إن ظاهرة العنف الأسري ليست مقصورة على مجتمعات دون أخرى، فهي موجودة في كل المجتمعات، إلا إن طرق التعامل مع هذه الظاهرة تتفاوت من مجتمع لأخر لا سيما في مجال الحماية القانونية للأسرة .
ففي مجتمعاتنا العربية ونظرا لطبيعتها الذكورية وللعادات والتقاليد السائدة، فأنه نادرا ما يتم الحديث عن العنف الأسري، لأنها تعطي الحق للرجل أن يفعل بأهل بيته مايشاء بحجة التأديب.
صحيح إن للرجل سلطة على أهل بيته حسب النظام الأبوي، لكن إذا تعسف في إستعمال سلطته هذه باستعمال العنف الزائد، الذي قد يؤدي الى المعاناة والألم، وجب هنا مسألته و توفير الحماية للطرف الاضعف الأسرة اي المراة والطفل.
لكن المشكلة إن هناك الكثير وإن لم تكن أغلب الحالات التي تندرج تحت مفهوم العنف الأسري لا يتم الحديث عنها في مجتمعاتنا العربية، بسبب الخوف إما من المعتدي نفسه أو بسبب خوف المرأة من تفكك أسرتها أو قد يكون الخوف من المجتمع نفسه بسبب العادات والتقاليد السائدة أو عدم وجود القوانين الخاصة بالعنف الاسري والتي توفر الحماية للطرف المعتدى عليه، وفي النهاية تبقى المراة والطفل من يدفع الثمن.
ولا نعني بعدم وجود قوانين خاصة بالعنف الأسري انه في حال الإعتداء لايوجد أي حماية للطرف المعتدى عليه، إلا إن هذه الحماية قد نجدها متناثرة هنا وهناك في القوانين، وخصوصًا في قوانين العقوبات التي تجرم معظم مظاهر الإساءة للشخص بشكل عام. فتنص على عقوبات خاصة بجرائم الذم والقدح والتحقير وجرائم التهديد والجرائم التي تقع على الجسد والتي يمكن تطبيقها على المراة والطفل في حال الاعتداء عليهما .
فعلى سبيل المثال قانون العقوبات الأردني نص على عقوبات خاصة بجرائم الذم والقدح والتحقير وجرائم التهديد، والتي يمكن تطبيقها على المرأة باعتبار مثل هذه الأفعال تحدث ألاما ومعانا ة نفسية .
أما العنف الجسدي والذي يمس سلامة جسم الشخص، وهو فعل أو إمتناع يؤدي ألى الإخلال بالسير الطبيعي لوظائف الأعضاء أو ينقص من تكامل الجسد أو يوجد ألاما لم يكن يشعر بها المعتدى عليه من قبل او يزيد من هذه الألام، مثل الضرب أو الجرح أو الإيذاء بفعل مؤثر فان قانون العقوبات الأردني نص على مثل هذه الحالات وجرمها ،في المواد التي تعالج الإيذاء المقصود البسيط والايذاء الشديد والايذاء الجنائي بإحداث عاهة دائمة وهذه النصوص لا تستثني المراة او الطفل المعتدى عليهما داخل الاسرة وإنما يمكن تطبيقها عليهما أيضا.
إلا أنه وبالرغم من وجود النصوص القانونية التي تعاقب على العنف الأسري هناك صعوبات تحول دون توفير الحماية للمعتدى عليهم، وبالتالي تطبيق القانون، كعدم توفر البينات او القرائن لإثبات واقعة الايذاء أو العنف كصمت المعتدى عليها وعدم تقديم شكوى خصوصا في الحالات التي تتطلب وجود شكوى ، أو عدم البوح بالأسباب الحقيقية للحادث الذي حصل لها كالتحجج بأي شيء ،حتى لا يتم ملاحقة المعتدي في الحالات المتعلقة بالحق العام لإسباب تعود إلى العادات الأجتماعية فيتم الضغط على المرأة وتهديدها لتصمت أو لتتنازل عن الشكوى في حال تقديمها. ايظا جهل المرأة بالإجراءات القانونية التي تساعدها في الحصول على حقها وتوفير الحماية لها .
لذا لابد من وجود قوانين خاصة تنظم مسألة العنف الأسري قائمة على مباديء الدين الإسلامي الحنيف الذي أمر باحترام كرامة الإنسان وحفظ حقوقه ، ليسهل على المخاطبين بهذا القانون معرفة حقوقهم وكيفية حمايتها من خلال تطبيق هذه القوانين.
كما لابد من توعية المجتمع بعدم قبول العنف كوسيلة لحل النزاعات والتصدي له من خلال البرامج الإرشادية للتعريف باثاره السلبية على الأسرة والمجتمع .