كشفت دراسة حديثة صدرت اخيرا ان بني الإنسان وأمة الدجاج يتقاسمان عددا كبيرا من المورثات الجينية وقد اكدت الدراسة التي صدرت اخيرا عن المعهد القومي لأبحاث الوراثة البشرية بالعاصمة الاميركية واشنطن اشتراك الاثنين في اكثر من نصف الجينات كما صرح بذلك مدير المعهد العالم الخبير (فرانسيس كولينز) وحري بعد هذا الكشف الخطير ان تبحث كل امة عن تلك الجينات المشتركة لتتعرف على اثرها في تكوينها النفسي وبنائها الانساني، ترى في اي الخصائص تلتقي امة العرب وامة الدجاج؟ لو اعملت فكرك قليلا فستكتشف من الشواهد والبراهين ما يثبت لك صحة هذا الكشف العلمي الفريد. اول ما يثير الانتباه في الدجاج انه من فصيلة الطيور، لكنه طائر لا يطير مع انه يملك جناحين قويين، ولذا فإن الاسماء عند بني الدجاج لا تطابق بالضرورة المسميات والصفات فيهم لا تتبع الموصوفين بها، هذه الخصيصة الجينية موجودة لدى كثير من ابناء قومنا فتجد الملقب بالفارس ولا فرس، وبالشجاع ولا شجاعة، وترى بيننا طوابير من المثقفين ـ كما يحلو لهم ان ينعتوا انفسهم ـ فإذا ما ثاقفتهم حوارا وبحثا تمخض جبلهم عن فروج قليل الخبرة عديم الدربة!
وان تأملت في صفات الجنسين من حيث الانوثة والذكورة، فستجد الديكة التي تتيه بتيجانها بين اسراب الاناث، وكثيرا ما اقتتل ذوو التيجان للفوز بقلب احدى الدجاجات، وربما ادى الصراع الشرس الى مقتل احدهما، وفي دنيا البشر حين تقع جريمة قتل فإنه يقال حينئذ: فتش عن المرأة، فإذا ما ابصرت ديكا مجندلا على قارعة الطريق ففتش اذن عن الدجاجة! ولا تقتصر الخصائص الذكورية المميزة على جانب المهارشة بين الديكة، فثمة جانب صوتي يميزها، فللديك صوت جهير يتميز به عن الدجاجات وصغار الفراريج، وكأن الذكورة في عالم الريش الابيض تتلخص في جهورية الصوت وعلو طبقته، وتجد الامر عينه في ذوي التيجان من البشر فإنهم يحسبون الرجولة في الخطب الرنانة والبيانات الطنانة، ولكن حين تدق ساعة المواجهة وتقرع طبول الحرب تتكشف الحقيقة الشائعة عن العرب بأنهم مجرد ظاهرة صوتية مضخمة! ومن غرائب ذوي التيجان انهم لا تتسع صدورهم لوجود منافس معارض في الحظيرة، فلا صوت يعلو فوق صوت الديك المتوج، وكثيرا ما يتسلط الديك الكهل على الفروج الطفل حتى لو انسابت بيضته من صلبه، فالملك عقيم، والحظيرة الصغيرة لا تتسع لديكين اذ لا يجتمع سيفان في غمد، ولذا تجد الديك الاكبر لا ينفك عن مهاجمة الفروج الصغير ونقره في رأسه حتى يقضي عليه، فإن اخفق في تحقيق ذلك فستكون منيته وزوال ملكه بمنقار الديك الشاب الذي لا يرى في الابوة ما يحمله على رحمة الديك العجوز والتغاضي عن ملكيته الشرفية على عرش الحظيرة! والامر قريب جدا من ذلك في دنيا البشر, واما الدجاجات فليس لهن نصيب من فصاحة الديك ولا جهارة صوته الصيت ولا احلام الملك والملوكية لكنهن، مزعجات بهمهماتهن التي لا تنقطع للحظة، فلهن مناقير لا تهدأ من كثرة اللت والعجن والنبش في الارض!
وفي امة الدجاج خصلتان شهيرتان: الأولى انها مضرب المثل في الهلع والخوف حتى غدا تشبيه الآدمي بالدجاجة منصرفا الى الجبان الرعديد عند الاطلاق، والثانية: كثرة عددها كثرة هائلة فلحمها الابيض ارخص واكثر رواجا من لحم الانعام الاحمر، لكن هذه الكثرة لم تمنعها من ان تكون اسهل فريسة يلتهمها الانسان دون مقاومة! ألا ترى بعد ذلك ان هذا الكشف العلمي جاء متأخرا جدا، وان واقعنا المرير اكبر شاهد ناطق بصحته منذ قرون طوال!