يعد مركز ومدينة بسيون من مراكز محافظة الغربية التي تقع في وسط دلتا النيل بجمهورية مصر العربية، وتقع بسيون في الشمال الغربي للمحافظة، ويحدها من الشمال مدينة دسوق التابعة لمحافظة كفر الشيخ ومن الجنوب مدينة كفر الزيات التابعة لمحافظة الغربية ومن الشرق مدينة قطور التابعة لمحافظة الغربية ومن الغرب فرع رشيد ومحافظة البحيرة.
ولقد كانت بسيون منذ العصور القديمة ضاحية من ضواحي "ساو أو سايس أو صاالحجر"(#) التي أصبحت فيما بعد خلال العصور الإسلامية قرية تابعة لقسم بسيون.
وتقع صا الحجر (سايس) على الضفة الشرقية (اليمنى) لفرع رشيد على بعد 7 كم شمال غرب مدينة بسيون الحالية بمحافظة الغربية، وعلى بعد حوالي 30 كم من مدينة طنطا. وقد ذكرتها المصادر المصرية القديمة باسم "ساو"، واشتهرت عند اليونانيين باسم "سايس" وفي العربية حُرِّفت إلى "صا"، ونظرا لكثرة الأحجار الأثرية بها أضيفت لها كلمة (الحجر) فعرفت باسم صا الحجر. وكان إقليم "ساو" هو الإقليم الخامس من أقاليم الدلتا (@) في العصور الفرعونية القديمة ويسمى في المصرية القديمة "نت محيت" أي إقليم الغرب تمييزا له عن الإقليم الرابع الذي يقع في جنوبه ويسمى "نت رس" أي إقليم الجنوب والذي كان تابعا له.
وكانت ساو مركزا دينيا هاما منذ عصر بداية الأسرات، وكانت الإلهة "نيت" هي المعبودة الرئيسية لهذه المدينة، وكانت عاصمة في عصر ما قبل التاريخ لأقاليم الدلتا، واُتخذِت عاصمة سياسية للبلاد في عصر الأسرة الرابعة والعشرين (720 – 711 ق.م) بعد نجاح "تف- نخت" (724 – 716 ق.م) في القضاء على حكم الليبيين المتمثل في الأسرة الثالثة والعشرين (817 – 730 ق.م). كذلك كانت ساو عاصمة طوال عصر الأسرة السادسة والعشرين (663 – 525 ق.م) والتي خرج منها ملوك هذه الأسرة، ومؤسسها الملك العظيم بسماتيك الأول (664 – 609 ق.م) الذي قضى على حكم الآشوريين في مصر. كذلك كانت ساو عاصمة للبلاد في عصر الأسرة الثامنة والعشرين (404 – 398 ق.م)، وكان السبب في ذلك هو انتساب ملك هذه الأسرة الوحيد "آمون حر" إلى هذه المدينة، والذي تولى حكم مصر بعد الاستقلال من الحكم الفارسي المتمثل في الأسرة السابعة والعشرين (525 – 405 ق.م).
ولقد كانت بلدة ساو القديمة "سايس" تسيطر على الطريق المؤدي إلى "منف"، وكانت كل من "منف" و "سايس" معروفة لدى الإغريق من قبل بوصفها المدن الرئيسية المصرية.
وللأسف الشديد قد تم تدمير الجزء الأكبر من التل الأثري للمدينة القديمة بشمال قرية صا الحجر الحالية، وذلك من قِبل المزارعين المحليين (الفلاحين) وإزالة الطبقات الأثرية لاستخدامها كسماد زراعي، ويبدو أنه لا يوجد في هذا التل أي بقايا تعود لوقت سابق عن القرن الحادي عشر قبل الميلاد.
ويعتبر اسم "بسيون" من الأسماء المصرية القديمة الباقية كما هي بدون تحريف، ومعناها الحمام، ويمكن أن نقول بسيون الحمام إذا أضفنا معنى الكلمة إلى الأصل.
ولقد استمرت بسيون ضاحية أو قرية تابعة لسايس التي تُعد قصبة الإقليم الغربي لمصر السفلى (الوجه البحري) طوال العصر اليوناني وخلال العصر الروماني.
وفي العصر البيزنطي كانت بسيون فيما يبدو تابعة للإقليم الثالث والذي يضم الأسكندرية وغرب الدلتا، حيث قُسمت مصر –وفقا لإصلاحات الامبراطور دقلديانوس (284 – 305م)- إلى ثلاث أقاليم كبيرة؛ وهي إقليم شرق الدلتا ومصر الوسطى وإقليم طيبة وإقليم غرب الدلتا والإسكندرية، وكان يحكم كلا من الإقليم الأول والثاني حاكم يأخذ لقب (Praeses) أي: مدير أو متصرف، أما الإقليم الثالث (غرب الدلتا والإسكندرية) فوضِح تحت إمرة حاكم يحمل لقب ((Praefectus Aegypti أي والي مصر، ويتمتع بسلطة أعلى من سلطة زميليه. هذا ويتولى هؤلاء الحكام الثلاثة السلطة المدنية ويخضعون لسلطة كونت الشرق، أما السلطة العسكرية فيتولاها قائد يحمل لقب (دوق مصر). وفي عام 382م قام الإمبراطور ثيو وسيوس الأول بإدخال تعديل على هذا النظام وتقسيم مصر إلى أربع مقاطعات كبرى (شرق الدلتا وغرب الدلتا وطيبة والأسكندرية).
ولما كانت القرية أهم وحدة إدارية في مصر خلال العصر البيزنطي فكانت لها إدارة خاصة؛ إذ يرأسها موظف يطلق عليه (كومارك أو كومارخ)، أي: شيخ البلد، ويساعده كاتب ومجلس يتألف من شيوخ القرية. وفي القرن السادس الميلادي أصبح يرأس القرية موظف يسمى العمدة، وحل ملاك الإقطاعات محل مجلس شيوخ القرية، وتولى العمدة الإشراف المالي وشؤون القضاء، وبجانبه عدد من الموظفين كمثل مسؤول مياه الفيضان ومسؤول الخزانة وحراس الحقول. وهناك تنظيم إداري آخر يعلو التنظيم الإداري داخل القرية ويُعرف باسم (الباجوس)، أي: المركز، وقد سبق أن أدخله الرومان إلى مصر فيما بين عامي (307 – 308م)، وهو عبارة عن تولية أحد أعضاء مجلس الشورى في كل إقليم الإشراف على عدد من القرى، وكان يتمتع بسلطة كبيرة. وفي القرن الرابع الميلادي أُلغِي نظام الباجوس وحل محله نظام إداري آخر وهو نظام (الباجركات) أي الكور، حيث أصبحت المنطقة الريفية كلها تشكل مقاطعة واحدة، ويُعد الباجرك أو البجاركوس –أي صاحب الكورة أو المحافظ- موظف تابع للإمبراطور، وكان يتولى الإشراف على كافة الشئون المالية بالباجركية (البجارشي) أو الكورة من مدن وقرى ومتابعة الشئون القضائية. وقد استمرت هذه التنظيمات الإدارية حتى اعتلى الإمبراطور جستنيان (527 – 565م) العرش البيزنطي، والذي أجرى العديد من الإصلاحات والتغيرات على النظام الإداري.
وطبقاً لمرسوم (13) الذي أصدره جستنيان سنة (538 – 539م) إلى والي الشرق؛ فإنه يمكن القول أن بسيون وكثير من قرى ومدن وسط وغرب الدلتا أصبحت تابعة لأبروشية –أي مقاطعة- مصر الثانية التابعة بدورها إلى دوقية –أي ولاية- تسمى مصر، حيث انقسمت الدولة المصرية إلى خمس دوقيات أو ولايات؛ منها دوقية مصر وتشمل غرب الدلتا بما في ذلك مدينة الأسكندرية، ثم قُسمت هذه الدوقية إلى ابروشيتين أو ولايتين أصغر في المساحة هما؛ أبروشية مصر الأولى، وأبروشية مصر الثانية. وتنقسم الأبروشيات إلى وحدات إدارية أصغر تُعرف باسم الباجركات (الكور) والمدن والقرى والضياع الكبيرة. وكان يرأس كل مدينة نائب يسمى (نائب البلدية) أو حامي المدينة، وكان لكل قرية مجلس محلي يتألف من: الجُباة، والكُتّاب، وعمّال البريد، ويختلف هذا المجلس باختلاف القرية وأحوالها. وقد استمر هذا النظام الإداري حتى الفتح العربي لمصر.
وطبقاً لما سبق، وبالإضافة إلى ما ذكره محمد رمزي في قاموسه الجغرافي عن صا الحجر وبسيون، هذا علاوة على الخريطة التي توضح التقسيم الإداري لمصر قبل الفتح الإسلامي (&)؛ فيمكننا القول أن بسيون كانت قرية أو ضاحية تابعة لكورة "صا" (*)خلال العصر البيزنطي – القبطي. وهذه الكورة تابعة لأبروشية مصر الثانية والتى كانت قاعدتها مدينة "كباسا" وهي الآن قرية شباس الشهدا بمركز دسوق، وهذه الأبروشية تابعة بدورها لدوقية أو ولاية مصر كما سبق ذكره.
ولما فتح العرب مصر أبقوا على النظام الإداري القائم آنذاك، مع إجراء بعض التعديلات واستحداث بعض الوظائف العامة مثل ظهور وظيفة والي أو عامل الخراج وصاحب الشرطة وصاحب البريد وقاضي مصر حيث أصبح القضاء مستقلا، وكان والي مصر من قبل الخليفة يسمى أمير الديار المصرية وهو صاحب السلطة العليا في البلاد ورئيسا للجيش، ومن الجدير بالملاحظة أن وظيفة صاحب البريد لم تكن قائمة في عهد الخلفاء الراشدين وقد بدأتها الدولة الأموية وتطورت في العصر العباسي. وكانت مصر بعد الفتح مباشرةً مقسمة إداريا إلى مصر: العليا، والسفلى، وهذان القسمان الرئيسيان مقسَّمين إلى أقسام أو كور، ويقال إنه كان بها ثمانون كورة منذ فتح مصر حتى بدايات العصر الفاطمي، وهذه الكور مقسمة بدورها إلى قرى. ومن الجدير بالذكر أن يوحنا النقيوسي ذكر أن مصر قُسِّمت غداة الفتح العربي إلى ثلاثة أقسام؛ هي مصر السفلى والريف و"اركاديا" ($)، وقُسِّمت هذه الأقسام بدورها إلى كور. وكانت مصر السفلى (الوجه البحري) مقسمة جغرافيا إلى ثلاثة أقسام؛ وهي الحوف الشرقي ويشمل الأراضي الواقعة شرقى فرع دمياط، والحوف الغربي ويشمل الأراضي الواقعة غربى فرع رشيد، وبطن الريف ويشمل الأراضي الواقعة بين فرعي رشيد ودمياط.
ولقد كانت الكورة تكبر وتصغر بحسب ظروف الزمان والمكان وتفاوت الحضارة والعمران ورغبة الحكومة القائمة بالأمر أو حكام الأقاليم في إنشاء أو إلغاء كل أو بعض الأقسام الإدارية السياسية لأغراض خاصة أو عامة. ويرادف كلمة كورة في عصرنا الحاضر كلمة مركز، وهي كلمة مستعملة منذ القرن التاسع الهجري (عصر المماليك) بمعنى دار الشرطة أو نقطة البوليس كما هو الحال الآن. وفي القرن الثالث الهجرى (التاسع الميلادي) قُسِّم الوجه البحري إلى ثلاثة أقاليم كبرى؛ وهي إقليم الحوف الشرقي وقاعدته مدينة بلبيس ويتكون من 11 كورة، وإقليم بطن الريف ويتكون من 20 كورة، وإقليم الحوف الغربي ويتكون من 15 كورة وقاعدته مدينة الأسكندرية، فكان مجموع الكور في الوجه البحري 46 كورة بخلاف كورة لوبيه (أو ليبيه) غربى الأسكندرية، وثلاثة كور أخرى هى كورة القلزم (السويس) وكورة الطور وكورة إيام ومدين من بلاد الحجاز حيث كانت تابعة لمصر، وكان في الصعيد 30 كورة، فكان مجموع الكور في مصر وتوابعها إلى آخر الدولة العباسية وصدر الفاطمية 80 كورة.
هذا وكان التقسيم الإداري لمصر السفلى (وجه بحري والدلتا) منذ الفتح العربي وما قبله حتى منتصف القرن الخامس الهجرى (الحادي عشر الميلادي)- منتصف العصر الفاطمي- يعتمد على التقسيم إلى كور صغيرة، وتسمى هذه المرحلة بفترة الكور الصغرى. ويظهر من مواقع الكور المُحددة على إحدى خرائط جغرافيا مصر في العصر العربي لعمر طوسون؛ أن بسيون تقع ضمن كورة صا الصغيرة، وبالتالي فإن بسيون كانت قرية أو ضاحية تتبع كورة صا التابعة بدورها لإقليم بطن الريف.
وطبقاً للإصلاحات التي أدخلها أمير الجيوش بدر الجمالي -وزير الخليفة المستنصر الفاطمي- على التقسيم الإداري لمصر في سنة (470هـ/ 1078م)؛ فقُسمت أقاليم مصر إلى أربع ولايات رئيسية؛ وهي ولاية قوص وولاية الشرقية وولاية الغربية وولاية الأسكندرية، ثم العاصمة المصرية مُمثلة في ولاية القاهرة وولاية الفسطاط، ويضاف إلى ذلك ولاية عسقلان، وهي الولاية الوحيدة خارج الأراضي المصرية التي استمرت بأيدي الفاطميين بعد استيلاء الفرنج على سائر الولايات الفاطمية الأخرى بالشام في سنة (581هـ/ 1124م). هذا وكانت ولاية الغربية تشتمل على جميع الأراضي الواقعة داخل الدلتا المصرية، وأيضا كان هناك ولايات صغرى يدخل حكماها تحت إمرة حكام الولايات الكبرى، وهي –في الوجه البحرى- ولاية القليوبية وولاية منية تردي –وهي منية غمر- وولاية المنوفية وولاية جزيرة بنى نصر –وربما أضيفت إلى المنوفية وعُبر عنهما بالمنوفيتين وولاية جزيرة قويسنا وولاية البحيرة وولاية ثغر رشيد المحروس وولاية ثغر نستراوه وولاية ثغر دمياط وولاية الفراما بالساحل الشامي فيما دون العريش .
ومن ثمَّ قام رجال الخليفة المستنصر بإبدال تقسيم القطر المصري من كور صغيرة إلى كور كبيرة بلغت 22 كورة، منها 12 كورة في الوجه البحري وعشرة كور في الوجه القبلي، وهذا التقسيم هو الأساس الذي ظلت تدور في فلكه التقسيمات السياسية الإدارية في مصر إلى الآن، أي منذ قرابة ألف عام، وبلغ فيه عدد القرى إلى 2148 قرية، منها 1601 قرية في الوجه البحري و 547 قرية في الصعيد، وهذا بخلاف الثغور كما روى أبو صالح الأرمني المتوفى سنة 550هـ في كتاب الأديرة والكنائس. ثم احتفظ الأيوبيون بهذا التقسيم وأضافوا إليه كورتين آخرتين هما كورة الدنجاوية في ولاية أو إقليم الغربية وكورة الكفور الشاسعة بإقليم حوف رمسيس، وبذلك أصبح عدد الكور 24 كورة كبيرة.
ويسمى التقسيم الإداري في مصر خلال النصف الثاني من العصر الفاطمي وطوال العصر الأيوبي (ق 10هـ/ 15م) بفترة الكور الكبرى، حيث فُتحت أجزاء الكور الصغيرة على بعضها البعض بالإضافة إلى زيادة مساحات الأراضي المزروعة، والاهتمام الكبير الذي بدأه الوزير بدر الجمالي –في أعقاب الشدة العظمى- بالعناية بأمر الترع والجسور مما أدي إلى ارتفاع إيرادات الدولة. وفيما يبدو أن الشدة المستنصرية العظمى المذكورة قد أثرت بشكل ملحوظ في جغرافية مصر وخصوصاً في الوجه البحري.
ومن خلال إحدى خرائط عمر طوسون عن جغرافية مصر في العصر العربي يتضح لنا التقسيم الإداري للكور الكبرى خلال النصف الثاني من العصر الفاطمي والعصر الأيوبي، والتغيير الواضح الذي حدث في الهيكلة الإدارية نظراً للتغيرات الجغرافية لمصر. ويظهر من تحديد موقع بسيون على هذه الخريطة أنها أصبحت تابعة لكورة السنهورية (%) التابعة بدورها إلى ولاية الغربية الكبرى (السابق ذكرها).
وفيما يبدو أنه منذ تلك الفترة أصبحت بسيون ضاحية أو قرية كبيرة ولها حقوق وتتبعها قرى صغيرة أو كفور وعزب، حيث تظهر لأول مرة في الدواوين باسم شبرا (+) بسيون، ويخبرنا ابن مماتي أيضا في قوانين الدواوين عن قرية تسمى رنبده أنها من حقوق بسيون وشبراها.
أما في العصر المملوكي فكان النظام الإقطاعي للمماليك ذو أهمية عظيمة؛ ليس لأنه استمر طيلة 267 عاما في الدولة صاحبة القيادة في العالم العربي حيث ترك علامات بارزة في التطور الاجتماعي والاقتصادي والنفسي لمصر والشام؛ بل لأنه كان يمثل نتاج امتزاج ثلاثة أنظمة إقطاعية هي الإسلامي والمغولي والأوربي الوسيط. وقد كانت مصر آنذاك في أوج عزها وازدهارها في شتى الجوانب، إذ أن الظروف التاريخية التي أحاطت بالعالم الإسلامي في منتصف القرن السابع الهجري أفرزت دولة سلاطين المماليك لتقوم بدور القوة المدافعة عن العالم الإسلامي على مدى قرنين ونصف من الزمان.
ولقد انقسمت مصر في العصر المملوكي (648- 923هـ / 1250- 1517م) كما كانت في العصر الأيوبي إلى قسمين كبيرين وهما؛ الوجه البحري ويبدأ من شمال القاهرة وينتهي إلى سواحل مصر على البحر الأبيض المتوسط، والقسم الثاني وهو الوجه القبلي الذي يبدأ من جنوب مصر (الفسطاط) وينتهي إلى جنوب أسوان. وقد انقسم كل وجه من الوجهين إلى عدة أقسام أصغر، أُجرِيت أعمال مسح شامل للبلاد مع تعديل التقسيم الإداري السياسي، وجرت أعمال المسح هذه مرتين في هذا العصر؛ إحداهما تسمى "الروك (^) الحسامي" وجرت بأمر من السلطان حسام الدين لاجين المنصوري (686- 698هـ/ 1296- 1299م) في سنة (697هـ/ 1298م)، وقد نُفِّذ هذا الروك بشكل سريع وظهر واضحا أنه لم يكن متكاملا. أما الأخرى فتسمى "الروك الناصري" وجرت بأمر من السلطان الناصر محمد بن قلاوون خلال الفترة الثالثة من حكمه (709- 741هـ/ 1309- 1341م) في سنة (715هـ/ 1315م)، ويعتبر هذا الروك الناصري أهم عملية مسح للبلاد المصرية لما ترتب عليه من تقسيم إداري وثقل اقتصادي.
ومن نتائج الروك الناصري –بعد فك زمام القطر المصري- أن سميت الكورة عملا مع تعديل التقسيم الإداري، وأصبحت الأعمال 21 عملا بدلا من 24 كورة، فقُسم الوجه البحري إلى إلى 12 منها القليوبية وضواحي القاهرة بعد فصلهما من كورة الشرقية، وضواحي الأسكندرية بعد فصلها من كورة رشيد وكورة البحيرة، وأمر الملك الناصر كذلك بضم كورة المرتاحية إلى كورة الدقهلية وجعلهما عملا واحدا باسم أعمال الدقهلية والمرتاحية، وأطلق على كورة الإيوانية اسم ضواحي ثغر دمياط، وأمر بضم كورة السمنودية والدنجاوية وجزيرة قويسنا إلى أعمال الغربية، وضم نواحي حوف رمسيس والكفور الشاسعة إلى أعمال البحيرة. هذا وقُسم الوجه القبلي إلى تسعة أعمال.
وتنقسم هذه الأعمال (الأقاليم) إلى مجموعة من النواحي والمدن، فوصل عدد النواحي إلى 2163 ناحية، وكانت هناك بعض المدن المستقلة إداريا ولم تنسب لأي عمل؛ أهمهم مدينة القاهرة وهي العاصمة، وأيضا مدينتي الأسكندرية ودمياط. وقد ضم الوجه البحري 1651 ناحية كانت موزعة بين 11 أو 12 عملا، ولكل عمل مركز أو عاصمة خاصة به. وكانت أعمال الغربية من أهم الأعمال آنذاك، وكانت تضم أكبر عدد من النواحي ؛ حيث يصل عدد النواحي بها إلى 471 ناحية، وأصبحت مدينة المحلة هى مركز هذا الإقليم.
هذا ويُقصد بالناحية على أنها القرية، وقد تضم الناحية أكثر من قرية صغيرة أو مشيخة، ويُذكر أن تعداد القرى في القطر المصري قد وصل في عام (883هـ) إلى 2287 قرية غير مشتركة مع غيرها في الزمام. ومنذ هذا القرن (9هـ/ 15م) تم استعمال كلمة "مركز" لأول مرة لتعني دار الشرطة.
ولقد كانت بسيون في عصر المماليك ناحية (أو قرية كبيرة) تتمتع باستقلال اداري من نواحي أعمال الغربية، وقد ذكرها ابن الجيعان (ت 885هـ/ 1497م) في التحفة السنية باسم "شبرا بسيون"، وذكر أن مساحتها تبلغ 3515 فدان، وأن بها رزق قدره 211 فدان، ومقدار عبرتها (مُحصّلة الخراج) يبلغ 9600 دينار، وأضاف أن أراضيها للمقطعين -أي أصحاب الإقطاع من المماليك- وبها أملاك وأراضي أوقاف.
ومن أشهر رجال بسيون –أو ممن يرجع أصلهم إليها- في العصر المملوكي؛ قاضي القضاة علم الدين أبو الربيع سليمان بن خالد بن نعيم بن مقدم بن محمد بن حسن بن غانم بن محمد الطائي البساطي المالكي، قاضي قضاة الماليكة بالديار المصرية. ولد ببساط – نسبة إلى بساط بليدة من أعمال الغربية والسمنودية- وأصل آبائه من شبرا بسيون ولجدهم فيها زاوية، ومات جده خالد وأبيه سليمان وهو صغير فنشأ في حجر عمه عثمان بن نعيم. وقد ولى قضاء مصر في عهد الأشرف شعبان عوضا عن بدر الدين الإخنائي بعد عزله، وباشر عمله بعفة وتقشف، وعزل سنة 783هـ، ولزم بيته حتى توفي سنة 786هـ.
وأيضا عبد الرحمن بن أحمد بن على، وهو الفقيه زين الدين البسيوني، نسبة إلى شبرا بسيون، وهو رجل فقير وصالح، اشتغل وحضر الدروس عند كثير من العلماء منهم السيد النسابة وابن أسد، وحج غير مرة وأكثر المجاورة بالمدينة بل وقطنها. وولد عام 828هـ.
وفي العصر العثماني (923- 1213هـ/ 1517- 1798م) استمرت إدارة مصر تتبع ما كان موجودا في عصر المماليك، فأبقى سليم الأول 918- 926هـ/ 1512- 1520م) على المماليك للاعتماد عليهم في إدارة شئون البلاد، وقسم القطر المصري إلى 12 سنجقية (محافظة أو مديرية) يحكم منها حاكم يقال له سنجق أو بك يعينه الديوان وهو مجلس شورى الباشا من أمراء المماليك. وبعد عهد سليم لم يثبت عدد الصنجقيات على حال، بل أخذ في التغير، وكانت وظيفة الحاكم الإقليمي بشكل عام يمثلها إما صنجق بك أو كاشف (!).
وقد أصدر السلطان سليمان (926- 974هـ/ 1520- 1566م) مجموعة القوانين المسماة قانون نامة مصر، والتي تنظم أمور مصر العسكرية والمدنية وتقنن الأوضاع الإدارية السائدة آنذاك. ويُقسم قانون نامة مصر إلى قسمين رئيسيين؛ أما القسم الأول ويتعلق بالتنظيم العسكري، ويتضمن هذا القسم ست أوجاقات أو جماعات أو فرق عسكرية. وأما القسم الثاني فقد فصلت فيه الإدارة المدنية، وعمد واضعوه إلى تثبيت كثير من النظم والتقاليد التي كانت سائدة في مصر خلال عصر المماليك، وعدلت بعض النظم المحلية الأخرى لتتفق مع النظم العثمانية. فمثلاً ظل وكلاء الحكومة المحليون يسمون بألقابهم القديمة وهي كشاف، وانحصرت واجباتهم في تنظيم الاستفادة من مياه النيل بإقامة الترع والمصارف والجسور، والإشراف على جميع الأموال الأميرية ومراقبة جامعيها، وتوطيد الأمن وحماية القرى. وبمضمون هذا القانون المذكور تم فك زمام القطر المصري في سنة 933هـ، وهو الذي عرفت دفاتره باسم "الترابيع" وغيرت فيه كلمة أعمال –المستخدمة في عصر المماليك- باسم ولاية (أو صنجقية أو كشوفية)، وقسم القطر المصري إلى 14 ولاية يدير شؤونها الكشاف، منها واحدة للواحات الخارجة بالصحراء الغربية، وقسمت مصر العليا والسفلى إلى 13 ولاية، منها 6 في الوجه القبلي، و7 ولايات في الوجه البحري، وهي القليوبية والشرقية والدقهلية والغربية والمنوفية والبحيرة، هذا بخلاف 6 محافظات هي الأسكندرية ورشيد ودمياط والعريش والسويس والقصير، ويرأس كلا منهم محافظ، أما القاهرة فكان يرأسها شيخ البلد وهي مقر الوالي (الباشا) التركي.
وقد سجل الرحالة فانسليب أنه خلال القرن السابع عشر كان في مصر في الصعيد الأعلى 24 كشوفية، وفي مصر الوسطى 6 كشوفيات، وفي الوجه البحرى 6 كشوفيات، والمجموع يصل إلى 36 كشوفية (ولاية ومحافظة)، ودونت الحملة الفرنسية (1213- 1216هـ/ 1798- 1801م) في كتاب وصف مصر أن القطر المصري كان يقسم آنذاك إلى 16 إقليما (ولاية) نصفها في الوجه البحري ونصفها في الوجه القبلي، وذكرت ولاية الغربية بحدودها القديمة قبل تعديل سنة 1898م ما عدا مركز شربين وبحري طلخا.
ومما سبق يمكننا القول أن النظام الإداري المحلي خلال العصر العثماني لمعظم المدن والقرى في الأقاليم المصرية بقي كما كان في العصر المملوكي، ولم يذكر محمد رمزي عن أي تغيير لبسيون قبل عام 1826م، هذا وقد ذكر مرتضى الزبيدي -صاحب تاج العروس المتوفي قرب نهاية العصر العثماني سنة 1205هـ/ 1790م- بسيون كما ذُكرها ابن الجيعان في العصر المملوكي باسم شبرا بسيون. ومن ذلك نستنتج أن بسيون كانت في العصر العثماني ناحية أو قرية كبيرة مستقلة اداريا وتتبعها بعض القرى الصغيرة والعزب أو الكفور، والتي تتبع ولاية (صنجقية) الغربية وعاصمتها مدينة المحلة.
ولقد كانت مدينتي طنطا والمحلة أكبر مدينتين في مصر السفلى (الوجه البحري). وكان أغلب سكان الدلتا ينقسمون فيما بينهم بين حزبين متعاديين تحت اسم سعد وحرام. وكانت الإدارة المحلية للقرى في نهايات القرن 18م وبدايات القرن 19م تعتمد على شيخ أو أكثر من العرب، حيث يقومون بجباية الضرائب مع المحصلين الأقباط، وكان هؤلاء المشايخ منقسمون على أنفسهم من قرية لأخرى، يسلحون فلاحي البعض ضد البعض الآخر عند أبسط الزرائع، ولا يتوانى المماليك في دعم هذه الانقسامات التي يتأكد بفعلها نفوذهم وسلطتهم.
ومن أشهر رجال بسيون في العصر العثماني؛ محمد بن محمد البسيوني المتوفي سنة (1117هـ/ 1705م)، وهو فرضي شافعي، أصله من بسيون ونسبته إليها، وإقامته في رشيد، ومن أهم أعماله "حاشية على شرح الشنشوري للرحبية".
وقد قام محمد على باشا (1805- 1848م) بتقسيم مصر إلى أخطاط يشمل كل خط منها عددا من القرى، وعلى رأس الخط موظف يسمى حاكم الخط. ونظرا لاتساع دائرة الولايات وضرورة وجود موظفين للإشراف على أعمال حكام الأخطاط ومشايخ القرى؛ أمر محمد على سنة (1236هـ/ 1820م) بتقسيم كل من ولاية البهنسا والأشمونين إلى أربعة أقسام وعين لكل قسم موظف باسم ناظر قسم، وكانت هذه المرة الأولى التي أنشئت فيها الأقسام أي المراكز في العصر الحديث. وفي سنة (1238هـ/ 1822م) قسمت ولايات الشرقية والدقهلية والغربية والبحيرة إلى أقسام، وعين لكل قسم منها ناظر قسم، وفي سنة (1241هـ/ 1825م) أمر بإبطال اسم ولاية وأن تستبدل بها كلمة مأمورية. وكانت هناك 24 مأمورية في الوجه البحري و10 في الوجه القبلي، وقسمت كل مأمورية إلى أقسام على حسب اتساع دائرتها، ويرأس كل مأمورية موظف باسم مأمور كما يرأس القسم ناظر القسم. ولما رأي محمد على أن اسم المأمورية يدل في معناه على أنه أصغر من الولاية أصدر أمراً في أول سنة (1249هـ/ 1833م) بتغير كلمة مأمورية إلى مديرية، والذي تم تغييره بعد ذلك إلى محافظة. وأصبح عدد المديريات 14 مديرية، يرأس كلاً منها مدير، وبذلك رجع محمد على إلى التقسيم الجغرافي للبلاد على عهد الفاطميين فالأيوبيين فالمماليك. هذا وقد زاد محمد على في الأقسام الإدارية لتركيز السلطة وتوحيد أعمالها في المديريات. وبذلك فقد قُسمت مصر إلى مديريات، وكل مديرية إلى أقسام، وكل قسم إلى أخطاط وقرى، وكل قرية إلى حصص، ويقوم على رأس هذه التقسيمات الإدارية سلم من الموظفين ينتهي بشيخ الحصة الذي يتولى شؤون جزء من القرية، بجانب عدد آخر من الموظفين مثل الصراف والمشد والخفير والبصاصون وناظر الشون وخولي القرية والشاهد (المأذون).
وقد بلغ عدد الأقسام الإدارية حتى آخر حكم سعيد (1854- 1863م) إلى 47 قسما تشتمل على 3639 قرية. وقد سار الخديوي إسماعيل (1863- 1879م) على نهج جده في التعمير والإصلاح، وأنشئ في عهده 17 قسما، وبلغت عدد الأقسام في آواخر حكمه إلى 64 قسما. وأصدر إسماعيل أمرا باستعمال كلمة مركز بدلا من كلمة قسم في الوجه البحرى، واستعمال اسم مأمور بدلا من ناظر القسم على رئيس المركز، وأيضا استبدال حاكم الخط بمعاون إدارة. وفي الوجه القبلي فقامت وزارة الداخلية بإصدار منشورا باستعمال كلمة مركز بدلا من قسم اعتبارا من سنة 1890م أسوة بالوجه البحري. وفي سنة 1880م أصبح عدد المراكز 73 مركزا، وفي سنة 1937م أصبح العدد 75 مركزا يشتمل على 4188 قرية مالية وإدارية بخلاف محافظات القاهرة والإسكندرية والحدود والقنال والسويس ودمياط.
وفي خلال عصر أسرة محمد على بدأت بسيون تظهر في الدواوين المصرية باسمها الحالي "بسيون" بعد حذف الصدر "شبرا". ومما سبق بالإضافة إلى ما ذكره محمد رمزي عن بسيون وكفر الزيات؛ فيمكنني القول بأن بسيون كانت قاعدة لقسم بسيون أحد أقسام مديرية الغربية منذ سنة 1826م، وبها الديوان والمصالح الأميرية ويرأسها ناظر قسم بسيون، ويتبعها بعض القرى والنواحي والعزب والحصص، ثم تحولت إلى مركز في عهد الخديوي إسماعيل (1863- 1879م) كغيرها من أقسام المديريات في الوجه البحري، ويرأسها مأمور مركز بسيون. واستمرت بسيون مركزا حتى سنة 1871م عندما أصدر ناظر الداخلية قرارا بنقل ديوان المركز من بسيون –لبعدها عن السكة الحديدية آنذاك- إلى قرية كفر الزيات التابعة لمركز بسيون لوقوعها على السكة الحديدية ولتوسطها بين بلاد المركز، وبذلك أصبحت كفر الزيات قاعدة للمركز وسمى بمركز كفر الزيات في جداول نظارة الداخلية، وأما في نظارة المالية فبقى باسم بسيون، حتى صدر قرار في سنة 1896م بتسمية في دفاتر المالية باسم مركز كفر الزيات لتوحيد التسمية في المصالح الأميرية. ومن ذلك فقد عادة بسيون قرية كبيرة كما كانت في العصور الإسلامية السابقة على عصر أسرة محمد على.
وبالتالي فقد ذكرها على باشا مبارك (ت 1311هـ/ 1893م) في خططة على أنها قرية كبيرة من بلاد الغربية بمركز كفر الزيات، ثم استمر في وصفها وذكر أنها تقع في الناحية القبلية لفرع القطني الخارج من ترعة الباجورية وشرقي ترعة السلمونية، وأبنيتها من الآجر واللبن، وبها جامع الشيخ البسيوني وضريحه الشهير، ويُعمل له مولد كل سنة بعد مولد سيدي أحمد البدوي، وبها جامع الشيخ الأنصاري وضريحه الشهير أيضاً، وبها جملة زواياً وأضرحة وثلاث جنات مشتملة على كثير من الثمار والفواكه، وبها معمل فراريج. ومنها يوسف المراسي الذي ترقى إلى رتبة قائمقام، ومحمد أفندي خلف رئيس مجلس كفر الزيات. وأغلب أهلها من المسلمين وعددهم أربعة آلاف نفس من الذكور والإناث. وزمامها 2740 فدان، وتُروى أرضها من النيل، ولها سوق كل يوم اثنين، وشهرتها في زرع القطن وغيره، وكان لها شهرة في نسج الملاآت البسيونية ثم بطل ذلك. وبجوارها قرية صغيرة تُعرف باسم منشأة بسيون بها منزل مشيد لعمدتها عبد الملك أحد أقباطها، وجنينة لخليل أبي موسى من أهاليها.
ومن أشهر رجال بسيون خلال عصر أسرة محمد على؛ أحمد أفندي دقلة الذي أصبح أحمد بك دقلة عندما حصل على رتبة بيكباشي، وهو مهندس من بعثات محمد على باشا، أكمل دراسته في فرنسا وعاد إلى مصر سنة 1251هـ، وتولى تدريس الجبر وعلم حركة المياة (الهيدروليك) في مدرسة المهندسخانة بالقاهرة. ثم عُين وكيل المدرسة مع تكليفة بإعطاء الدروس، ومعظم المهندسين الموجودين في عهده تلقوا عنه، وفي سنة 1266هـ انتقل إلى قلم الهندسة، وفي سنة 1267هـ طلب منه عباس باشا مباشرة عمل الخرطة المثلثية بمديرية البحيرة لعمل ترعة المجيدية. وكان من أعظم المهندسين. وترجم عن الفرنسية "رضاب الغانيات في حساب المثلثات" و "علم الهيدروليك لدبويصون" و "مثلثات مستوية كروية". وتوفي ببيته في منشأة بسيون سنة (1273هـ/ 1856م).
وأيضا محمود البسيوني (1291- 1363هـ/ 1874- 1944م)، وهو محمود بن إبراهيم البسيوني؛ حقوقي من الخطباء، علت شهرته في أيامه. ولد في أسيوط، وكان أبوه مهندساً للري فيها. وتخرج من مدرسة الحقوق بالقاهرة، واحترف المحاماة. وعاني نظم الشعر، وليس بشاعر، واشتهرت له قصيدة يقول فيها –والمعنى قديم- :
"ولا طلعت شمس علىَّ بمنزلٍ ... إذا أنا لم أرض المكارم والمجدا"
"ولا كنت محمودا إذا أنا لم أفز ... بعارفة تولى المثوبة والحمدا"
وعمل في الحركة الوطنية مع سعد زغول، وكان نقيباً للمحامين، ووزيراً للأوقاف. ورأس "مجلس الشيوخ" وجميعة "الرابطة العربية" ومؤتمر "الإصلاح الاجتماعي"، وكان كثير السعي بالخير لمن قصده. وتوفي بالقاهرة. ونسبته إلى بسيون من قرى الغربية، وأصله منها.
الهوامش
(#) : "ساو" أو "سايس" أو "صا الحجر" : وهي مدينة قديمة تقع أطلالها في شمال قرية صا الحجر الحالية والتابعة لمركز بسيون بمحافظة الغربية، وكانت تسمى في العصر الفرعوني "ساو" وهو الاسم الذي حرفه الإغريق إلى "سايس". وقد لعبت سايس دورا هاما في عصور ما قبل التاريخ، ويعتقد بعض المؤرخين أن مملكتي الدلتا اتحدتا في مملكة واحدة اتخذت من سايس عاصمة سياسية لها، وكانت سايس عاصمة للإقليم الخامس من أقاليم الوجه البحري، ثم عاصمة لمصر كلها أيام الأسرة السادسة والعشرين، لذا يُطلق على هذة الفترة اسم العصر الصاوي، وهو العصر الذي جاهد فراعنته في سبيل استعادة مجد مصر القديمة. ومدافن ملوكها زارها وكتب عنها المؤرخ اليوناني الشهير "هيرودوت". وقد عُبدت في سايس المعبودة "نيت" التي شبهها اليونان بمعبودتهم آثينا. عن :
(@) : "الدلتا": وهو اسم أطلقه الإغريق على الأراضي الواقعة بين الفرع الكانوبي (الغربي) - الذي كان ينتهي بالقرب من من موقع أبي قير (بالأسكندرية حاليا)- والفرع البيلوزي (الشرقي) –الذي كان يصب عند الطرف الشرقي لبحيرة المنزلة، حيث كان النيل يتفرع بمصر السفلي (الوجه البحري) إلى سبعة أفرع أساسية. وكان السبب في إطلاق الإغريق اسم "دلتا" على هذة الأراضي؛ أنها تأخذ شكل مثلث وهو يمثل حرف "د" في الأبجدية اليونانية ويسمى "دلتا".
(&) : انظر: حسين مؤنس، أطلس تاريخ الإسلام، الزهراء للإعلام العربي، ج1، القاهرة، 1986، خريطة صغيرة بالركن الأيمن السفلي من الخريطة رقم 147، ص 314.
ومن الملاحظ أن هذة الخريطة الصغيرة التي ساقها حسين مؤنس لتوضيح التقسيم الإداري لمصر قبل الفتح الإسلامي تختلف بها المسميات نوعاً ما؛ حيث ذكر "إقليم مصر" بدلا من دوقية مصر، ووضح الأبروشيات بترقيم مختلف؛ إذ هو يقصد بالأبروشية الرابعة أنها الأبروشية الثانية (قسم ثاني) التابعة لإقليم مصر كما ذكر في ص 323، وإن كورة صا يظهر موقعها في الخريطة ضمن إقليم مصر بالأبروشية الرابعة.
(*) : الاسم القبطي لسايس هو Sa، ومنه اسمها العربي "صا"، وكانت قاعدة القسم الخامس بالوجه البحري Saite.
وورد في المسالك لابن خرداذبة بأن صا من كور مصر القديمة، وورد في معجم البلدان للحموي بأن صا كورة في الحوف الغربي بمصر. ووردت في العهد العثماني باسمها الحالي "صا الحجر" نسبة إلى ما تخلف من أطلالها من بقايا أحجار معبدها المصري القديم.
($) : أركاديا : وهي الدوقية أو الولاية الخامسة في مصر على حسب التقسيم الإداري الذي وضعه الإمبراطور البيزنطي جستنيان من خلال المرسوم الذي أصدره سنة (538 – 539م)، وهي سميت بذلك نسبة إلى الإمبراطور أركاديوس بن الإمبراطور ثيودوسيوس، وتشتمل هذة الدوقية على مصر الوسطى حتى البهنسا، وتمتد على الشاطئ الأيسر للنيل إبتداءاً من رأس الدلتا حتى الشيخ فاضل، وكانت أركاديا وحدة إدارية واحدة واحدة ولم تنقسم إلى أبروشيتين، وكان حاكمها يحمل لقب كونت، وكانت عاصمتها هي "أرسينوى" أي الفيوم الحالية.
(%) : "السنهورية" : نسبة إلى سنهور وهي الآن قرية تابعة لمركز دسوق محافظة كفر الشيخ. ولقد كانت سنهور قصبةً لكورة السنهورية، وذكر عنها الرحالة إبن حوقل المتوفي بعد عام (367ه)؛ أنها مدينة ذات إقليم كبير ولها حمّامات وأسواق وعامل كبير فى نفسه وكانت بها من النعم للكتّاب والدهاقين فى ضروب الكتّان والقموح وقصب السكّر وغير ذلك. عن :
أبو القاسم محمد بن حوقل البغدادي الموصلي (ت بعد 367هـ)، صورة الأرض، ج1، دار صادر، بيروت، 1938، ص 138
هذا وقد ذكرها بن مماتي (ت 606هـ) على أنها مدينة بالغربية.
(+) : شبرا: إسم مصري قديم بقى كما هو ويعني كفر أو حقل.
(^) : الروك: كلمة من أصل قبطي يقصد بها مسح الأراضي وتقدير خراجها.
وهي تعني أيضا: دراسة مسحية للبلاد تشمل مساحتها وعدد ولايتها ومراكزها وكثافتها السكانية وأهميتها الإقتصادية وإنتاج كل إقليم، ومن ثم يتم إعادة توزيع الإقطاعات بين المقطعين من الأمراء والأجناد ضمن إطار جديد. وقد مسحت الأراضي المصرية في العصور الإسلامية الأولى ثلاث مرات؛ أولها على يد ابن رفاعة عامل الخراج في مصر في خلافة الوليد وأخيه سليمان بن عبد الملك الأموي حوالي سنة 97ه/ 715م، والثانية كانت على يد ابن الحجاب في خلافة هشام بن عبد الملك الأموي حوالي سنة 110ه/ 729م، والمرة الثالثة كانت على يد ابن مدبر في خلافة المعتز بالله العباسي حوالي سنة 253ه/ 867م. ثم حل نظام الإقطاع في مصر الأيوبية محل نظام الأعطية حيث استمرت الأراضي المصرية تقسم إلى أربعة وعشرين قيراطا؛ يكون للسلطان منها أربعة قراريط وللأجناد عشرة وللأمراء عشرة. ويعتبر الروك الحسامي هو أول روك لأراضي مصر في عصر المماليك.
(!): صنجق أو سناجق: كلمة تركية بمعنى لواء أو علم أو راية، وتأتي معنى قسم من ولاية كبيرة. أما في مصر فإن مصطلح صناجق أو سناجق يعني إما حاكما على بعض الأقاليم، وإما مجرد رتبة أو وظيفة.
وإن لقب كاشف لم يكن معروفا في الدولة العثمانية ولكنه كان مستعملا في زمن المماليك، ورغم أن الكاشف كان أقل مرتبة من الصنجق، إلا أن سلطتهما كانت واحدة، وفي بعض الأحيان كان الكشاف يحكمون بعض الأقاليم التي لم تبلغ مرتبة الصنجقية وتسمى كاشفية وجمعها كاشفيات.
ولقد كان العثمانيون يطلقون على حاكم مصر اسم "الوالي"، بينما كان المصريون يلقبونه بالباشا.
المصادر والمراجع
1- ابن الجيعان (الشيخ الإمام شرف الدين يحيى ابن المقرابن الجيعان. ت 885هـ)، كتاب التحفة السنية بأسماء البلاد المصرية، المطبعة الأهلية، القاهرة، 1898م
2- ابن تغري بردي (أبو المحاسن جمال الدين يوسف بن تغري بردي بن عبد الله الظاهري الحنفي. ت 874هـ)، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، وزارة الثقافة والإرشاد القومي. دار الكتب المصرية، جـ11، القاهرة، 1963م
3- ابن حجر العسقلاني (أبو الفضل أحمد بن على بن محمد بن أحمد. ت 852هـ)، رفع الإصر عن قضاة مصر، تحقيق على محمد عمر، ط1، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1998م
4- الأسعد بن مماتي (الوزير الأيوبي، ت 606هـ/ 1209م)، كتاب قوانين الدواوين، تحقيق عزيز سوريال عطية، طـ1، مكتبة مدبولي، القاهرة 1991م
5- الزركلي (خير الدين بن محمود الزركلي الدمشقي. ت 1396هـ)، الأعلام، ط15، دار العلم للملايين، جـ1، جـ7، القاهرة 2002م
6- أحمد محمد البربري، عواصم مصر القديمة، جامعة الأسكندرية، 2008م
7- أحمد عبد الحليم دراز، مصر وليبيا فيما بين القرن السابع والقرن الرابع ق.م، موقع تاوالت الثقافي
8- أيمن فؤاد سيد، الدولة الفاطمية في مصر (تفسير جديد)، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2007م
9- جرجي زيدان، مصر العثمانية، تحقيق محمد حرب، دار الهلال، القاهرة، 1993م
10- حسين مؤنس، أطلس تاريخ الإسلام، الزهراء للإعلام العربي، جـ1، القاهرة، 1987م
11- حياة ناصر الحجي، صور من الحضارة العربية الإسلامية في سلطنة المماليك، ط1، دار القلم، الكويت، 1992م
12- رمضان السيد، تاريخ مصر القديمة منذ بداية الأسرة الخامسة عشر حتى دخول الإسكندر الأكبر مصر عام 332 ق.م، جـ2، هيئة الآثار المصرية، القاهرة، 1993م
13- ساويرس بن المقفع، تاريخ مصر من بدايات القرن الأول الميلادي حتى نهاية القرن العشرين (مخطوطة تاريخ البطاركة)، تحقيق عبد العزيز جمال الدين، جـ2، مكتبة مدبولي، القاهرة، 2006م
14- سليم حسن، مصر القديمة، جـ12 (عصر النهضة المصرية ولمحة في تاريخ الإغريق)، جامعة القاهرة، 1957م
15- سليم حسن، مصر القديمة، جـ11 (تاريخ مصر والسودان من أول عهد "بيعنخي" حتى نهاية الأسرة الخامسة والعشرين ولمحة في تاريخ آشور)، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1994م
16- سمير أديب، موسوعة الحضارة المصرية القديمة، ط1، العربي للنشر والتوزيع، القاهرة، 2000م
17- سمير أديب، تاريخ وحضارة مصر القديمة، جامعة الأسكندرية، 1997م
18- سيدة إسماعيل كاشف، مصر في فجر الإسلام من الفتح العربي إلى قيام الدولة الطولونية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1994م
19- شمس الدين السخاوي (شمس الدين أبو الخير محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن عثمان بن محمد السخاوي. ت 902هـ)، التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة، ط1، مكتبة الكتب العلمية، جـ2، بيروت، 1993م
20- علماء الحملة الفرنسية، وصف مصر، ترجمة زهير الشايب، مج3 (دراسات عن المدن والأقاليم المصرية)، مج4، دار الشايب للنشر، القاهرة، 1978م
21- على باشا مبارك، الخطط التوفيقية الجديدة لمصر القاهرة ومدنها وبلادها القديمة والشهيرة، ط1، المطبعة الأميرية ببولاق، جـ9، القاهرة، 1305هـ
22- ليلى عبد الجواد إسماعيل، تاريخ مصر وحضارتها في الحقبة البيزنطية- القبطية، دار الثقافة العربية، القاهرة، 2007م
23- مرتضى الزبيدي(أبو الفيض محمد بن محمد بن عبد الرزاق الحسيني. ت 1205ه)، تاج العروس من جواهر القاموس، دار الهداية، مج12، القاهرة، 1984م
24- مجدي عبد الرشيد بحر، القرية المصرية في عصر سلاطين المماليك (648- 923هـ/ 1250- 1517م)، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1999م
25- محمد رمزي، القاموس الجغرافي، القسم الثاني، جـ2، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1994م
26- محمد العزب موسى، حكماء وادي النيل، مجلة كتاب اليوم، العدد 315، نوفمبر 1990(ربيع الآخر 1411)
27- مصطفى الصفوي القلقاوي، صفوة الزمان فيمن تولى على مصر من أمير وسلطان، دارسة وتحقيق محمد عمر عبد العزيز عمر، دار المعرفة الجامعية، الأسكندرية، 2006م
28- منيرة كروان وآخرون، قواعد اللغة اليونانية، جـ1، مكتبة الصفوة، القاهرة، د.ن
29- يونان لبيب ومحسن يوسف، تحديث مصر في عصر محمد علي، مكتبة الأسكندرية، 2007م
30- Dieter Arnold & Others, The Encyclopaedia of Ancient Egyptian Architecture, Translated by Sabine H. Gardiner & Helen Strudwick, English language edition I,B,Tauris & Co Ltd, London, 2003, P. 207
31- Gardiner, A.H., Ancient Egyptian Onomastiga, vol. 2, Oxford University. 1947
32- Gay Robins, The Art Ancient Egypt, Harvard University Press, 2008
33- Ian Shaw & Robert Jameson, A Dictionary of Archaeology, Blackwell Publishing, Massachusetts, USA, 1999
34- Willeke Wendrich, Egyptian Archaeology, (Blackwell Studies In Global Archaeology), Blackwell Publishing, USA, 2010
التدقيق اللغوي: خيرية الألمعي.