انسحب الأكراد من مؤتمر اسطنبول بحجة أنهم يطالبون بإزالة كلمة "العربية" من اسم الجمهورية العربية السورية، هذا أغرب موقف يصدر عن الأكراد السوريين والعرب برأيي! فالأكراد نسلاً وعرقا هم مشوبين بالعروبة، وهم مخطئون، إنهم يقلدون أكراد العراق الذين فصلوا العروبة عن مناطق تواجدهم في الشمال، لكن العروبة شرف ورفعة حتى للأكراد جميعهم ونخبرهم بأنهم بحاجة للعروبة أيضًا، وسوف يكتشف بعضهم صحة ما أقوله بعد عقود أو قرون.
لقد تعايش الأكراد العرب طوال القرون الماضية مع هذه الشعوب التي تقطن منطقة شرق المتوسط، لكن أحداثًا في تركيا العثمانية كان هدفها أن تزرع فيهم مبدأ الصفاء والتميز العرقي الكردي، وبهذه الطريقة جرى فصل بعض السكان العرب عن العرب فأصبحوا أكرادًا بالاسم، ثم جاء دور الغرب منذ مطلع القرن الماضي ليقرر بأنهم عرق آخر ومميز، ومن أجل ذلك فصلهم عن جسد الشعوب التي تسكن هذه المنطقة. لقد تحدث "نعوم شومسكي" أكثر من مرة عن الأكراد، ونصحهم بعدم الانجرار وراء المزاعم الغربية، وأخبرهم مسبقًا أن أمريكا ستتخلى عنهم في العراق. إن صلاح الدين الذي نعتز به جميعًا، لم يكن كرديا كما يشاع ويقال! بل هو تعرّب وأصبح عربيا فقاد ثورة عربية.
لم أصدق هذا الخبر الذي يقول بأن الأكراد طالبوا بنفي العروبة عن سورية؛ لأنني كنت طوال وعيي أعتقد بأنهم لن يخطئوا بمثل ما أخطئوا في هذا، نقول لمن طالب بنفي العروبة عن سورية: أنتم لستم بقدر المسؤولية عن وطن وشعب، إنهم يخصصون سورية لقضية كردية فحسب، لكن سورية لها هوية قديمة قدم التلال، هو أنها عربية وإسلامية. كتب السيد عامر العظم عن هذا الخبر وعنونه قائلاً: هل هو سوء تقدير؟ نقول بأنه ليس سوء تقدير بل هو سوء فهم للتاريخ، فعلا هذا أمر مزعج حقًا، كيف يمكن لأحد من السوريين أن يطالب بمحو هوية سورية كبلد عربي؟! ياللعجب! سورية ليست ولن تكون كعكة يتقاسمها البعض كما يعتقدون، سورية لكل الشعب السوري فهل يريدون أن أقول لابني وأن تقول لابنك ولحفيدك بأن سورية ليست عربية، نحترم جميع مواطنينا ونطالب الجميع بالاحترام المتبادل، ونخبر كل سوري أن الاحترام يتطلب صيانة حقوق الجميع، ونأمل أن لا يتحدث أحد من الأكراد السوريين مرة أخرى بهذا المطلب.
من ظن ومن قال بأن سورية جريحة ليأت هؤلاء في محاولة لنهشها؟ من قال بأن السوريين بحاجة لمؤازرة البعض؟ أقول لهؤلاء الذين لم تتمكن ألسنتهم من لفظ عبارة الجمهورية العربية، فظهر أحدهم على بي بي سي ودمغ كلمتي العربية والسورية بكلمة واحدة، أقول لهم باسم الشعب السوري كله سلطة ومعارضة، بأن سورية ليست جريحة حتى تحاولوا نهش لحمها. وسورية ليست في أزمة، بل هي عزيزة في أوج عزتها، سورية لن تكون في أية لحظة خاضعة لإملاءات خارجية قيلت لهذا المفاوض السوري برأينا، و(الكردي) برأيه هو، سورية لن تخضع لأحد وستبقى عروس المتوسط، وسيبقى شعبها عزيزا إلى الأبد.
التدقيق اللغوي لهذه المقالة: هبة البشير