من ضمن الشروط التي اشترطها الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي المرشح القوي للاستحقاق الرئاسي القادم ولكي يؤكد قبوله خوض غمار الإنتخابات،وحتى لا يتكرر سيناريو 1999 .. أن يكون الجيش على حياد تام هذه المرة.وأن يظل بعيدا لا يتدخل في فرض مرشح على آخر. لأن العملية إذا ما تمت على المنوال المتعارف عليه..أن الجيش في كل مرة يتدخل ويختار مرشحه. فهذا معناه أن لا جدوى من الإنتخابات بالمرَّة ويكفي إذن الإبقاء على من هم في الواجهة الآن.. أو اختيار مرشح بعينه وتعيينه مباشرة من دون أي انتخابات أو خسارة جهد أو مال. هذاإلى جانب ما طرحته القوى الفاعلة في البلاد التي لها نية التقدم للمشاركة في الإنتخابات الرئاسية من وجوب أن يلتزم الجيش هذه المرة الحياد والبقاء خارج الحلبة السياسية،هناك اتفاق مبدئي بين كل الأطياف السياسية الفاعلة على أن الحكومة الحالية بقيادة أحمد أويحيى يجب هي أيضا أن تشد الرحال وتعوضها حكومة انتقالية مهمتها الإشراف على الانتخابات الرئاسية.لأنه من غير اللائق أن يبقى رجل كأحمد أويحيى ارتبط التزوير باسمه في منصب رئيس حكومة.وبخاصة وأن الحكومة الحالية معظم وزرائها لهم ميول بوتفليقية،ومن ليس له ميول فهو قابل لأن يكون مدعما وحليفا لبوتفليقة .خصوصا وأن التجمع الوطني الديمقراطي بقيادة أحمد أويحيى أعلنها جهارا نهارا أنه مع تزكية بوتفليقة لعهدة ثانية.إن حالة التململ التي حدثت ولا تزال تحدث بين أنصار علي ابن افليس ،وأنصار عبد العزيز بوتفليقة حاليا تعجل بأن يتم نوع من زواج المتعة بين التجمع الوطني الديمقراطي والتصحيحيين ما دام ابن افليس قد وجد ضالته في القطب الديمقراطي وفي بعض الجمعيات التي لها شبهات استئصالية. ولو أن التجمع الوطني الديمقراطي استئصالي بتركيبته الحالية إلا أن المبايعة اقتصرت على شخص بوتفليقة لأنه الوحيد الذي لا يزال الاتفاق حاصل حوله من طرف السلطة الفعلية كمرشح لها دون المرشحين الآخرين سواء الذين أعلنوا ترشحهم إلى حد الآن . المهم أن موضوع رئاسيات 2004 هذه المرة هو الشفافية ثم الشفافية .لأنه بغير الشفافية لا معنى إذن لهذه الانتخابات.فالحل لا يكمن في خلط الأوراق أو اعتماد ديمقراطية عرجاء لا يقدر المتسابقون فيها أن يكونوا سواسية الحظ أمام من شمله الاختيار مسبقا. ولو أن هناك تطمينات بدورها تحتاج إلى تجسيدها على أرض الواقع من قبل الرجل القوي في الجيش الوطني الشعبي الفريق محمد العماري الذي سبق وأن حسم في هذا الأمر بإعلانه أن الجيش هذه المرة لا يملك مرشحا بعينه..والانتخابات ستتم في غياب أي مؤثر خارجي.. كما ذهب الجنرال رشيد ابن يلس مرشح الرئاسيات القادمة إلى تأكيد ما قاله الفريق محمد العماري إذ قال أنه تلقى ضمانات فعلية من طرف الجيش على وجه الخصوص من أجل نزاهة الانتخابات القادمة ،وهو السبب الذي جعله يعلن ترشحه قبل الآخرين .الحركة الإسلامية بدورها هذه المرة تريد أن تلعب دورا بارزا في الانتخابات القادمة.ويكون عبد الله جاب الله هو الممثل الوحيد للحركة الإسلامية وبدون منافس .. حسب ما يقول هو وأنصاره .. ولو أردنا الحقيقة فما يراه جاب الله هو مخالف للواقع، لأن الرئاسيات ليست التشريعيات ،أو البلديات،كما أنها ليست نظريات موجودة فقط في الكتب .. وكما سبق وأن قال لحبيب آدمي الأمين السابق للنهضة في رده عن الأسباب الكامنة لتدعيم بوتفليقة في الرئاسيات لسنة 1999 ..أن الرئاسيات أمر صعب ،وخطير لا تقدر عليه حركة فتية لم تجرب بعد تسيير البلديات في محيط صغير. وكان تدعيم النهضة التي كان يرأسها عبد الله جاب الله لبوتفليقة سببا كافيا لتفجير الوضع،و ما بقي من الود بين أبناء الحركة الواحدة .. ولأن الهوس والطموحات الشخصية تدخلت أيضا في آخر المطاف. وتشير دلائل حسب محيط جاب الله دائما أن هذا الأخير يستعمل بعض الوجوه التي كانت محسوبة على حركة الوفاء للدكتور طالب الإبراهيمي لبث البلبلة على أعمدة الصحف لتشويه طالب الإبراهيمي بغرض الاستحواذ على أصوات الإسلاميين خاصة قاعدة الجبهة الإسلامية للإنقاذ .تبقى حركة مجتمع السلم على جلوسها على برميل بارود قد ينسفها نسفا كما يبدو حسب ما تتداوله الكواليس من أروقة حمس نفسها ،تراوح مكانها بين مؤيد لمرشح من داخل الحركة أو تأييد من هو خارج الحركة ومن سيكون هذا الفارس. لأن الحركة جربت أيام المرحوم الشيخ نحناح سياسة الإتلاف ولم تجن منها سوى البوار.فهل تجرب مرة أخرى مغامرة الولاء لمرشح من خارج صفها أم أنها مضطرة لمبايعة رجل من صلبها،ومن سيكون ؟.إن الدور المطلوب لعبه من أجل تحقيق فرصة مواتية لإنتخابات رئاسية نزيهة وشفافة.. هو الضغط أكثر على السلطة من أجل ضمانات أكبر .ولن تكون هناك ضغوطات كبيرة إلا إذا دخل كل مترشح بثقة كبيرة دون الولاء لأي جهة سلطوية.فتكرار سيناريو 1999 كما تقول بذلك طروحات المهتمين بالرئاسيات القادمة غير مستبعدة لو لم تكن هناك ضمانات فعلية يلمسها ليس فقط المرشحون .. بل الشعب المنتخب الذي مل الإنتخابات من غير طائل.....