أصابعه تمطر جداول مالية تفحص مدى قدرة بوش وكيري على خفض الضرائب وحماية التأمين الاجتماعي من الذبول، جيوبه تزدحم برسوم بيانية تتعلق بتأثير نتائج السباق الانتخابي على أداء الاقتصاد الأمريكي.
خالد الريس (23 عاما) طالب سعودي يدرس الماجستير بجامعة دنفر في كولورادو (غرب أمريكا)، تبتعثه جامعة الأمير سلطان في الرياض، نستنجد به لتحليل تصريحات بوش وكيري في مناظراتهما الثلاث فيما يتعلق بالشأن الاقتصادي، تجري على لسانه تصريحات للرئيس الأمريكي السابق جون إف كنيدي (الرئيس الخامس والثلاثين للولايات المتحدة الأمريكية تولى الرئاسة عام 1961م واغتيل سنة 1963م)، خالد يقتني سيرة الرئيس السابق بل كلنتون في اسطوانة (سي دي) أنفقها كاملة أثناء مشواره في السيارة من سياتل (واشنطن) إلى دنفر (كولورادو)، 22 ساعة قيادة لم تتخللها سوى ذكريات كلنتون والابتسامات التي يعلنها أمام نفسه ويخبئها عن أنظارنا. الريس الذي تلتزم عيناه يوميا بتفقد الكتب الجديدة في مكتبة (بارنز أند نوبل) المجاورة لجامعته، يعكس صورة السعودي الجديد الذي أصبح يحاور ويسبح وسط آليات الانتخابات ويتصل بالعالم ويتفاعل مع مجرياته...
يقول أستاذ العلاقات العامة بجامعة جنوب فلوريدا عن اهتمام السعوديين بالانتخابات الجارية: "عطش انتخابي واضح، شغف صحي سيساعد على نمو العملية الانتخابية في السعودية، و وجود عدد من الطلاب السعوديين بيننا جعلهم أقرب، والعصافير الصغيرة هي التي يجب أن يتم تأهيلها باكرا". في إشارة إلى الأطفال.
أمريكا تعاني من فقر الشبان في الثقافة الانتخابية، مما جعل مذيعين كباراً مثل مقدم النشرة الرئيسة في محطة (ان بي سي) توم بروكو يخصص فقرة صباحية لتنمية الطفل الأمريكي وتوعيته، حتى لا يكبر وتكبر المسافة بينه وبين صناديق الاقتراع.
هذه الثغرة الفادحة استغلها نجوم هوليود لتمرير رغباتهم من خلال رشوة الناخب الأمريكي اليافع بـ ( أوتوجراف ) أو زيارة لكليته تتخللها خطبة ناقصة وابتسامات مفتعلة، لا يعارض أحد على هذه الوسيلة الشرعية ولكن تأجير القرارت الشخصية للآخرين فعل غير حميد ويعزز على الاتكالية والتقاعس.
من جهتنا شبابنا بحاجة إلى الاطلاع على ثقافات جديدة تثري تجاربنا المقبلة، ليس عبر التلفزيون فحسب بل عبر ابتعاث وهذا متوافر على الرغم من حرصنا على التوسع ولكن أيضا من خلال استقطاب شباب من جنسيات أجنبية، إقبال هؤلاء على السعودية سوف يقربهم من حضارتنا ويقربنا من حضارتهم ويمنحهم القدرة على الكتابة والتعبير عن الوطن ومناشطه بشكل حقيقي وليس مثل ما تطالعنا به بعض القنوات التي ترسم عنا صوراً داكنة جدا، وجودهم يمكننا من الاحتكاك والاستفادة من العقول اليافعة، أيضا ستزيد مساحات التفاهم بين الدول لاحقا، متى كبر الشباب وتدفق بعضهم في أمكنة فعالة وحيوية.
هاتوا آذانكم: "أعلن تقرير دولي صادر عن الأمم المتحدة أن السعودية جاءت في المرتبة الأخيرة بين الدول العربية في مؤشر الأداء العالمي الخاص باستقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر. وكشف تقرير الاستثمار الدولي 2004م الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (انكتا) عن تراجع ترتيب المملكة في مؤشر الأداء العالمي". (نقلا عن وكالة الأنباء الفرنسية).
القضية ليست فقط في الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية وسن قوانين بل من خلال تأثيث البيئة وتوعية الشباب والحرص على ضخهم في فعاليات غربية وكذلك الحرص على دعوة الأجانب واستضافتهم بسخاء، لأن تفكيرنا يجب ألا يكون مقتصراً على خطوة إلى الأمام بل إلى خطوات في فضاء المستقبل الواسع.
البون الشاسع الذي يبعدنا عن العالم علينا أن نتعامل معه بجدية أكبر واهتمام أكثر، في هذا الإطار أذكر كلام منسق برنامج (بلاس) الذي تموله الحكومة الأمريكية ويهدف إلى تطوير العلاقات بين الشعوب من خلال تبادل الطلاب، يقول تيم فوريل: "نبحث عن شباب لتغذيتهم، هناك من يريد تعلم العربية، أو اليابانية، أو الإسبانية، لا نجد ضيرا في إرسالهم إلى دول تعني بتنميتهم وأيضا لا نجد مشكلة في استقطاب شبان من الشرق الأوسط والتكفل برعايتهم والاهتمام بهم متى وُجدت الرغبة، لأننا نعلم أن الجيل المقبل هو الذي سيحمل المسؤولية، ونحن نراهن عليه لتحسين العلاقات والمصالح".
برنامج (بلاس) يضم (71) طالبًا وطالبة في عامه الأول قادمين من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لاستكمال دراستهم الجامعية بعد احتساب المواد التي اجتازوها في بلادهم، ويتوزع الطلاب على أنحاء الولايات المتفرقة، ويسكنون في المساكن الجامعية مع طلاب أمريكيين بهدف الاختلاط بالشعب والتعرف على حضارة وثقافة مختلفة. ويتقاضى الطالب مرتبًا شهريًا قدره 350 دولارًا أمريكيًّا بالإضافة إلى تكاليف الدراسة والسكن والمستلزمات الدراسية مثل الكتب والبحوث التي تتولاها شركة أميد إيست المتخصصة بينما يشرف على أداء الطلاب الأكاديميين مركز تنمية التعليم الأكاديمي. وفاز بمقاعد السعودية السبعة: أحمد الغامدي، ومحمد الغامدي، وعبدالكريم العنزي، ومنصور البقمي، وفايز آدمي، وعبدالمجيد البحراني، ومقرن الدليلة.
هؤلاء السبعة سيعودون وشيكا إلى الوطن، يحملون شهاداتهم وأحلامهم وحبهم لأمريكا، نحن أيضا نريد أن يحبنا العالم ويتعرف علينا أكثر، السعودية ليست امرأة بعباءة حالكة، ولا حقول نفط تطل على المنازل، ولا شماغاً تعتمره الرؤوس، بل هي أكبر من ذلك...