تقف الممانعة التاريخية والعناد التاريخي في هويتنا بين الفكر والممارسة مما يستوجب منا كأمة منتفضة على واقعها النظر إلى هذا الحدث "انتفاضة الشعوب العربية"، وإلى تداعياته بعين لا بسيطة ولا مختزلة لأزمنة ولت، وأخرى مستقبلة.
إن أغاليط منهجية في الفكر السياسي الحديث، وتجاهلات مقصودة للمخزون الثقافي لا يمكن أن تبني عهدًا جديدًا، لم يعد ثمة وقت لمشروع ثورة أو مشروع انتخاب أو مشروع ترشيح إذ لا بد من الخروج الواعي من فوضى المعاني إلى صريح المواجهة.
إن الإعلان عن جولة جديدة من الانتخاب والترشيح لا يعني الإعلان عن تجربة جديدة؛ بل ينبغي إعادة التفكير في أساليب العمل السياسي وفق سؤال أي مرشح نريد؟
فالإخفاقات المقصودة وتلك المبنية على طبيعة التجربة الذاتية تعلمنا الدرس الأول: أن معركة في الفكر والسياسة والمجتمع والتاريخ بعناصرهم المكتملة والمتقاطعة تقلص من إمكانية النجاح في غياب المضمون الانتخابي بعدم توفر الخيار الحر وغير المزيف بين بديلين على الأقل، إنه أول الوهن.
بل إنه المكر التاريخي في مشروع تشكل المُرَشح (بفتح الراء)، والمُنتخِب (بكسر الخاء) موضوع سكن التاريخ والجغرافيا مساراته وآلياته، نوافذ محكمة الإغلاق لا تخلو من مكر التاريخ.
إنه يجازف بسننه دفعة واحدة حين يدفع بالجميع لمواجهة مهيمنة وضاغطة لمستجدات الواقع، ويعرف أن مفاهيمه عملية لا تنتهي كمنتوج فكري دينامي شائك يُثير النهم المعرفي ويعلم الجميع الإنصات، ثمة فرق بين الإكراهات التاريخية لمشاريع سياسية واستقراء الحياة السياسية عبر التاريخ، ثمة فرق بين خطابًا فكريًا أو سياسيًا تم الانتهاء من أبجدته، وبين ميول وتطلعات شعوب نحو الحياة، ثمة فرق بين فكر ملتبس يخاتل بخديعة الانتخاب والترشيح، ومنعطف ينشد العدل، وإيقاف زحف الاستبداد.
في مقاربة مفاهيمية تاريخية تتعقب الفكر في حريته وحركته ومداراته؛ لرصد مفهومي الترشيح والانتخاب؛ لنستخرج روح الفكر في منطقة البياض لاستقصاء مفاهيمي، وتراكم تاريخي كثيف المعنى عميق الإحالة للنخبة المرَشحة والمنتخِبة، كان البدريون وأهل الشجرة "بيعة الرضوان" مرجعية أصلية وحقيقية في بيعة الراشدين.