تلقيت عشرات الرسائل على فترات متباعدة، يتساءل أصحابها: هل أنت مع المرأة أم ضدها؟ ويكون ذلك عادة عقب مقالً أتناول فيه شأنًا "نسائيا". والسؤال صعبٌ، لأنه يفترض أن المرأة كيان مثل إسرائيل أو الصومال، ينبغي أن تحدد منه موقفا بالعداء أو التعاطف، وهذا السؤال لا يختلف في تقديري عن السؤال: هل ما زلت تضرب زوجتك؟ فإن أجبت بنعم، فأنت جلف وفظ قاسي القلب، وإن قلت لا، فمعنى ذلك أنك كنت تضربها وكنت جلفًا وفظًا قاسي القلب، ولكنك توقفت عن ذلك أخيرا! وعلى كل حال فإن تكرار طرح ذلك السؤال لن يرهبني أو يرعبني، بل سأواصل بين الحين والآخر التصدي للمحاولات النسائية اليائسة للحاق بركب الرجال الظافر، بكشف ألاعيبهن وعيوبهن التي أثبتتها التحاليل المختبرية، وكان آخرها استطلاع للرأي اقتصر على النساء في بريطانيا، قالت خلاله 94% منهن أنهن يكذبن بانتظام كذبا منه النوع الثقيل ومنه النوع الذي يسميه البريطانيون "فيب"، وهي الكذبة الزغننة الكتكوتة التي نسميها نحن "بيضاء"، كدليل على عنصريتنا، بجعل الكذبة الكبيرة "سوداء"، مع أن الكذب "كذب وخلاص"، ومن باب الإنصاف أن أقول إن اعتراف 94% من أولئك النسوة بأنهن يكذبن يعني ضمنا أن تلك النسبة نفسها تتحلى بقدر من الأمانة، ولم يكذبن على الأقل في شأن أنهن يكذبن (آسف إذا كانت الجملة الأخيرة من صنف الجمل التي ينطق بها وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد مثل قوله "إنهم لا يعرفون أننا نعرف أنهم لا يعرفون ما نعرف"، التي نال بها الجائزة الدولية للخطرفة)... خلّونا مع النساء فهن أقل شرًا وكيدًا من رامسفيلد، ونعود إلى ذلك الاستطلاع لنرى أن نحو 80% من النساء يكذبن في أمور اجتماعية تتعلق بأوضاع عائلاتهن، ومداخيلهن الشهرية، والتباهي مستشرٍ في أوساط النساء، خاصة ذوات "الهم الفاضي والبال الرايق" اللواتي ليس وراءهن شغل ولا مشغلة غير السوالف ولوك سيرة هذه وتلك، ويكون التباهي الكاذب حول الأصل والفصل غالبا بصيغة الماضي: أبوي الله يرحمه، كان عنده عشرة بيوت على الطريق الدائري... بس كان كريم ووزعهم على الجيران "الفقارى"! جدي كان تاجر سجاد في المدنية المنورة في زمن الأتراك، وهاجر إلى كندا وترك عمارات في تورنتو وتورينو... بس الحكومة الكندية صادرتها بعد تطبيق الاشتراكية! (لا تجعل هذه السيدة تضحك على عقلك: تورينو في إيطاليا!)
وبالمقابل فإن الرجل لا يكذب إلا في ساعة الزنقة: أين كنت حتى الرابعة فجرًا وقد خرجت في الخامسة عصرًا؟ الحل الوحيد في هذه الحال هو أن "تقتل" صديقا وهميا: عبد الفتاح مات... مسكين كان جالس ويانا، وأخذ نفس شيشة وطلَّعه، وطلَّع معه الروح! ولا بأس في أن يكذب رجل مثل هذا لأن حياته العائلية نفسها أكذوبة، وإلا لما غاب عن البيت 11 ساعة متواصلة لسبب لا تعرفه زوجته! ولكن استطلاعا بريطانيا آخر "فشَّلني" حيث أثبت إن عدد الرجال "الخونة" ضعف عدد النساء "الخائنات"... يعني هن أكثر كذبا و... وفاء من الرجال!.