كانت الحلقة الأولى السابقة مشتملة على فوائد الحلقتين الأولى والثانية، وهذه الحلقة الثالثة، من هذه السلسلة الرمضانية، تضم الفوائد السبع الآتية، وهي (حُكم زكاة الفِطْر وحِكمَتها)، (مقدار زكاة الفِطْرِ وأنواع الطعام التي تُخرَجُ منها )، (وقت إخراج زكاة الفطرِ و وقت وجوبها)، (ما يُستحَبُّ من الصيام في غير رمضان)، (ما يُكرهُ ويَحْرمُ من الصوم)، (خصوصية ليلة القدر)، (تحرِّي ليلةِ القدر، وفضلها، وماذا نقول فيها).

وإليك –أخي الصائم- هذه الفوائد تباعاً، وفقك الله تعالى لأداء حقوق هذه الشهر العظيم.

الفائدةُ الحاديةَ عشْرَةَ : في حكمِ زكاة الفِطْر وحِكمَتِها
1- زكاة الفِطر واجبة على كلِّ مسلم ، لقول ابن عمرَ رضي الله عنهما : " فَرَضَ رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) زكاةَ الفِطرِ منْ رمضانَ صاعاً من تمرٍ أو صاعاً من شعيرٍ ، على العبدِ والحُرِّ ، والذكر والأُنثى ، والكبيرِ والصغيرِ ، من المسلمين " .
2- من حكمةِ زكاةِ الفِطْرِ أنها تطهِّر نفسَ الصائمِ مما يكون قد عَلِقَ بها من آثار اللغو والرَّفث ، كما أنها تُغني الفُقَراءَ والمساكينَ عن السؤالِ يومَ العيدِ ، فيظهرونَ بِمَظهرِ سائر الناسِ ، فقد قال ابن عباسٍ رضي الله عنهما : ( فَرَضَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم زكاةَ الفطرِ ، طُهرَةً للصائمِ من اللغوِ والرَّفثِ ، وطُعمةً للمساكين .  وقال (صلى الله عليه وسلم) : " أغنُوهم عن السؤالِ في هذا اليومِ " .

الفائدةُ الثانيةَ عشْرَةَ : في مقدارِ زكاة الفِطْرِ وأنواعِ الطعام التي تُخرَجُ منها
مقدارُ زكاةِ الفِطِر صاعٌ . والصاعُ أربعةُ أمدادٍ ، أي ما يُعادلُ (2.5 كغ) تقريباً، وتُخرَجُ من غالبِ قوتِ البلدِ ، سواءٌ أكان قمحاً أو شعيراً أو تمراً أو أرزَّاً أو زبيباً أو أقِطَاً ، لقول أبي سعيدٍ الخُدْريِّ رضي الله عنه : "كنَّا إذْ كانَ فينا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نُخْرِجُ زكاةَ الفِطْرِ ، عنْ كلِّ صغيرٍ وكبيرٍ ، حرٍّ أو مملوكٍ ، صاعاً من طعامٍ (أي قمحٍ) ، أو صاعاً من أقطٍ (وهو اللّبن المُجَفّف) أو صاعاً من شعيرٍ أو صاعاً من زبيبٍ .
[ ويجوزُ إخْراجُ قيمتها نقوداً ، على مذهبُ أبي حنيفة رحمه الله ، وهو ما يُرجّحه كثير من العلماء المعاصرين ]

الفائدةُ الثالثةَ عشْرةَ : في وقت إخراج زكاة الفطرِ و وقت وجوبها
تَجِبُ زكاةُ الفطرِ من أولِّ ليلةِ العيدِ ، وأوقاتُ إخراجها ثلاثةٌ :
1- وقتُ جَوازٍ ، وهو إخْراجها قبل يومِ العيدِ بيومٍ أو يومين ، لِفعلِ ابنِ عمرَ ذلك .  ( أو خلال أيام رمضان كلها) .
2- وقتُ أداءٍ فاضلٍ ، وهو من طلوعِ فجرِ يومِ العيدِ إلى قُبيلِ الصَّلاةِ . لأمرهِ صلى الله عليه وسلم بزكاةِ الفطرِ أن تُؤدَّى قبلَ خروجِ الناسِ إلى صلاةِ العيدِ ، لقولِ ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما : " فَرَضَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، زكاةَ الفِطْر طَهْرَةً للصائمِ من اللَّغوِ والرَّفثِ ، وطُعْمةً للمساكينَ، من أدَّاها قبلَ الصلاةِ فهيَ زكاةُ مُتقبَّلةٌ ومن أدَّاها بعْدَ الصلاةِ فهي صدقَةٌ مِنْ الصَّدقاتِ " .
3- وهناكَ وقتُ قضاءٍ وهو مِنْ بعدِ صلاةِ العيدِ فصاعداً ، فإنها تُؤدّى فيه ولكن مع الكراهة.
[ وأجاز كثير من العلماء إخراجها من أول رمضان، وخلال أيامه، خاصة إذا كانت نقوداً؛ ليتمكّن من شراء ما يحتاجه].
 
الفائدة الرابعة عشْرة : فيما يُستحَبُّ من الصيام في غير رمضان
يستحب صيام الأيام التالية ، وكلها ورد فيها أحاديث صحيحة :
1- يوم عرفة ، لغير الحاج ، وهو التاسع من ذي الحجة .
2- يوم عاشوراء ، ومعه يوم قبله أو بعده . وهو العاشر من المُحرّم .
3- ستة أيام من شوال ، لقوله صلى الله عليه سلم :" من صام رمضان وأتبعه سِتاً من شوال كان كصيام الدهر " .
4- الأيام التسعة الأولى من شهر ذي الحجة .
5- الأيام البيض ، وهي الثالث عشر ، والرابع عشر ، والخامس عشر ، من كل شهر قمري .
6- يوم الإثنين ويوم الخميس ، من كل أسبوع . وهو أكثر صيام النبي صلى الله عليه وسلم .
7- صيامُ يومٍ وإفطارُ يومٍ ، في غير رمضان . وهو صيام داود عليه السلام .
8- الإكثار من الصيام ، للأعزب الذي لا يستطيع الزواج .
   
الفائدة الخامسةَ عشْرةَ : فيما يُكرهُ ويَحْرمُ من الصوم
* يُكره صيامُ الأيامِ الآتية ، كراهةً خفيفةً ، أيْ كراهةَ تنزيهٍ .
1- صيام يوم عرفة لمن كان واقفا بها.             2- صيام يوم الجمعة منفرداً .
3- صيام يوم السبت منفرداً .                   4- صوم النصف الثاني من شهر شعبان .
* ويُكرهُ صيامُ الأيامِ الآتية ، كراهةً مغلظةً ، أيْ كراهةً تحريميةً .
1-   الوِصالُ ، وهو مواصلة الصوم ، يومين فأكثر بِلا إفطار .
2-   صومُ يوم الشَّك ، وهو يوم الثلاثين من شعبان ، إذا غُمَّ علينا .
3-   صومُ الدهر ، وهو صوم السنة كُلِّها بلا فِطرٍ فيها …
* ويَحْرُمُ صيامُ الأيام الآتية ، تحريماً قطعياً ، و هي :
1- يومُ عيد الفِطر و يوم عيد الأضحى .   2- أيامُ التشريق الثلاثة ، وهي التي تلي يوم عيد الأضحى .  
3- صومُ المريض الذي يخشى على نفسه الهلاك .

الفائدة السادسةَ عشْرةَ : في خصوصية ليلة القدر
    إنَّ لله تعالى خواصَّ ، في الأزْمِنَةِ والأمكِنةِ والأشخاصِ .
ومن خواصِّه في الأزمنةِ ، تفضيلُ شهر رمضان على غيره من الشهورِ ، وذلك بمضاعفةِ الأجرِ فيه . وزادَهُ خصوصيةً ، بأن جعل فيهِ ليلةً ، هي خيرٌ منْ ألفِ شهرٍ ليسَ فيها ليلةُ القَدْرِ ، من حيثُ الكرمُ الإلهيُّ والعطاءُ الرَّبانيَّ ، وإسباغُ الرحمةِ وبسطُ المغْفِرةِ .
    فلمَّا قدَّر الله سبحانه وتعالى أعمارَ المسلمينَ ، وهي قصيرةٌ بالنسبةِ لأعمارِ أتباعِ الأنبياءِ من الأمم السابقةِ ، فقدِ اختصرَ سبحانه لنا الزَّمن ، لمن أراد منَّا السَّبق في الخيرِ فجعل ليلةً واحدةً أفضلَ من ألفِ شهرِ ، أي بِضْعٌ وثمانونَ سنة ، فلو صادَفَتْكَ مرةً في عمرِك ، فكأنما ازدادَ عُمُرك بِضعاً وثمانين سنة ، من الخيرً . [ فتأمل –أخي المسلم- رحمةَ اللهِ تعالى وكَرَمَهُ ].

الفائدة السابعةَ عشْرةَ : في تحرِّي ليلةِ القدر ، وفضلها ، وماذا نقول فيها
عن عائشةَ -رضيَ اللهُ عنها- قالتْ : كانَ رسولُ اللهِ  (صلى الله عليه وسلم) يُجاوِرُ في العشرِ الأواخرِ من رمضانَ ويقولُ: " تحرُّوا ليلةَ القدرِ في العشرِ الأواخرِ من رمضانَ " .               
وعنها رضيَ اللهُ عنها أن رسول اللهِ (صلى الله عليه وسلم) قالَ : " تحرُّوا ليلة القدرِ في الوِترِ من العشرِ الأواخرِ من رمضان " [ رواه البخاري ] .
وعن عائشةَ أيضاً قالت : " كان رسول اللهِ (صلى الله عليه وسلم) يجتهدُ في رمضانَ ما لا يجتهدُ في غيره ، وفي العشرِ الأواخرِ منه ما لا يجتهدُ في غيرها " [ رواه مسلم ] .
وعنها رضي اللهُ عنها قالت : قلتُ يا رسولَ اللهِ أرأيتَ إنْ علمتُ أيُّ ليلةٍ  ليلةُ القدرِ ما أقولُ فيها ؟ قالَ : " قولي : اللهمَّ إنكَ عفوٌّ تحبُّ العفْوَ فاعفُ عنِّي " [ رواه الترميذي ] .
وعن أبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : " من قامَ ليلةَ القدْرِ إيماناً واحْتساباً غُفِرَ له ما تقدَّم  من ذنْبِهِ " . [ متفق عليه ] .[ جعلنا الله وإياكم من أهلِ ليلةِ القدر ].

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية