البحرُ مُحدودَب كقطرةِ ماء
تنفستها رئة ابتلّت بشيءٍ من ندى الحقيقة ..
وفي وديان النفس ،
ثمة نداءاتٌ
مستترةٌ
ومنتشرةٌ جدا ..
لحظاتٌ مجتزأة في ضمنيات الغياب،
من أدق لحظات همس الوعي ..
أيا سيد المواسم
أنت شديد الوضوح،
إلى درجةِ
غياب الوضوح تماما ..
أيا سيد الحكمة
ثمة غيمة قد ارتدتني
أربكت لهفتي
فبت منك
بأرض السؤال مكتظة
عزفا
حزينا..
...
معجزة ..ّ!
معجزة فقط تلك ما أريد أن تكونني وأكونها بعمقٍ شديد..
ببساطة متناهية تدخل عتمتي كأزهار البراري الجريئة ، ليست كما العادة شيئا خارقا،
بل بسيطة للغاية ..
كان أنال قبلة طير الوروار، كما تنال أقحوانات الجبل قبلات سيدات الحقل النحلات وغناء الريح ..
أو تأتيني شمس من شبّاك الأيام المبتلة بالحنين، كي تنام بين ذراعيّ المرتعشتين بشوق الغوايات ، كما ذاك القنديل على كف الليل وسط الغموض يعلن نفسه سيد الفضاءات الخالية من التهيؤات ..
معجزة كان أجري صوب الحديقة بغية معانقة هؤلاء الآسيويين المفترشين أحلامهم على الحشائش الداكنة التي تومض بالروح العليا وكل هذا الرضا العجيب ..
معجزة بسيطة للغاية كامتطاء غيمة صيفية، أو موجة بحر صاخبة ،أو أن أجري في الشارع فاتحة ذراعيّ لكل الكائنات الحيّة حتى وإن كان عبر لوحة أو صورة أو لون بدافع الضرورة في مدينة كونكريتية تميد بي وتسقطني من راحتي نهاراتها المكتظة بشتى الاغترابات ..
...
معجزة بسيطة للغاية ما أرنو اليها بشدّة كالإنصات لموسيقى تأتي الزقاق إلى نهايته كي تتكثف حبة ندى على قمة شجرة اليباس ..
أو أن تقع عسليتان بعيني أميرة الغيب التي تزورني كل ليلة ، حاملة كراسة دفترها وقلمها الملون الطويل المنتهي بكرات ملونة برائحة حلوى العيد ..
ترسمني فأصير أمها،
تنقشني فأصير سديمية ،
تلملمني براحتي يديها فتمنحني جواز سفر لعبور أستار الحجب والسير في ممرات الأبدية المدهشة ..
أصحو مبتلة بأنفاسها ، أتحسس كفيّ ، بعد ثمة دفئ ما زال يدغدغ جلدي ، بعد رائحة حلواها عالقة في شهيقي ، أتيقن حينئذ بالمعجزة قد كانت الليلة كانزلاق النفس بين الشهيق و الزفير في تثاءب الكلام لمّا تساوق الصمت في انعكاس الروح العظيمة ..
فأتيقن
أن خلف شباك القلب وعلى صهوة غيمة جبلية
كنا ثلاث نساء في سبع الليل
اكتظت أرواحنا
في ضمير ومضة
كنّاها
في أميرة مفككة الجديلة
في صدرها انشق السر
ترنّم الضوء في لوح محفوظ
على شباك القلب
في دماء الريح
جمرات
تتصاعد شيئا فشيئا
نفوس على ظمأ
تتعرّى
...
خائفة أنواتي من مجهول سابح بعروقي والتورط في ثرثرة ملآنة بالاستفهام والسؤال وعلامات الدهشة والتعجب والفواصل التي تكتم أنفاس المعجزات في قيامة ليلك النور القادم من ممرات معتمة وشوارع مزدحمة بالأحزان..
خائفة والكلام بين الأسلاك الشائكة قد تلعثم بموازاة يوميات مجدولة بكل أنواع الحجب والستائر والجدر والى ما هنالك من طبقات سميكة من الأسرار والآلام تحجب غناء القلب وتعتم توهجه بعد ان كان مزحوما بكل أصناف الأمنيات البسيطة.. وقد أبقت بعض نيرانها أمام هذا الانفصال الحاد بين الأداة والموضوع ، بين المألوف وغير المألوف ، بين حقيقة الوهم و وهم الحقيقة الذي يأخذنا إلى كيفية وماهية ترتيب الذهن عبر التقاط الرموز الواردة والشاردة من هنا وهناك ..فذاك يرعى الضجر ، وذاك يقول ما لا يفعل ، وذاك أطلق غابات وجهه لا يلوي سوى أوثانه ، وتلك ترعى الأعشاب المراوغة، وذاك الذي هناك فوق الغيمات..
هاديء للغاية
ولا يعرف أن جمرته
قد نفذت شباك القلب..
ضوء
صمت ما أروم إليه اللحظة لعله ينفذني كي أرقبني ، وحالي سال من عينيّ العسليتين فضاء غامضا ، فهامت نفسي اللائبة في المدى الموحش حشرجة ضوء على حافة شمعة تعزف في خضرة المرايا
مساحاتي
تتأمل ساقية مهمومة
قد تفجرت ينابيع بركانية
دم البشر فاح أنهارا إذ مسح غبار الأرض بأطراف أنامله متهدجا راح لمصبه كي يعاود في دائرية الوجود ..
كل الكائنات تهيجها رائحة الدم لحظة الجوع فقط ، إلا الإنسان تتهيج طوطميته في كل الحالات
جوع جسد عقل عشق موت ولا يشبع من الدم حتى وهو يصلي ..
أما من معجزة بسيطة للغاية كأن تتحلل اللحظة من تفتيش السر في التواريخ القديمة ومن الأسماء التي تبدو على كثرتها بلا بدائل ، فنعبر شبّاك العمر كترنيمة ضوء في بحبوحة السماء في يقظة اليقظة ..
كي ينتشي الكون بيومياتنا الفضفوضة في وسع فسيح ، لإيجاد نوع من التوازن ، عبر تلك القناديل الصغيرة للغاية تومض في أعماق نويّة خلايانا ..؟؟؟
...
بعد ما زلت أتأرجح في فضة الليل أريد التهام العالم دفعة واحدة ، أنشبك بالمعنى وفي حالاته المضطربة ، كلها تصريفات ليتفرق الوجود وبعدها يتحد في أخف أوضاعه وأقواه ..
ربما لذلك نمسك المعنى لأجل المعنى في اللامعنى بغية استخلاص عصارة حكمة المعنى ..
قد نقترب فنلامس خده ، وقد نسقط القاع ، لنعاود القفز ثانية وثالثة تماما كعبور البرزخ في نوم عميق يتكرر ..
فكيف نلتقط الرموز المتغيرة أشكالها لينقشع الغموض ويطل فجر لا يستثني أحدا من الصعود إليه بمعنى التكثف فيه ، في وحدة التوجه البشري المتطور.!
أنعاود الارتشاق على مرايا المعنى .؟؟ قد تفاجئنا حدباتها وتقعراتها كحالات غير متوقعة أو مفهومة فتؤدي إلى رؤية مخادعة لظل الحقيقة .. ؟؟
أستل نصاعة الصمت من مخابئها ، فأصادق ظلي أدجنه
كي يكون وأكون
أليفين
كمجرّة ..
في الانتظار أنواتي
في وعاء الفكر
في نقطة القلب تومض
كعيني ذئب فجر الأرض
في بذرة ضوء
عليّ المكابدة وأنا
أنظرني
أتستر خلف نافذة الابتسام
مسكونة
كالنواة
في ثمرة البكاء
دمي مستباح في نهر مصبه أبعد نقطة في جسدي المصلوب
ايا سيد الحكمة كيف أذوب في فم الزرزور
كقطعة سكر ..
كيف أذوب ملحا في تراب انسان قد فضحه ذوبان الجليد
كيف أصير
للكون هوىً
للمحبة
وردة ..
وللوردات روح العبير