثنين قبل ٧ اشهر صحوت في قرابة الساعة العاشرة صباحاً، فوضبت نفسي وقبل أن اخرج من المنزل لحقت بي ابنتي لولوة متشبثةً بثوبي وهي تبتسم وعيناها تقول لي: اجلس معي قليلاً، فقبلتها ووعدتها بقصة جديدة كهدية في طريق العودة للمنزل، تركتني وهي تنظر ولسان حالها يقول: تعلم أنني أريدك أنت لا القصة.
خرجت من المنزل وإذ بجيران لنا جُدد في المنزل المجاور، فسلمت على كبيرهم وباركت له، فتبين لي أنهم أجانب من ديانة سماوية، وقد استأجرت لهم شركتهم العالمية المنزل المجاور لنا في منطقة (الشهداء).
ذهبت مسرعاً ركبت سيارتي، انطلقت لقضاء بعض الحاجيات، وأنا في طريق العودة فكرت في شراء هدية لجيراننا الجدد لعلي ارسم على شفاههم ابتسامة أو ينشرح قلبهم للإسلام.
فذهبت واشتريت لهم مجموعة فاخرة من اطقم الأواني المنزلية، وبعدها زرت صديق لي (حمود الابراهيم) يعمل في لجنة التعريف بالإسلام، وطلبت منه تزويدي بكتب منوعه عن الإسلام، وكعادتهم فاضت أياديهم بأفضل ما حوته مكتبة اللجنة.
شكرتهم، عدت مسرعاً للمنزل، طرقت باب جيراننا الجدد، فتح لي الأب الباب، ابتسمت في وجهه وقلت له: أرجوك أن تقبل مني هذه الهدايا كعربون صداق وتعارف.
ابتسم وأخذها ثم عدت للمنزل.
دخلت المنزل، وكالعادة أصوات قناة طيور الجنة تملأ أرجاء المكان، ومجدداً تستقبلني لولوة وهي تتساءل عن قصتها التي وعدت!
اعتذرت لها بشدة، فقد اشغلني الجيران الجدد عما وعدت به.
دمعت عيناها وتركتني..
مرت الأيام، ولاحظنا أنا وزوجتي تكرر تردد الجيران –الجدد- علينا وعلى المنازل المجاورة طلباً لبعض الحاجيات، ووصل الأمر أن طلبوا يوماً إعارتنا لهم خادمتنا بحجة أن لديهم ضيوف ولا خادمة لهم.
استمرينا تقريباً ٦ اشهر على هذا الحال، حتى كان قبل شهر وجاء ابن الجيران الجدد مسرعاً يطلب مني مفتاح سيارتي قائلاً إن أمه مريضة وتحتاج للذهاب للمشفى وأبوه قد تعطلت سيارته !
ترددت في البداية، ولكن أعطيته مفتاح سيارتي وطلبته منه أن يعيدها متى ما انتهوا منها.
ومنذ ذلك الوقت وسيارتي عندهم !
بعد يوم من الحادثة، مررت على بيت الجيران ولم تكُ سيارتي عند الباب، ضغطت جرس الباب لأطمئن على أمهم وسيارتي، فخرج لي ابنهم نفسه وقال : إن السيارة مازالت مع أبيه وهو في العمل، وأما أمه فهي في تحسن وترقد الآن في المنزل.
عدت أدراجي، ثم كررت الزيارة بعد يوم آخر، ولم يفتح لي احد الباب !
بعد خمسة أيام ذهبت مستاءً شاجباً مستنكراً تصرفهم الخالي من الذوق والأدب واحترام الجوار، وإذ بسيارتي متوقفة عند باب الجيران، طرقت الجرس، خرج الأب، شاحب الوجه عبوس النظرات خبيث الزفرات فصرخ بوجهي قائلاً: ألم تزعجنا ؟ نريد أن نهنأ بهدوء وسكينة في هذا المنزل ، فقلت له: يا سيد، ولكني أريد استرجاع سيارتي التي استعرتها مني قبل أسبوع !
فضحك بكل صفاقة قائلاً: هذه سيارتي الآن، وإذا لم يعجبك قولي، اذهب واشتك لدى أقرب مركز للشرطة !
كدت انفجر من الموقف !
ولكن بالطبع كان الجار قد صفق الباب بوجهي وذهب ليهنأ براحة كما قال.
يا من يقرأ هذه العريضة، منذ شهر وأنا اطرق وأتنقل بين الأبواب كي أستعيد حقي المسلوب، تصوروا حتى باب وزير الداخليه، قال لي: لا أستطيع فعل شيء، أنت المخطئ لماذا أعرته سيارتك، قلت له: كان موقف نبل وإنسانية من إنسان عربي مسلم تملكته الشهامة والنخوة في لحظة نشوة بطولية، وكذلك يا معالي الوزير فإن ملكية السيارة في سجلاتكم تعود لي، فتشوا عنها في الحاسوب .. فرد علي قائلاً : القانون لا يحمي المغفلين.
والله لست بكاذب، وقبل قليل، عدت للبيت بسيارة أجرة جوالة، فوجدت الجيران –المزورين- يستقلون سيارتي الفارهة ذاهبين لقضاء نزهة أو ما شابه، وكانوا يضحكون في وجهي استهزاءً.
إني أعيش أقسى معاني الذل والمهانة والقهر ! ألا تستحق هذه الحادثة استجواباً طارئاً لرئيس الوزراء ؟
يا قارئ عريضتي..
هل انتباك شعور بالغضب والتجب مما حدث !
لدي مشكله قريبه من هذه وأتمنى أن تساعدني في حلها ، استبدل سيارتي ، بقطعة أرض تسمى فسطين المحتلة. فهي أحق من الغضب من أجل سياره ، عجيب كيف نسينا أن نثور لاسترجاع حقنا المقدس المغصوب. ما هذه القصة إلا من نسج خيالي، أما الحقيقة فهي أعظم من سيارة.
تماماً، كان هذا شعوري وأنا أقف على رمال البحر الميت، مقابل شاطئ حيفا، أمام فلسطين المحتلة أو ما تسمى (إسرائيل)، وارى اليهود مرحين فرحين على الشاطئ يغنون ويرقصون على أنغام الموسيقا في المنتجعات الفارهة، على أرضي المسلوبة
حبيبتي لولوة، أنا لم أنكر ولم أنسَ وعدي، وها هي القصة التي وعدت قد اكتملت، فهل تعيدين لي سيارتي ؟
حرر في 10 يوليو 2010
على طائرة الملكية الأردنية، عائداً من عمّان