هو البراء بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار ( واسمه تيم الله) بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج بن حارثة الأنصاري الخزرجي من بني عدي بن النجار . وهو الأخ الشقيق للصحابي المشهور أنس بن مالك.
وكان يجتمع هو، وأم عبد المطلب جدة النبي عليه الصلاة والسلام، واسمها سلمى بنت عمرو بن زيد بن أسد بن خداش بن عامر، في عامر بن غنم .
وأمه هي أم سليم بنت ملحان بن خالد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار الأنصارية الخزرجية النجارية, واختُلف في اسمها فقيل هي: رميلة أو رميثة أو مليكة أو الغميصاء أو الرميصاء .
وكان أبوه في الجاهلية قد غضب من أمه وتركها وذهب إلى الشام وفيها مات، وتزوجت أمه أم سليم أبا طلحة الأنصاري الذي أسلم على يديها وكان إسلامُه مهرَها ، وكانت تجاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وفي هذا البيت الذي رعته أم سليم الصحابية المجاهدة كانت نشأة البراء، فغذي حب الاسلام وحب الجهاد في سبيل الله. فشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشاهد كلها باستثناء بدر وبايع تحت الشجرة .

شجاعته:
كان البراء شجاعاً مقداماً ذا مكانة ونكاية في الحرب ، وكان فاتكاً حتى اشتُهر عنه أنه قتل في حروبه مائة من الشجعان مبارزةً . وكان لاستشرافه النصر يرخص كل شيء، ولهذا كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كما ذُكر عن ابن سيرين: "أنْ لا تستعملوا البراء بن مالك على جيش من جيوش المسلمين فإنه مهلكة من الهلك يَقدَم بهم" .
واشتملت بعض كتب التراجم على جانب من اقتحاماته وبطولاته الحربية، ومنها ما كان منه في موقعة اليمامة وفي فتح تستر.

يوم اليمامة:
ففي يوم اليمامة استعرت الحرب بين المسلمين بقيادة خالد بن الوليد رضي الله عنه والمرتدين بقيادة مسيلمة، واستغل المرتدون دوران المعركة في أرضهم فخططوا لإنهاك قوات المسلمين بأن يتحصنوا في حصن لهم يسمى الحديقة عالي الأسوار وقد أمّنوا لأنفسهم المؤن والذخائر لما يكفيهم مدة طويلة وأن يُبقوا المسلمين في الأرض الفضاء حتى إذا طال عليهم الحصار الذي يفرضونه نقصت مؤنهم وضعفت عزائمهم وحينئذٍ إما يعودون من حيث أتَوا أو يتفاوضون فيملي المرتدون شروطهم.
ولم يكن للمسلمين بدٌّ من إفشال هذا المخطط والتلاحم مع المرتدين، ولكن الباب المحكمة للحديقة وأسوارها العالية جعلا من اقتحامها أمراً غير ميسور. وتفتق ذهن البراء بن مالك، الشجاع المقدام، عن فكرة اقتحام الحديقة ولكن ليس من بابها بل من أعلاها ومن فوق الأسوار. ومن هنا كان طلبه من المقاتلين المسلمين أن يحتملوه على تُرْسٍ ويرفعوه على أسنة رماحهم حتى إذا أشرف على الجدار اقتحم إليهم وشدّ عليهم. وقد تم فعل ذلك ولم يجد المرتدون إلا صوت التكبير يأتيهم من فوقهم فصدمتهم المفاجأة. واستغل البراء ارتباكهم فقاتل ببسالة فائقة وكشف جنود المرتدين وهو يتوجه إلى باب الحصن حتى تمكن من فتحها وتدفق جنود الرحمن إلى داخل الحديقة، ودارت بعدئذٍ رحى معركة حاسمة انتهت بمقتل مسيلمة وهزيمة المرتدين. وقد أصيب البراء بن مالك ببضع وثمانين جراحة ما بين رمية وضربة فأقام عليه خالد بن الوليد شهراً حتى برأ من جراحه .
فتح تستر:
وهو الموقعة الثانية التي كان للبراء فيها بلاء مماثل. وتستر من أعظم مدن خوزستان والأهواز في بلاد فارس . وإليها انسحب الفرس وبها تحصنوا وفيها كانت شوكتهم وحدّهم بعد الهزائم المنكرة التي منوا بها في العراق على يد المسلمين. وكان جيش المسلمين المتعقب لهم بقيادة أبي موسى الأشعري وعلى ميمنته البراء بن مالك وعلى خيله أخوه أنس بن مالك، فحاصروا البلدة المحصنة سنتين أو ثمانية عشر شهراً . ثم إنهم استمدوا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأمدهم بجيش من أهل الكوفة يقوده عمار بن ياسر رضي الله عنه.
وقاتل أهل تستر قتالا شديدا في الدفاع عن مدينتهم واستماتوا فيها وانكشف المسلمون، فناشد الناسُ البراءَ بن مالك أن يدعو لهم بالنصر وهو الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كم من أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبرّه منهم البراء بن مالك" ، فدعا قائلاً:" أُقسم عليكَ يا ربّ لمَا منحْتنا أكتافهم وألحقتني بنبيّك" . وعمد إلى سيفه فحمل مع أهل البصرة وأهل الكوفة حتى بلغوا باب تستر، فاستبسل في مضاربة الفرس على الباب وتمكن من أبرز قادتهم وهو مرزبان الزّأَرَة فقتله فانهزم الفرس ، ودخل أميرهم الهرمزان وأصحابه إلى المدينة بشرّ حال، وقد قُتل منهم في المعركة تسعمائة مقاتل وأُسِر ستمائة آخرون .
وكما استجاب الله تعالى للبراء دعاءه بالنصر فقد استجاب له دعاءه الآخر وهو أن يلحقه بنبيه عليه الصلاة والسلام فوقع يومئذٍ شهيداً على يد الهرمزان أمير الفرس. وكانت هذه الموقعة في سنة عشرين للهجرة في قول الواقدي وعلى ما اعتمده معظم أهل السير، وقيل بل كانت سنة تسع عشرة وقيل ثلاث وعشرين ، وقيل كان ذلك سنة إحدى وعشرين ودُفن في تستر وقبره هناك .

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية