على الهوا سوا أو ستار أكاديمي أو الرئيس ( big brother ) هذه هي بعض المنتجات الثقافية الحديثة الصنع والتي صدرها لنا الغرب عن طريق الفضائيات وكلائه في الدول العربية والإسلامية،إن هذه البرامج وغيرها يصطلح عليها بما يعرف بتلفزيون الواقع ( real T.V )التي إنتشرت في الآونة الأخيرة في الدول الغربية وتقوم بتجميع مجموعة من الشباب وجعلهم يعيشون في مكان واحد ويمارسون حياتهم بشكل طبيعي وهذا كله تحت أعين كاميرات التصوير التي تنتشر في كل جزء من أجزاء المكان الذي يعيشون فيه والتي تنقل جميع ما يدور في المكان اللائق منه وغير اللائق و يشاهد ما تلتقطه هذه الكاميرات بصورة مباشرة كل العالم من شوارع بكين إلى جزر الكاريبي في المحيط الهادئ . إن مثل هذه البرامج تدعوا إلى الإنسلاخ من الهوية الإسلامية العريقة والتنازل عن التقاليد والأعراف العربية الأصلية فهذه المنتجات الثقافية غير صالح للإستخدام في مجتمعاتنا فالمجتمعات العربية والإسلامية مجتمعات محافظة لا ترضى بمثل هذه المهازل الحية التي تعرض أمام ناظري جميع أفراد الأسرة من الطفل ذو العامين حتى الشيخ الطاعن في السن وهذه ما يميز الإعلام عن غيره فجمهور التلفزيون والإذاعة جمهور واسع لأنه يتخاطب بلغة سهلة ومدعمة بالصوت والصور والحركة مما يشد إنتباه المشاهد ويجعله يكتسب بعض عناصر ثقافته لا شعورياً من خلال الإعلام وهذا ما تأكده نظريات الإعلام المعاصر بأن التأثير الذي يلعبه الإعلام في الثقافة والفكر تأثير رهيب وكبير جدا ،
إن الغريب في هذه البرامج أنها حاولت وبشكل واضح أن تبين للمشاهد أنه لا ثمة فرق بين هذه البرنامج وبين الشريعة الإسلامية أو التقاليد والأعراف الثابته فحرصت على مشاركة فتيات يرتدين الحجاب حتى يوصلوا للمشاهد وبصورة غير مباشرة بأن هذا البرنامج هو برنامج محلي أي غير مستورد ويتجنبوا ردة الفعل العنيفة من مجتمعات محافظة كالمجتمعات العربية ويشجعوا أيضاً على إستخدامه ،كذلك يقوم القائمون على البرنامج بتصوير بعض المشاركين أثناء أداء الصلاة لكي يوهموا الناس أن ما يقدمونه هو مثال متميز للإنسان المسلم وثقافته ، إن عملية الربط بين الحجاب وأداء الصلاة وبين إختلاط الشباب والفتيات وتبادل الحديث والضحكات والرقص الماجن وأحيانا تبادل القبلات تسقط وبصورة تلقائيةحواجز العفة والشرف لدى الشباب وتجعلهم يحسون أن ما يفعلونه من ممارسات سيئة هو أمر طبيعي وجزء لا يتجزأ من حياتهم اليومية ويحرصون كذلك على تأصيل نظرية المقولة الشهيرة ( ساعة لربك وساعة لقلبك) .
يقول العلامة أبو الأعلى المودودي في كتابه ( واقع المسلمين وسبيل النهوض بهم) : " لا شك أنهم ما إستطاعوا أن يردوا منا أحداً على عقبه كافراً يجهر بإرتداده عن الإسلام ، ولكن لا أخال أنهم تركوا حتى إثنين من مائة رجل منا على إسلامهما الخالص من حيث الفكرة والنظر والوجدان والذوق والسيرة والأخلال والأعمال . فهذا هو الضرر الفادح الذي قد ألحقوه بنا ، فقد نشفوا جذور ثقافتنا في قلوبنا وأذهاننا وغرسوا فيها وأصلوا جذور الثقافات الأجنبية الأخرى " ص 155 (واقع المسلمين وسبيل النهوض بهم ) . إن الفراغ الفكري الذي يعيشه كثير من الشباب العربي في هذه الفترة ليفتح الباب على مصارعيه لمثل هذه الأفكار الغربية الدخيلة التي لولا وجود هذه الفئة من المجتمع لما تجرأت هذه الشركات ليس على عمل برنامج تلفزيوني فحسب بل لم تتجرأ حتى على نشر مقالة في صحيفة يومية يتكلم عن مثل هذه الممارسات الخاطئة .
إن الواجب الذي يحتمه علينا ديينا الحنيف أن نحارب كل من يحارب فكرنا وثقافتنا وهذا يكون بعدة طرق سواء من خلال كتابة المقالات أو إقامة الدروس والمحاضرات الدينية التي تبين للناس خطر هذه البرامج أوإقامة الإعتصامات المناهضة لمثل هذه البرامج الهزيلة والأهم من هذا كله هو محاربة مثل هذه البرامج من خلال تقديم البديل الناجح لمثل هذه البرامج فلماذا لا يكون هنا برنامج تحت مسمى ( مدرسة القرآن ) أو ( نادي الحديث ) يجمع فيه المشاركون في مخيم أو مكان ما ويقومون بحفظ القرآن الكريم أو الأحاديث الشريفة وإقامة مجموعة من المحاضرات والندوات والدورات العلمية في جو من التنافس الشريف وتكون كاميرات التصوير هي الناقل الحي والمباشر لعملية التنافس بين المشاركين لتعود على المشاركين جميعاً بالفائدة والكبيرة وتشجع كذلك المشاهدين على المشاركة في مثل هذه البرامج وحفظ القرآن الكريم والأحاديث النبوية ، إن الغرب إن لم يجد من يقف في وجه فإنه قطعاً لن يقف عند حد بل سيهدم ثقافتنا حتى آخر حجر فيها ولكنه إن وجد من يقف أمامه ويوقفه عند حده فسيفكر كثيراً قبل أن يقدم برامجاً تروج لأفكاره الغربية.