الأزهر مؤسسة دينية عريقة، كان لها قصب السبق في نشر التعليم والوعي الديني على مدى قرون طويلة، ولكنه، وفي السنوات الأخيرة، صار مثار جدل، ولا أذكر أن فتوى أصدرها على مدى السنوات الأخيرة، كانت موضع قبول عام أو إجماع حتى بين هيئة علمائه،.. ولأول مرة أجد في نفسي الشجاعة لحض الناس على تجاهل مناشدة صادرة من لجنة الفتوى بالأزهر، وهي تلك المتعلقة بمكافحة الجراد الذي غزا مصر كما غزا من قبل دولا كثيرة في شمال وغرب إفريقيا، وقضى على المحاصيل الزراعية مسببا كوارث اقتصادية، بل إن بلدا مثل موريتانيا أعلن أنه سيكون بحاجة إلى عون غذائي خارجي بعد أن أهلك الجراد المحاصيل الزراعية بالكامل وقد ناشد الأزهر المواطنين المصريين الإسهام في القضاء على الجراد باصطياده و... أكله.. وبدوري أناشد المصريين باصطياد الجراد وعدم أكله نعم الجراد غني بالبروتين والدهون ومن المستحسن أكله مقرمشا بعد قليه بالزيت (لأن الشواء المباشر لا يترك فيه شيئا يمكن أكله).. ولكن الجراد الذي يصول ويجول في مختلف أنحاء إفريقيا حاليا ضار بالصحة لأنه سام، لتعرضه للرش بمختلف أنواع المبيدات حتى صار يتمتع بحصانة ضد معظمها.. ومن يأكل الجراد يأكل معه بالضرورة بعضا من السموم التي يحملها!.. ومن المعروف أن أكل الجراد كان شائعا في الكثير من البلدان العربية والإفريقية.. بل وكان يباع في الأسواق مقليا ونيئا.. ولم يسبق لي أكل الجراد رغم أنني أكلت أشياء أكثر "قرفا" منه، ولكنني رأيت عديدين يأكلونه، وخلال النصف الثاني من ثمانينات القرن الماضي غزت أسراب الجراد منطقة الخليج فأصدرت السلطات الصحية تحذيرا للمواطنين بعدم أكله لتعرضه للرش بالمبيدات السامة.. ولكن هب أن الجراد الذي يهاجم مصر حاليا كان بكامل صحته وقواه العقلية ولياقته البدنية: كيف يمكن أن يسهم أكله في مكافحته؟ بعبارة أخرى لماذا لم يناشد الأزهر المواطنين السعي لقتل أكبر كمية ممكنة من الجراد و... بس.. دون حثهم على أكله مقليا أو بالبشاميل! ولكن حتى مثل هذه المناشدة ستكون بلا طائل..ففي السنغال مثلا فشلت أسلحة الجو والدبابات والمدفعية في مكافحة الجراد رغم استخدامها المقاتلات وطائرات النقل وقذائف الهاون والمورتر في قصف الجراد بالمبيدات .. باختصار شاركت القوات النظامية في نحو سبع دول إفريقية في الحرب على الجراد وفشلت، وفكرت بعض الحكومات في الاستعانة بالمارينز الأمريكيين الذين شاركوا في معركة الفلوجة الأخيرة للقضاء على الجراد، ولكنها "غيّرت رأيها" بعد أن أدركت أن المارينز سيقضون على الجراد ثم يفعلون فعل الجراد بالمحاصيل الزراعية والمزارعين! لقد شهدت خلال رحلة عمري أكثر من عشر غزوات جراد، كان نصيب الفرد الواحد من بني البشر منها نحو مليون جرادة، فسرب الجراد الواحد يكون أكثر كثافة وسمكا من السحب الركامية ويتألف من نحو بضعة مليارات من تلك الحشرات العجيبة... يعني لو قام كل آدمي يتعرض بلده لغزو الجراد بأكل عدد منه، فإنه في أفضل الأحوال لن يتمكن من أكل أكثر من مائة واحدة.. بعبارة أخرى سيبقى من نصيب الفرد من الجراد نحو 900 ألف على أقل تقدير.. وطبعا ما من عاقل سيقوم بتخزين الجراد في الثلاجة.. ثم إن أكل الجراد لا يليق بكل الناس: هل يعقل مثلا أن تقوم ليلى علوي بأكل جراد محمر؟