أنا شهرزادُ القصيدة **وصوتي غناءُ الجراحْ
أنا كل يومٍ جديدة ** أُهاجرُ عند الصباحْ
تحكي لنا شهرزادْ*, في هذه الليلة السنيّة, قائلةً:انفلت عقود جفوني اليوم, مع إنسدال خيوط الشمس العسجدية الجذلى, المُلتمعة بالفرح البهيج, هامسةً في أذني قائلةً لي تعويذة الصباح المُشمس بغنج الغانية ذات الصوت الشجي لتُطربني ((كعادتها كل صباح)) أنتِ رائدة دعوة .. حاملة همّ أمة .. مسلمة غيورة
هلّمي إلى العمل النهضوي لإصلاح مجتمعكِ
مُذكرةً إياي بكلمات فارس الكلمة ~ سيد قطب ~ رحمه الله:
((الذي يعيش لنفسه يعيش صغيراً ويموت صغيراً, والذي يحمل هذا العبء الكبير وهو هم الدعوة إلى الله فما له والنوم ؟ وماله والراحه ؟ وما له والفراش الدافئ .((
عندها أزحتُ دثاري المخملي القرمزي اللون, ونهضتُ مسرعةً يحدوني نشاطاً عارماً وهمةً بالغة وأملاً باسماً وتفاؤلاً بهيجاً للعمل والدعوة..
وكعادتي في كل صباحٍ فيروزيّ, كنتُ أتناول قهوتي التركية مع قطعة الشوكولاته الإيطالية وأقلّب الصحف اليومية وأطوف بين المقالات في الشبكة العنكبوتية.
إذ وقعت عيناي على مجموعة مقالات شائكة, حول نظرة الرجل الشرقي, للمرأة المُثقفة وأفضليّة اختيارها كزوجة, تمتطي معه صهوة الحياة.
ومن بين سطور ما قرأت, باغتني هذا النص وأذهلني, أتمنى أن تشاطروني الرأي والتأمل فيه,
لحل تلك المعضلة!
قال أحدهم بهذا الخصوص:
كثيراً ما تقلب المرأة المُثقفة كيان الرجل، فتشدّ سمعه، وتملأ عقله
هي تُثير فضوله، تدهشه، تبهره، تأسر لبّه !
شخصيتها تفرض حضورها العارم عليه فلا يستطيع إلا أن يعترف بسطوتها .
باختصار : هي تعجبه ، وقد يحبّها ، لكنه يفكر ألف مرة قبل أن يتزوجها ، ذلك
أن المُثقفة وإن كانت ( تصلح ) للحبّ ، إلا أنها قد لا ( تصلح ) للزواج!
شهرزاد تبوح قائلةً :
يا للهول!
وتستطردُ قائلةً:
لا غرو من استيطان هذه الصورة في عقول الكثيرين لأن مفهوم الثقافة النسوية مُغبش بعض الشيء في مجتمعنا, لتشويه منظومة الإعلام له, فنجد أن الإعلام يُصور لنا, أنّ المرأة المُثقفة هي المرأة التي ترتدي التنورة القصيرة, والجاكيت الأسود, وتضع أحمر الشفاه الصارخ اللون, وتتمرد على زوجها, وتتسلط عليه, بل تعاكس رأيه, ولا تعمل بما يأمرها, مُعللةً بأن لها شخصيتها المستقلة !
بل يتعدى ذلك, أنها تلك التي تنسلخ من طبيعتها المصونة, وحياءها الذي غلفها دينها به, فتجدها تضحك مع فلان, وتتجاذب أطراف الحديث بجرأةٍ متبجحة مع فلانٍ آخر, وتتناول العشاء مع موظفيها الرجال بإريحيةٍ تامّة, وتمتد لأن تُكون علاقات صداقة هوائية مع الجنس الآخر, غير آبهة لحساسية ذلك الموضوع الذي يخلعها من فطرتها, ويُقيد حياءها وجمالها الطبيعي الذي تتدثر به.
لا يخفيكم أن تلك الخطط الإعلامية الشعواء, مُدارة من قبل بني صهيون, لإستدراج المرأة المُسلمة العفيفة
الفاضلة الى وحل الرذيلة !
لأنهم يعلمون حق المعرفة, أن قوّة ومتانة المجتمع المُسلم تكمن في عفة وطهارة وحسن خُلق المرأة المُسلمة, فإن صلُحت صلُح المجتمع كله, وإن فسدت فسد المجتمع كله, فهي الحصن المنيع لاستقرار المجتمع وأمانه, كونها تُمثل الزوجة الصالحة التي تصون بعلها من الوقوع في المحظورات, وتقف بجانبه ليكون فاعلاً في بناء مجتمعه, إلى جانب كونها صانعةً للأجيال القائدة الرائدة بالأخلاق والدين والقرآن والعلم والعزة للإنتماء للإسلام, والذود لأجله.
هم يشّنون هذه الحرب الطاحنة, لزعزعة قوة الإسلام ومتانة بنيانه, ولكن عبث!
فما الجدوى من الثقافة, إن لم تجعل المرأة عارفةً بدينها, مُلمة بشرعه, عاملةً بمبادئه, قائمةً بأدوارها الحضاريه كما ينبغي أن تكون!
وما الجدى من الثقافة إن لم تُلبسها رداء الحشمة وتكسيها بثوب الإيمان وجلباب الأخلاق وعباءة التّقوى!
كما أن ذلك لا يعني, أنننا ندعو المرأة, لتسلو بثقافتها لوحدها, أو تُشعر شريكها بأنه دون مستواها الثقافي, فالغاية ليست أن تبارزه ثقافياً, أو تُمطره بوابل فلسفتها العارمة, وإنّما لتُعيد غرس حصادها الثقافي والمعرفي الذي حصّدته في عشّها الأسري, ليغدو روضةً غناء ودوحةً بهيجة من القيم والمبادىء والأخلاقيات الإسلامية الشّماء الباسقة.
وشوشة أخيرة:
تستقرأ لنا شهرزاد, كلمات من أطروحة " بهذا ألقى الله " للدكتور: حسّان حتحوت:
((لا يطمح من يدخل السباق أن يفوز وهو أعرج, ولا يقدر طائر, أن يطير بجناحٍ واحد ولا تستطيع أمة أن تقتحم الحياة, برجالها فقط, وقد عزلت النساء وحجبتهن عن تشكيل الحياة)).
وتُتمتم على نظرته الثاقبة, قائلةً:
في حين توهج الحضارة العربية الإسلامية, كان صانعوا الحضارة أجدادنا من الصحابة والتابعين يتسابقوا لنيل شرف الإقتران بنساءٍ مُسلمات شهيرات في مجالهن , مبدعات فيما خصهن الرحمن به سواء أكان علمٌٌ غزير, أو فقه عميق, أو أدبٍ بليغ, أو حتى فصاحة وبلاغة وسحر بيان.
وحُقّ لهن ذلك, فقد سطّرت نساءنا الخالدات بطولات تُنقش بماء الذهب في صدر التاريخ, لمتانة ثقافتهن الأصيلة المُستقاة من وحي قرآنهن وسنة نبيهّن.
فيا لهفي إلى عودة قوارير اليوم, لتلك المفاهيم الأصيلة, للنهوض بأمتهّن الجريحة.
ويا لهفي على صمود المرأة المُسلمة أمام تيارات التغريب التي تُعريها مما كساها الإسلام به, بدعوى الثقافة والعصرية والعولمة, وبذلك تكون هي حقاً المرأة الحصيفة التي ينشدها الرجل, ويفتخر باتخاذها زوجة صالحة تعينه على أداء رسالته ودعوته.
فما أحوج الأمة اليوم للمرأة المُسلمة المُثقفة , التي تجعلها ثقافتها الوسيعة, تسير في طريق الصواب والحق والنور, طريقُ التّقوى والإيمان والإحسان, طريقٌٌٌ يجعلها تحيا بالدين, ولأجل الدين, ولنشر ثقافة الدين.
يا ليت قومي يعلمون !
وأدرك شهرزاد الصباح, حتى سكتت عن الكلام المباح!
__________________________
* شهرزاد, هي شخصية أدبية أتدثر بها عندما أمتطى صهوة القلم, لما تمتاز به من سعة أفق, ورجاحة عقل وحكمة, وعذوبة وجمال خلابين.