" في البدء لم يكن على الأرض طرقات
ولكن حين يسير الناس في اتجاه واحد
يصنع الطريق "
لوشين

منذ منتصف السبعينات كنت مهتماً بقضايا الحركة العمالية والنقابات العمالية واكتسبت والحمد لله الكثير من الخبرات على يد جيل العمالقة النقابيين من أمثال عطية الصيرفي وطه سعد عثمان وفكري الخولي محمد عبد العزيز شعبان وفتح الله محروس وسيد عبد الوهاب ندا ورشاد الجبالي ،وكنت معايشاً للجيل الثاني مثل الزملاء صابر بركات ومحمد عبد السلام وأحمد الصياد ومصطفى عبد الغفار ورأيت نماذج المحاميين العماليين من عمنا يوسف درويش إلى عمنا احمد شرف الدين وأخونا خالد علي عمر وخلال ربع قرن كنت اعتبر نفسي مهتماً بالقضايا العمالية. وقرب نهاية التسعينات اتيحت لي الفرصة للمشاركة في انتخابات نقابة التجاريين وخضت المعركة الانتخابية لشعبة التنظيم والإدارة وجاء ترتيبي الثاني بين المرشحين على المستوي القومي وحظيت بشرف عضوية مجلس الشعبة منذ عام 1989 وهى آخر انتخابات تمت في نقابة التجاريين وحتى سفري للخليج عام 1994 . وبالتالي فأنا اجمع بين الحسنيين العمل مع الحركة العمالية ،وكذلك التجربة في نقابة مهنية من اكبر النقابات المهنية عدداً وهي نقابة التجاريين.

سأحاول خلال السطور التالية عرض لتجربة نقابة التجاريين كنموذج قبل الوصول إلى وضع النقابات المهنية بشكل عام.
الانتخابات في نقابة التجاريين

سبقني للعمل في النقابة من جيل السبعينات الزملاء حمدي عبد الفتاح والمرحوم شهاب سعد والزملاء حسن حسين واحمد عبد الرازق وكان هناك مجموعة للتجاريين الديمقراطيين تعمل في النقابة منذ منتصف الثمانينات ، وكانت هناك مجموعة ناصرية بقيادة الدكتور شريف قاسم والدكتور حاتم قابيل تسيطر على الأنشطة بالنقابة وتركز نشاطها على الرحلات وما يسمي بلجنة الشباب. كانت النقابة قضت أربع سنوات في صراع قضائي على منصب النقيب بين الدكتور عبد الرزاق عبد المجيد والمرحوم الدكتور حسن توفيق ، ولم يكن هناك وجود يذكر لجماعة الأخوان المسلمين.

وعندما انتظمت في التردد على النقابة ونويت الترشيح لعضوية مجلس شعبة التنظيم والإدارة اكتشفت اننى مطالب بعمل دعاية انتخابية في 26 محافظة وهو ما يفوق إمكانياتي كفرد ، وسمعت الكثير من الكلام عن وجود اليسار في جميع المحافظات والاتصال بهم ولكن كل ذلك لم يتعدى كونه كلام في جلسات دردشة ولم يخرج عن ذلك إلى أرض الواقع وعندما أقيم هذه التجربة أجد الآتي:

ـ لقد أعددت برنامج انتخابي مهني كنت حريص فيه أن يكون برنامج مهني حقيقي بعيداً عن اى مزايدات سياسية ليس مكانها النقابة حيث يخلط الكثير من الزملاء بين النقابة والحزب ويحاولون أن يقولوا كل شئ مرة واحدة وكأنها آخر مرة نتكلم فيها.ولكن للحقيقة أقول أن الانتخابات تتم على أساس التربيطات والكتل الانتخابية وليس على أساس المفاضلة بين البرامج أو حتى بين المرشحين وكل شخص يقاس بالكتلة التي تقف وراءه. ولقد تم توزيع العدد الذي طبع من البرنامج ولكني متأكد أن اختياري كان على أساس شخصي وليس على أساس سياسي.

ـ إن التحرك في 26 محافظة شئ خارج عن قدرات كافة القوى السياسية باستثناء الحكومة والأخوان المسلمين بينما اليسار بكل تلاوينه عاجز عن إدارة معركة على المستوي القومي رغم بعض الادعاءات عن فلان الذي يسيطر على الصعيد وفلان السويس في جيبه وعلان اسكندريه تحت أمره وفى النهاية وجدت كله كلام أو طق حنك حسب تعبير أخوتنا الشوام.فاليسار رغم وجوده العريض وتراثه الكبير أعجز من أن ينسق الجهود في معركة كبرى تمتد عبر 26 محافظة رغم وجود العديد من اليساريين في كل محافظة.

ـ المشكلة الحقيقية أن البنيان النقابي هو بنيان هيولى ليس له رأس وأرجل بل هو شئ سائح على بعضه فشعبة التنظيم والإدارة في محافظة أسيوط أو الدقهلية موزعين على أكثر من 13 مديرية خدمات غير المكاتب الموزعة في المراكز وغير موظفي الجامعات والعسكريين وهم لا يعرفون شئ عن النقابة سوى سداد الاشتراك والمعاش الذي يبلغ الآن 75 جنيه ويوزع كل ثلاثة شهور ، غير ذلك لا يوجد عمل نقابي مهني في اى محافظة ربما يتردد البعض على المقر للعب الطاولة أو مشاهدات مبارايات الكرة وربما الحجز في رحلات العمرة أو المصايف ولا أكثر ولا اقل من ذلك.

ـ ما هو الشئ الذي يجمع بين موظف في الضرائب العقارية يحصل على مميزات ممتازة وبين موظف في مديرية الزراعة لا يحصل سوى على مرتبه وما هو الشئ الذي يجمعهم مع صاحب مكتب استشارات إدارية مثلاً أو موظف في بنك استثماري . إن بنيان النقابات المهنية هو سمك لبن تمر هندي لكي يكون مشلول وعديم الفعالية والنفع. ونفس الأمر ينطبق على شعبة المحاسبة في نقابة التجاريين وينطبق على شعب نقابة المهندسين.ثم هناك العسكريين وهم أعضاء في النقابة ولكنهم عادة يستخدمون لصالح مرشحي الحكومة ، من المؤكد أنهم أعضاء بالنقابة ومن المؤكد أن لهم مطالب مهنية واقتصادية خاصة بهم ولكن لا يمكن أن تتفق مصالحهم مع مصالح باقي الأعضاء وان يكون الجميع أعضاء في شعبة واحدة؟!!!!

إن بنيان النقابات المهنية هو من وجهة نظري أكبر معوق لتطور هذه النقابات وتحقيق فعالية اجتماعية أعلى في الدفاع عن المصالح المهنية لأعضائها كما يحدث في معظم دول العالم . إن القوى الوحيدة التي تملك الانتشار على المستوي القومي هي الحكومة التي تستخدم الجهاز السلطوي في شحن الكتل الانتخابية ومنح يوم أجازة للموظفين للذهاب للتصويت ويتسرب غالبية المجبرين على التصويت إلى منازلهم ويتوجه جزء بسيط منهم إلى الانتخابات والدليل على ذلك أن أول الناجحين في انتخابات 1994 كان الأستاذ سيد الجندي مرشح الأخوان المسلمين وحصل على حوالي 3,600 صوت في شعبة عدد أعضائها يزيد على 160 ألف عضو ثم جئت أنا في المركز الثاني بحوالي 3,200 صوت أي حوالي 2% من أصوات الشعبة .واعتبرت هذه النتيجة رائعة .


كيف نجحت ؟!!

إنني لم أنجح اعتماداً على تاريخ نقابي ومهني أو على تميز سياسي بل لقد نجحت نتيجة تضافر عدة عوامل منها :

ـ إنني أعمل في جهاز حكومي سيادي وهو يضم كتلة انتخابية من أكبر الكتل الانتخابية في القاهرة وكانت لي تجارب سابقة في نقابة العاملين ومن الطبيعي أن يصوت موظفي الجهاز لي بغض النظر عن انتمائي السياسي ولكن على أساس انتمائي الوظيفي.

ـ إنني انتمي إلى محافظة المنيا في صعيد مصر ولى نفوذ عائلي وسط جموع التجاريين هناك لذلك صوت أبناء المنيا لي بشكل قبلي وليس على أساس سياسي.

ـ كان مرشح الحكومة لمنصب النقيب المرحوم الدكتور حلمي نمر وهو وجه مقبول في صفوف اليسار وكان أستاذنا المرحوم الدكتور إبراهيم صقر من مهندسي الحملة الانتخابية للدكتور نمر وهو العضو المخضرم في شعبة العلوم السياسية وقد وضع أسمي ضمن قائمة النقيب فكان ذلك مصدر دعم ثالث لي في الانتخابات .

رغم كل ذلك حصلت على 2% من الأصوات ومثلت على مدى أربع سنوات 160 ألف عضو في هذه الشعبة .


التنظيم النقابي ومعوقات النشاط

بعد أن صرت عضوا في مجلس إدارة الشعبة اكتشفت وبمرور الأيام أن مجلس الشعبة هو مكان للفضفضة فقط وليس له اى دور فعال فالقرارات الهامة تتخذ في مجلس النقابة الذي يضم ممثلي الشعب المهنية إضافة إلى نقباء المحافظات وهذه مشكلة أخري فممثلي الشعبة يفترض أنهم حلقة الوصل بين الشعبة وبين مجلس النقابة ولكن انحيازهم يكون دائما لوجودهم في مجلس النقابة باعتباره الأقوى والأكثر تأثيراُ ، أما المحافظات فتمثل بنقيب عن كل محافظة فالقاهرة التي تضم أكثر من ربع العضوية تمثل بعضوا مثلها مثل شمال سيناء ومثل الوادي الجديد التي لا تتجاوز عضويتها بضعة آلاف فهذه هي ديمقراطية البنيان الحالي.

كانت لدينا العديد من القضايا الساخنة مثل تنظيم المكاتب الاستشارية والربط بين مراكز البحوث في الجامعات ومجتمع الأعمال وكانت هناك قضية المعاشات ولكن هذه القضايا لم تاخذ حقها من النقاش حيث تحال إلى مجلس النقابة كما يوجد خلط بين دور النقابة والجمعيات العملية التي يفترض أنها تقوم لأغراض علمية مختلفة عن النقابة.

على مستوى الكتلة الانتخابية التي جاءت بي إلى النقابة فقد اعتبر زملائي في العمل أنني ممثلهم " كساعي لدى النقابة " يطلب البعض أن أسدد له الاشتراك أو استخرج له بطاقة العضوية أو شهادة قيد أو احجز له في المصيف وكنت اعتبر ذلك مجاملة منى لزملائي ، ولكن بعد فترة اكتشفت أن هذه هي رؤيتهم لوظيفتي ودوري النقابي من وجهة نظر زملائي اننى " مشاورجي " ، وقد قال لي البعض إحنا انتخبناك علشان توفر علينا مشوار النقابة ، وقال البعض الآخر هو انتم مش بتاخدوا فلوس على الشغلانة دي ، وكان من الصعب إقناعهم بأن هذا عمل تطوعي وانه بدون مقابل فكل شئ في هذا الزمن له ثمن ومقابل وأكيد أن لي مميزات لا أريد أن أفصح عنها .

هذه هي حقيقة المأساة التي تعيشها النقابات المهنية والذي تحد من قدرتها وفعاليتها. وهذه هي رؤية جموع العضوية لممثليهم في مجلس الشعبة وفى مجلس النقابة ، فالنقابة لديهم هي مصيف مخفض ورحلة عمرة ومشروع علاج مخفض ومعرض سلع معمرة. لكن تطوير المهنة والدفاع عن مصالح الأعضاء والوضع الاقتصادي للأعضاء كلها أمور تفوق مستوي اهتماماتهم!!!!!!!!فما بالنا بالقضايا العامة والشأن الوطني العام ؟!

إن العزوف عن المشاركة السياسية حتى على مستوي النقابات المهنية يرجع لنصف قرن من الاستبداد والهيمنة البوليسية يجعل الحكومة وممثليها من المنتفعين هم المسيطرين الدائمين على العمل النقابي ، وحتى الأخوان المسلمين بكل تراثهم ليس لديهم برنامج مهني نقابي ولكن لديهم تعويذة " الإسلام هو الحل " وكان الله يحب المحسنين!!وحين يحشدون كل قواهم لا يحصلون على أكثر من 2% من الأصوات ويعتبر ذلك اكتساح وبعد ذلك تحسدهم القوى السياسية الأخرى على النجاح الذي حققوه!!!.وإذا كان الأخوان بكل حشودهم يحصلون على 2% فإن الحكومة بكل التزوير والرشاوى الانتخابية والحشد القصري للمرشحين وشحنهم لمقرات الانتخاب ربما لا تأتى بأكثر من 1% إلى 2% من جموع الناخبين أليست هذه مأساة تستحق التأمل.

لقد تحولت النقابات المهنية إلى منظمات حكومية وضمن أجهزة الدولة التي تسيطر عليها عن طريق عملائها وإن لم تستطع يمكن أن تجمد نشاطها أو تضعها تحت الحراسة أو تفرض عليها قانون استبدادي مثل القانون 100.


الخلل الهيكلي

تعاني النقابات المهنية من خلل هيكلي في بنائها قبل صدور القانون رقم 100 حيث تخلط الحكومة عن عمد ومع سبق الإصرار والترصد بين تنظيم المهنة والدفاع عن مصالح أبناء المهنة وهو خلط متعمد يضعف من دور النقابات المهنية ويخلط الأوراق وهناك عزوف مستمر من الأعضاء عن المشاركة في النشاط النقابي ومن ثم في الانتخابات النقابية التي لا يتجاوز عدد المشاركين فيها 5% ممن لهم حق التصويت .لذلك ينبغي مناقشة بعض القضايا التي يمكن أن نواجه بها الخلل القائم ومنها:

1 ـ يجب الفصل التام بين مهمة تنظيم المهنة والتي يمكن أن يكون للدولة فيها دور رئيسي وبين التنظيم المهني المعنى بالدفاع عن مصالح أبناء المهنة وترقية وتطوير المهنة وهو دور النقابات المهنية التي يجب أن يكون لها دور اكبر ضمن منظمات المجتمع المدني دور اقتصادي في الارتقاء بأبناء المهنة وتحسين أوضاعهم المعيشية.

2 ـ يجب أن يكون هناك بنيان نقابي مهني بعكس الوضع الحالي حتي قبل صدور القانون 100 ، فكل تجمع يضم 50 مهني يمكن أن يشكلون فيما بينهم لجنة نقابية مهنية تدافع عن مصالحهم وتمثلهم للمستوى الأعلى . وإذا لم يتوفر العدد المطلوب يمكن للمهنيين من أكثر من منشأة التجمع وتكوين لجنة جغرافية تتبع النقابة الجغرافية كما هو الوضع في بنيان النقابات العمالية فلو أن مهندسي الحاسب الآلي موزعين في شركات صغيرة يمكن لمهندسي أكثر من شركة تشكيل لجنة نقابية مهنية . من السهل أن نجد شركة أو مصلحة بها 50 مهندس أو 50 تجارى أو حتى 50 مهندس ميكانيكا أو عمارة أو 50 محاسب أو خريج إدارة أعمال ومن الطبيعي أن تكون لهم مصالحهم المهنية المشتركة التي يمكن أن تجمعهم ليدافعوا عنها أما البنيان الحالي وحتى قبل صدور القانون 100 فهو بنيان عديم الفعالية.

4 ـ يشكل المؤهل الدراسي معيار رئيسي للعضوية ولكن أحيانا يحدث إغراق للشعبة بحيث تضيع ملامحها المهنية فعلى سبيل المثال شعبة إدارة الأعمال في نقابة التجاريين تضم خريجي أقسام إدارة الأعمال في كليات التجارة وهم أصحاب مصالح مشتركة إلى حد ما ولكن تم قيد كل خريجي معهد التعاون ومعهد الكفاية الإنتاجية من الموظفين الحاصلين على مؤهلات أثناء الخدمة ضمن شعبة إدارة الأعمال مما شكل تمييع لملامح العضوية وتغييب لإمكانية أي عمل مشترك.

أنا لست ضد عضوية هؤلاء الخريجين ولكن يمكن عمل شعبة خاصة بهم وغالبيتهم لديهم مشاكل في تسوية أوضاعهم الوظيفية ويمكن أن يجمعهم نضال مشترك ولكن إغراق شعبة أخري بهم يحرمهم من إمكانية العمل المشترك لتحسين أوضاعهم ويغرق الجميع . نفس الوضع ينطبق على محامي القطاع العام في نقابة المحاميين وعلى المهندسين العسكريين في نقابة المهندسين والأطباء العسكريين في نقابة الأطباء فهم أصحاب مصالح متميزة ولكن لا يجب إغراق شعب النقابة بهم بل الأفضل إفراد شعب خاصة بهم ترعى مصالحهم وتدافع عنها ويمثلون في مجلس النقابة على أساس عددهم الفعلي.

5 ـ التمثيل يجب أن يكون نسبي فلا يعقل أن تكون القاهرة التي تضم ثلث سكان مصر نقابة فرعية واحدة مثلها مثل باقي المحافظات إن ذلك يجعل استحالة العمل النقابي لأي قوي باستثناء الحكومة وعملائها ، والأفضل هو تقسيمها إلى نقابات فرعية حسب عدد الأعضاء ولدينا تجربة نقابة المعلمين التي تقسم النقابة حسب تقسيم الإدارات التعليمية ويمكن أن يتم ذلك في باقي النقابات الأخرى ، فيكون الطبيب عضو اللجنة المهنية لأطباء مستشفى الدمرداش مثلا وهى جزء من النقابة الفرعية للأطباء في شرق القاهرة وهكذا بالنسبة لباقي النقابات. من المؤكد أن أطباء مستشفى الدمرداش لهم بعض المشاكل الخاصة بهم والتي تختلف عن مشاكل أطباء القصر العيني أو مستشفى السلام الدولي وهكذا ، لذلك يمكن أن يحقق التنظيم الهرمي فعالية أكبر وتطابق أعلى للمصالح وفى نفس الوقت لا ينفى التوحد على المستوى القومي ولكن ككيانات أقوى وأكفئ وأكثر قدرة في الدفاع عن المصالح المهنية.إن هذه ليست اقتصادية بقدر ما هي محاولة لإيجاد مصالح مشتركة يمكن الدفاع عنها ومحاول لإيجاد هيكل تنظيمي فاعل وليس هيكل هيولى غير محدد الملامح.

6 ـ يجب أن تسعي القوى الديمقراطية إلى تشكيل لجان للنهوض بالنقابات المهنية وتنسيق الجهود ويفترض أن اليسار ضمن هذه الجهود يلتزم بتوجهاته الطبقية ومن ثم يقيم تحالفاته على أساس توجهاته وبرنامجه . هنا تبرز قضية التعامل مع الأخوان المسلمين والتنسيق معهم في معركة استعادة النقابات المهنية وهو أمر وارد وطبيعي ولكن شرط أن يكون اليسار كتلة حقيقية وليس مجموعة شرازم كل منها يرى نفسه الزعيم الخالد ، بل كتلة متجانسة لها برنامج مهني محدد وواضح المعالم ورؤية لتطوير النقابات وتحسين مصادر تمويلها دون الاعتماد على الدولة والدعم الحكومي فقط .وحين يتم التنسيق مع الأخوان لا يجب أن يكون على أساس احتوائنا ضمن قوائم الأخوان أو ضمن قوائم الحكومة بل على أساس وجود برنامجنا المستقل ووجود أسس واضحة في التعامل مع الأخوان تقوم على أساس التنسيق الواضح المعلن معهم وانتقادهم المعلن لممارساتهم غير الديمقراطية مع القوي الأخرى في الماضي والاتفاق على آليات وضمانات تضمن عدم ارتداد الأخوان على اتفاقاتهم أو التفافهم حول هذه الاتفاقات.

إن احترام الإخوان لليسار وحتى تعامل الحكومة مع اليسار يحتاج إلى فاعلية اليسار أولاً كجزء من المعادلة السياسية وليس كمجموعات منفردة ، يحتاج إلى كتلة موحدة وبرنامج واضح ، علينا أن نسأل الأخوان عن رؤيتهم المهنية لكل نقابة وبرنامجهم التفصيلي بعيدا عن الشعارات العاطفية مثل الإسلام هو الحل.

لقد بدء مشوار الألف ميل في نقابة المهندسين من خلال تجربة المهندسين الديموقراطيين وحركة "مهندسون ضد الحراسة" وكذلك في نقابة المحاميين من خلال مجموعة المحاميين الشبان وهى بداية هامة وخطوة في الاتجاه الصحيح ، ولكن من المهم أن لا نركز جهودنا على إسقاط القانون 100 فقط بل علينا أن نطرح رؤيتنا لبناء هيكل نقابي مختلف فهذا هو الطريق نحو تفعيل دور النقابات المهنية ومشاركتها ضمن منظمات المجتمع المدني وهى جزء من عملية التحول الديمقراطي وزيادة مشاركة الجموع الصامتة في العمل النقابي المهني من اجل أجور أعلي وشروط عمل أفضل وتطوير أوضاع المهنة.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية