اللغة العربية ، تلك اللغة الجميلة العذبة ، التي تأسر الألباب ، وتأخذ بمجامع القلوب ، لغة العواطف المرهفة ، والمشاعر الصادقة الجياشة . اللغة التي بذّت اللغات جميعاً في جمال الكلمات ووفرتها ، وفي طلاوة العبارات وعذوبتها . إنها لغة القرآن الكريم الذي نزل على قلب رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ، ونطق بها لسانه الطاهر الشريف . لغة " إقرأ بإسم ربك الأكرم ، الذي علّم بالقلم ، علّم الإنسان ما لم يعلم " . اللغة التي وعد الله سبحانه وتعالى بحفظها وبقائها ، حيث يقول تعالى في آية كريمة: "إنا نحن نزلنا الذِّكْرَ وإنّا له لحافظون" والذِّكْر هو القرآن الكريم ، وهو باللغة العربية ، إنه وعدٌ منه جلّ وعلا أن يحفظ هذه اللغة ، والناطقين بها ، وهذا القرآن إلى أن يشاء . وفي هذا الفصل ، أريد أن أبحث في أحوال اللغة العربية ومدى تطورها في فترة فجر الإسلام ، وأواخر العصر الجاهلي ، لإتصال هذين العصرين ببعضهما ، وتعذّر الفصل بينهما في كثير من الأمور والقضايا ، فنقول وبالله المستعان :

جاء الإسلام واللغة العربية في أوج مجدها ، وقمة إزدهارها ، وكانت قد وصلت في تلك الحقبة من الزمان ، وأعني بها فترة فجر الإسلام ، إلى منتهى الكمال والنضوج ، وأقصى ما يمكن أن تصل إليه من حيث الفصاحة ، وقوة البيان ، فهي تستطيع التعبير عن كل شيء مهما دقّ وسما ، وتستطيع الإفصاح عن خلجات النفوس ، ولواعج الصدور ، وتصوير المناظر والخواطر بشكل دقيق . جاء الإسلام والجزيرة العربية تعج بالشعراء والخطباء وعلماء السِيَر والأنساب ، والعرب يقيمون الأسواق للأدب والشعر ، يروونه ويتفاخرون به ، ويحفظون أجوده ، ويتناقلونه من مكان إلى مكان ، ويعلقون أجزله على أستار الكعبة المُشرّفة ، وهي أعظم الأماكن المقدسة عندهم . جاء الإسلام واللغة العربية لغةٌ مثالية تنطقها كل قبيلة في الجزيرة العربية ولا يعسر فهمها على سائر القبائل ، وهي لغة المجتمعات الأدبية ولغة الشعر والخطابة ، ولغة المفاخرة والمنافرة ، وقد طغت على تلك اللغة لهجةُ قريش ، وكانت من أفصح اللهجات وأكثرها نقاوة وبياناً ، وذلك لعدة أسباب نذكر منها :

1 - وجود الكعبة المشرفة في بلادهم والتي يحج الناس إليها في كل عام ، وطبيعي أن تنقل وفود الحجيج هذه اللهجة لسلاستها ، وسهولة لفظها وجزالته .

2 - وجود الأسواق التجارية التي كانت تقام في بلادهم في عدة مواسم ، كسوق عكاظ الشهيرة ، وذي المجاز وغيرهما .

3 - الرحلات التجارية التي كان يقوم بها تجار قريش إلى الأمصار الأخرى كرحلة الشتاء والصيف ، وطبيعي أن تنشر هذه الرحلات لغة قريش ولهجتها في كثير من البلدان والأصقاع .

وقد جاء القرآن الكريم بلغة العرب من أهل الجزيرة ، باللغة التي يفهمها الجميع ولا يعسر فهمها على أحد ، يقول تعالى في كتابه العزيز : { إنّا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون } ، وفي آيةٍ أخرى : { كتابٌ فُصّلت آياته قُرآناً عربياً لقومٍ يعلمون } . جاء القرآن الكريم بلغة الرسول ، وبلغة قومه من العرب حيث تؤكد ذلك الآية الكريمة : { فإنما يسّرناه بلسانكَ لتُبَشِّر به المتقين وتُنذر به قوماً لُدّا } . ومجيء القرآن على هذا النسق من فصاحة البيان ، وبلاغة التعبير ، يدلُّ دلالةً قوية على انه كان يخاطب قوماً وصلوا إلى درجة عالية في ميادين البلاغة وروعة التعبير . وقد عزّز القرآن الكريم من مكانة اللغة العربية وعمل على حفظها ، وساعد على نشر الكتابة ، حيث أصبحت هناك حاجة ملحة لحفظ أصول اللغة ونشر الكتابة لكتابة آيات القرآن الكريم ، وأحاديث الرسول وسننه ، فنشطت اللغة بعد وهن واستيقظت بعد سُبات . يروي البلاذري في كتابه فتوح البلدان : أن الإسلام دخل وفي قريش سبعة عشر رجلاً كلهم يكتب : عمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، وعثمان بن عفان ، وأبو عبيدة بن الجرّاح ، وطلحة ، ويزيد بن أبي سفيان ، وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة ، وحاطب بن عمرو ، وأبو سلمة بن عبد الأسد المخزومي ، وأبان بن سعيد بن العاص بن أميّة ، وخالد بن سعيد أخوه ، وعبد الله بن سعيد بن أبي سرح العامري ، وحويطب بن عبد العزى العامري ، وأبو سفيان بن حرب ، ومعاوية بن أبي سفيان ، وجهيم بن الصلت ، ومن حلفاء قريش العلاء بن الحضرمي " . وقليل من نسائهم كن يكتبن ، كحفصة وأم كلثوم من زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم ، والشفاء بنت عبد الله العدوية ، وكانت عائشة أم المؤمنين تقرأ المصحف ولا تكتب وكذلك أم سلمة . فلما جاء الاسلام استكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض هؤلاء الذين يعرفون الكتابة لكتابة ما ينزل من القرآن ، فكان أول من كتب له مَقْدَمَهُ المدينة أُبيّ بن كعب الأنصاري فكان أُبَيّ إذا لم يحضر دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت الأنصاري فكتب له ، فكان أُبَيّ وزيد يكتبان الوحي بين يديه وكتبه إلى من يكاتب من الناس ومن يقطع وغير ذلك . وأول من كتب له من قريش عبد الله بن سعد بن أبي سرح ثم ارتد .... الخ ، ثم كتب له صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان ، وشرحبيل بن حسنة وأبان بن سعيد وخالد بن سعيد والعلاء بن الحضرمي ومعاوية بن أبي سفيان ويروي الواقدي أن حنظلة بن الربيع كتب بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم مرة فسمي حنظلة الكاتب . ولما جاء الإسلام اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم كتبة للوحي ، فكانوا يكتبون على الرقاع والأضلاع ، وسعف النخيل والحجارة ، والرقاق البيض ، ثم جُمعت هذه الصحف في عهد أبي بكر ، وعني بعض الصحابة بكتابة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كعبد الله بن عمرو بن العاص ، فإنه كان يدوّن ما يسمع من رسول الله ، قال أبو هريرة : " ما أجد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر حديثاً مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب " . وقال عبد الله بن عمرو : " كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه " . وكان طبيعياً أن يشجع النبي صلى الله عليه وسلم على تعلّم الكتابة ، وقد ورد انه في غزوة بدر كان فداء الأسرى الذين يكتبون أن يعلموا عشرة من صبيان المدينة الكتابة .. وكان نشر الدين يستتبع الحاجة إلى القارئين الكاتبين ، فقد كانت آيات القرآن تكتب ويتلوها من يعرف القراءة على من لم يعرف . وقد جاء في حديث إسلام عمر انه عمد إلى أخته فاطمة وختنه سعيد ، وعندهما خبّاب بن الأرتّ معه صحيفة فيها سورة " طه " يقرأها لهما ، قال ابن إسحاق ، وكان إسلام عمر فيما بلغني ، أن أخته فاطمة بنت الخطاب ، كانت قد أسلمت وأسلم بعلها سعيد بن زيد ، وهما مستخفيان بإسلامهما من عمر ، وكان نُعيم بن عبد الله النحّام من مكة - رجلٌ من قومه ، من بني عدي بن كعب - قد أسلم ، وكان أيضاً يستخفي بإسلامه فَرَقَاً من قومه . وكان خباب بن الأرتّ يختلف الى فاطمة بنت الخطاب يقرؤها القرآن ، فخرج عمر يوماً متوشحاً سيفه يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورهطاً من أصحابه قد ذُكروا له انهم قد إجتمعوا في بيتٍ عند الصّفا ، وهم قريب من أربعين ما بين رجالٍ ونساء ، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم عمّه حمزة بن عبد المطّلب ، وأبو بكر بن قحافة الصدّيق ، وعلي بن أبي طالب في رجال من المسلمين ، ممن كان أقام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ، ولم يخرج فيمن خرج إلى أرض الحبشة ، فلقيه نُعَيم بن عبد الله فقال له : أين تريد يا عمر ؟ فقال : ؟ أريد محمداً هذا الذي فرّق أمر قريش وسَفَّهَ أحلامها وعاب دينها ، وسبَّ آلهتها ، فأقتله . فقال له نعيم : والله لقد غرتك نفسك يا عمر ! أتُرى بني عبد مناف تاركيك تمشي على الأرض وقد قتلتَ محمداً ؟! أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم ؟ قال : وأي أهل بيتي ؟ قال : ختنك وابن عمك سعيد بن زيد بن عمرو ، وأختك فاطمة بنت الخطاب ، فقد والله أسلما ، وتابعا محمداً على دينه ، فعليك بهما . فرجع عمر عامداً إلى أخته وختنه ، وعندهما خباب بن الأرتّ معه صحيفة فيها ( طه ) يقرئهما إياها. فلما سمعوا حِسَّ عمر ، تغيّب خبّاب في مخدعٍ لهم ، أو في بعض البيت ، وأخذت فاطمة بنت الخطّاب الصحيفة فجعلتها تحت فخذها ، وقد سمع عمر حين دنا إلى البيت قراءة خباب عليهما ، فلما دخل قال : ما هذه الهينمة التي سمعت ؟ قالا له : ما سمعت شيئاً ، قال : بلى والله ، لقد أُخبرت انكما تابعتما محمداً على دينه ! وبطش بختنه سعيد بن زيد ، فقامت إليه أخته فاطمة بنت الخطّاب لتكفّه عن زوجها ، فضربها فشجّها ، فلما فعل ذلك قالت له أخته وختنه : نعم ، قد أسلمنا وآمنا بالله ورسوله ، فاصنع ما بدا لك ! فلما رأى عمر ما بأخته من الدم ندم على ما صنع ، فارعوى ، وقال لأخته : أعطني هذه الصحيفة التي سمعتكم تقرأون آنفاً ، أنظر ما هذا الذي جاء به محمد - وكان عمر كاتباً - فلما قال ذلك قالت له أخته : إنّا نخشاك عليها . قال : لا تخافي ، وحلف لها بآلهته ليردنّها إذا قرأها إليها . فلما قال ذلك طمعت في إسلامه فقالت له : يا أخي ، إنك نجسٌ ، على شركك ، وإنه لا يمسها إلا الطاهر ! فقام عمر فاغتسل ، فأعطته الصحيفة وفيها { طه } فقرأها ، فلما قرأ منها صدراً قال : ما أحسن هذا الكلام وأكرمه ! فلما سمع ذلك خباب خرج اليه فقال له : يا عمر ، والله اني لأرجو أن يكون الله قد خصّك بدعوة نبيه , فاني سمعته أمس وهو يقول : اللهم أيّد الإسلام بأبي الحكم بن هشام ، أو بعمر بن الخطاب ، فالله الله يا عمر ! فقال له عند ذلك عمر : فدلني يا خبّاب على محمد حتى آتيه فأُسلم . فقال له خبّاب : هو في بيتٍ عند الصَّفا ، معه نفرٌ من أصحابه . فأخذ عمر سيفه فتوشّحه ، ثم عمد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فضرب عليهم الباب ، فلما سمعوا صوته ، قام رجل من أصحاب رسول الله فنظر من خلل الباب فرآه متوشحاً سيفه ، فرجع الى رسول الله وهو فزع فقال : يا رسول الله ، هذا عمر بن الخطاب متوشحاً سيفه . فقال حمزة بن عبد المطلب : فأذن له ، فان كان يريد خيراً بذلناه له ، وان كان يريد شراً قتلناه بسيفه . فقال رسول الله ائذن له . فاذن له الرجل ، ونهض اليه رسول الله حتى لقيه في الحجرة ، فأخذ حجزته أو بمجمع ردائه ، ثم جبذه به جبذةً شديدة وقال : ما جاء بك يا ابن الخطّاب ؟ فوالله ما أرى أن تنتهي حتى ينزل الله بك قارعة . فقال عمر يا رسول الله جئتك لأؤمن بالله وبرسوله وبما جاء من عند الله . فكبّر رسول الله تكبيرةً عرف أهل البيت من أصحاب رسول الله أن عمر قد أسلم . وهناك صحيفةٌ أخرى ، هي الصحيفة التي تواثق فيها المشركون من قريش ضد الرسول وأصحابه ، قال ابن اسحاق : لما رأت قريش أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نزلوا بلداً أصابوا به أمناً وقراراً ، وأن النجاشي قد منع من لجأ اليه منهم ، وأن عمر قد أسلم ، فكان هو وحمزة بن عبد المطلب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وجعل الإسلام يفشوا في القبائل ، إجتمعوا وائتمروا أن يكتبوا كتاباً يتعاقدون فيه على بني هاشم وبني عبد المطلب ، على أن لا ينكحوا اليهم ولا يُنكحوهم ، ولا يبيعوهم شيئاً ولا يبتاعوا منهم ، فلما اجتمعوا لذلك كتبوه في صحيفة ، ثم تعاهدوا أو تواثقو على ذلك ، ثم علقوا الصحيفة في جوف الكعبة توكيداً على أنفسهم ، وكان كاتب الصحيفة منصور بن عكرمة ، ويقال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عليه فشل بعض أصابعه . وكان من خبر نقض هذه الصحيفة انه بعد أن قام اليها المطعم بن عدي ليشقها ، فوجد الأرضة قد أكلتها إلا " باسمك اللهم " . وذكر ابن هشام في السيرة : " أنّ سُويد بن صامت قَدِمَ مكة حاجّاً أو معتمراً ، وكان سويد انما يسميه قومه فيهم الكامل لجَلَدِه وشرفه ونسبه ... فتصدّى له رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سمع به ، فدعاه الى الله والى الإسلام ، فقال له سويد : فلعلّ الذي معك مثل الذي معي ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما الذي معك ؟ قال : مجلة لقمان ( أي صحيفة فيها حِكَم لقمان ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعرضها عليّ ، فعرضها عليه ، فقال له : إنّ هذا الكلام حَسَن ، والذي معي أفضل من هذا ، قرآنٌ أنزله الله عليّ ، هو هدى ونور ، فتلا عليه رسول الله القرآن ، ودعاه الى الإسلام فلم يبعد منه ، وقال :" ان هذا لقول حسن ...الخ ". وفي حجة لحكيم بن حزام ، وكان قد تأخر إسلامه ، أن وقف في عرفات ومعه مائة من عبيده ، وقد جعل في عنق كل واحد منهم طوقاً من الفضة ، نقش عليه " عتقاء لله عز وجل عن حكيم بن حزام ، ثم أعتقهم جميعاً .

الخلاصة:


نستنتج مما تقدم ، أن اللغة العربية كانت قد وصلت في هذا العصر إلى قمة النضوج والكمال ، وغاية القوة والجمال ، من حيث فصاحة التعبير وسلاسة اللفظ وسحر البيان حتى ان الرسول صلى الله عليه وسلم قال :" إن من البيان لسحرا " ، وكان يعجب ببعض الشعر ويستعذبه ، وحتى القرآن الكريم وجه اهتماماً خاصاً في محاربة هذا البيان ، وتحدي هذه القوة البلاغية العظيمة بقوة أعظم منها فقد جاء في الآية الكريمة من سورة البقرة : { وإن كنتم في ريبٍ مما نزّلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله ان كنتم صادقين } ، وفي آية أخرى : { أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين } ، وفي آية أخرى : { أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سورٍ مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين }. فانبهر العرب من هذا القرآن الذي غلب بيانهم وتحدى بلاغتهم وفصاحتهم ، فقارنوه بالشعر ، وبالسحر ، وبسجع الكهان ، ولكنه كان أقوى وأفصح ، فوقفوا أمام بلاغته عاجزين . { قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا } . اللغة العربية في هذا العصر لغة مفهومة على سائر القبائل العربية أينما وجدوا ، فهي لغتهم التي رضعوا فصاحتها مع اللبن ، وترعرعوا في صحراء بيانها . فها هي وفود القبائل العربية تأتي مسلمة من مشارق الارض ومغاربها ، لا تطلب مترجماً لها ، فاللغة العربية واحدة للعرب اينما كانوا ، اللهم الا بعض اختلاف بسيط في اللهجات . أما الكتابة فقد كانت موجودة ومنتشرة ، في مكة وفي المدينة ، وفي اليمن والشام وفي العراق وكانت منتشرة بشكل ملحوظ في هذه الاقطار الأخيرة بسبب الحضارة التي كانت سائدة بها ، كحضارة اللخميين في العراق ، وحضارة الغساسنة في الشام ، والحضارة اليمنية . وقد كان العرب يكتبون الوثائق ، كما رأينا في وثيقة الكفار ضد الرسول والمسلمين ، والتي علقت في جوف الكعبة ، واكلها العث الا جملة باسمك اللهم . والصحيفة التي كتب فيها (طه) وكانت سبباً في اسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه . وكانوا يكتبون على الرقاع والاضلاع والرقاق البيض بالاضافة الى الصحف التي ذكرنا ، كذلك كانوا ينقشون كتابتهم على الاواني المعدنية كما رأينا في قصة حكيم بن حزام الذي وضع في رقاب مائة من عبيده اطواقاً من الفضة نقش عليها " عتقاء لله عز وجل عن حكيم بن حزام " . وبهذا نكون قد توصلنا الى معرفة مدى انتشار اللغة العربية في هذه الحقبة من الزمن وعرفنا مبلغ قوة بيانها وسلاسة اسلوبها وطلاوة تعبيرها وانها من أقوى اللغات في ذلك الزمن واجملها .

..........................................
مراجع:
1 - القرآن الكريم بتفسير الجلالين .
2 - المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم - محمد فؤاد عبد الباقي .
3 - فجر الإسلام - أحمد أمين .
4 - حياة محمد - محمد حسين هيكل .
5 - تاريخ الأدب العربي - حنا الفاخوري .
6 - الأدب العربي وتاريخه في الأدب الجاهلي - هيوارث دن .
7 - الخط العربي - د. إميل يعقوب .
8 - السيرة النبوية - ابن هشام .

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية