مشاهد عديدة تتجسد أمام ناظرينا ومواقف كثيرة تمر بحياتنا نراها مثالا لثمرة الإصرار رغم العواصف والإعصار، وغيرها لا تحصى من أحداث تضل الطريق وتنصهر بسهولة لانهزامها وعدم صمودها أمام التحديات، فهناك أناس جبلوا على المواجهة وغيرهم اكتسبوا هذه الصفة لتحقيق مرادهم، لكن تبقى الحقيقة ثابتة وهي أن من عظمة قدرة الله في الإنسان أنه عزوجل خلقه ناقصا ليستمر في طلب العلو والكمال، وإن كان التاريخ يشهد لنا بمواقف عديدة لرجالات تحملوا وصبروا حتى نالوا ما أرادوا في مجالات كثيرة ، فكانت في سجل هذا التاريخ صفحات زهرية نقشت سطورا ذهبية لانجازات نسائية قد لا يسعني ذكرها في مقالي هذا، لكنها موجودة بحق وتثبت لنا أن المرأة برغم استغلال العالم لعاطفتها، وجعل مشاعرها (شماعة) يعلق عليها أي تقصير منها، إلا أنها عندما تنوي وتعتزم لا ترضى أن تنهزم.
وها هو أسطول الحرية الذي عاند الأمواج ليعانق أهل غزة حمل على متنه أخوات من الكويت قدمن نموذجا يحتذى به ، ومثالا لدور المرأة في التحفيز والتشجيع لشمل الهمم الرجالية وإخراج ذاك العملاق الذي يسكن بداخلهم، ومن خلال متابعتنا للصحف والقنوات الفضائية وجدنا اعترافات على لسان الرجال الذين لم يترددوا بل افتخروا بدور النساء معهن ، فها هم جميعا اتفقوا أن من أوقد شرارة الهمة وشعلة الانطلاق هي الأخت العزيزة هيا الشطي ، بعد أن رأت بأم عينها معاناة شعب غزة من خلال زيارتها الأولى لهم ، وها هو الإمام والخطيب الشيخ صلاح الجارالله يرفع رأسه عاليا لهمة شريكة حياته الداعية الفاضلة سنان الأحمد (أم عمر)، التي بفضل الله عزوجل ثم بقوة علاقاتها ونشاطها الخيري استطاعت جمع أموال لشراء سفينة بدر الكويتية، لتنضم إلى القافلة المحملة بمساعدات لأناس ينتظرون أبسط ضروريات الحياة، ونموذج آخر لإبنة بارة استطاعت أن توقد الحماس في قلب والدها ليشارك معها هذه الرحلة ، فما كان من قائد الفريق الأستاذ وائل العبدالجادر إلا أن يوافق على إصرار ابنته سندس العبدالجادر، بل ويذكر ذلك باللقاءات التلفزيونية بكل اعتزاز، إنها سندس طالبة جامعية ورئيسة شؤون الطالبات في الاتحاد الوطني لطلبة الكويت في العام الماضي، ليت طالباتنا يقتدين بها بدلا من جعل المطربات والفنانات مثالا أمامهن كل يوم، وللإعلام أعلام يرفرفون على ساحته ، فشاركت بفعالية إعلامية خبيرة أم حسين منى شستر ، التي مدحها النائب وليد الطبطبائي لموقفها البطولي حين ضحكت لتقهر جنود الإسرائيل لحظة قيدهم ليديها، وبهذا أرسلت للعالم رسالتها السامية تشهد لقوتها رغم ضعف المرأة ، ولا ننسى الناشطة في مجال الإغاثة الإنسانية نجوى العمر التي رافقها إبنها في الأسطول عبدالله الإبراهيم،
وهو أصغر المشاركين سنا والذي حتما سيفتخر بين أقرانه في جامعته بتلك الأم الشجاعة ، التي أبت أن يرافقها إبنها الأسواق والأسفار بل غرست فيه البطولة عبر البحار .
إنهن نساء الكويت الفاضلات، رفعن راية التضحية والإسلام، ورفعن علم الوطن عاليا ، إنهن اللاتي ترجمن بحرفية مقولة تاريخية تنص على أن ( المرأة تبلغ بضعفها ما لا يبلغه الرجل بقوته) .
ولهذا لا بد من الإصرار على الإستمرار، رغم المحن والحصار حتى آخر رمق في هذه الدار، لنصل إلى فردوس.. جنة الأبرار، فهناك الخلد والاستقرار .
سمية محمد الميمني