تتزاحم على الرَّفِ الكُتب
ويُزكُمني غـُبار الأوراق
من بيّن ثنايا المكتبة
أنتقي كِتاب التاريخ
طبول المعارك تُقرع على صفحاته
ووقعُ أقدامِ المُقاتلين يشتد ,
يلتقي الجيشان , ويحتدم الصراع
تعلوا راية النصر , منقوشةٌ بين جنباتها
عبارةُ لا إله إلا الله
ينتهي الفصل الأول , أطبق الصفحة الأخيرة
وأدسّ الكتاب على الرف
في أذني ما زال يتردد صدى الخيّل :
يا خيّلُ قولي
لِمَن تُعلي الصهيلا ؟
أنظري الفارس تحتك
مُمَدَدٌ
مضرَّجٌ بدمائِه
صار وهمًا قتيلا
أتبكين يا خيلُ صُهيّبًا ؟
عُقبَةً , عَمرًا وطارق ؟
أتجدين في أيامنا سيّفًا
مُشّهَرًا , للهِ مَسْلولا ؟
أترينه اليوم زُبيّرًا
يُبارز الموتَ بسيّفه ؟
يُجرّعُ مُلكَ فارِسَ سُقمًا
أو جُرحًا وبيلا
أم تريّنَ خوّلة ً
في ضِلعها قلبُ رجُل
ترّجُمُ الخوفَ بعِزٍ
مُرابطة ً
بجانب الأخِ العاري
يَخرِقُ أفواجَ الكُفرِ
وينتصر
ما نام ليلاً
ما استكانً بُكرةً
ولا أغفى أصيلا
صفوفَ الجُندِ خارت
وتمزّقت ,
هاهو الجيّشُ مُفرقٌ
يرجو عوّن العِدى
يطلبهُ منكسرًا ذليلا
يا خيّل ,,
أهربي من أسطُرِ التاريخ
من كُتب التاريخ
ومن تلاعب التاريخ
أسكني موطنَ الأحلامِ يومًا
اجعلي الحُلمَ جميلا
غادري أرضَ المَعارِك
اجمعي كل السيوف
ما عاد السيّفُ كنزًا
بل صارَ حِملاً ثقيلا
و اتركي الغِمّدَ هنا
لنُخَبِئَ الأمجادَ فيهِ
نوّرِثه للعُربانِ دومًا
جيلاً بعدَ جيلا
أهربي نحوَ المتاحف
كوني خشبًا
تحت الأطفالِ لُعَـبًا
أو عند الأبوابِ صنمًا
أُصمُتي صَمتًا طويلا
أركضي في ميادين السباق
سابقي الريحَ جريًا
أجمعي كُل الأوسمة
واحصدي الفوّزَ النبيلا
يا خيّلُ كُفي أدمُعك
انفضي غُبارَ الأمسِ عنكِ
جهزي السِرجَ
والدِرعَ ,
واحملي الفاِرسَ فوقك
قد طال السُباتُ
فاصبري
اصبري زمنًا قليلا
تمايلي , تبختري وتفاخري
هَيّجي في القلبِ شوقًا
لنعانق الأمجاد
لنصافح الأجداد
احملينا لبلاد الأندلس
كوني يا خيّلُ ذِكرى
أو أملاً
أشعلي للنصرِ قنديلا
ترنمي بالمَجدِ أنشودَةً
رتليهِ قُرآنًا
توراةً ,
أو حتى إنجيلا
أيقظي الإيمان في مُضغةٍ
مؤمنَةٍ
ضَعِفَ النورُ فيها
لا يكادُ يرى
صار خيطًا نحيلا
زلّزلي ذلَ أمتِنا
أيقظيهم
أوقدي
للعِزِ فتيلا
أوقدي
للعزِ فتيلا!