Image صدقوا أو لا تصدقوا. حياتنا لعبة! نعم، مجرد لعبة فيديو ثلاثية الأبعاد!
نحن في دنيا الصور، كل الجمال و الفتنة والروعة التي تلّفك إن هي إلا صور وُجدت لتُبتلى بها. صور مجسّمة ثلاثية الأبعاد، لكنها في النهاية مجرد خيالات زائلة فانية جاءت هنا لتمتحنك. "ثم لتسألنّ يومئذ عن النعيم". 

عصا التحكم Joy Stick في هذه اللعبة في يدك أنت! لا أحد يتحكم بك أو يملي عليك خطواتك، بل أنت سيد نفسك. صحيح أنك توضع في أماكن وأوضاع ومراحل قد ترى أنك مجبر عليها، لكن أما تلاحظ أن لك مطلق الحرية في التجول والتحرك والقفز والضرب والطعن والتحليق! ثم تأتي وتتحجج بأنك مسيّر لا مخيّر؟ أعد التفكير رجاء.

نعم. أنت في لعبة، وما هي بلعبة! دعني أشرح لك. فأنت حين تتحرك في هذه اللعبة فإن لديك هدفا تريد الوصول إليه لتفوز، وفي أثناء طريقك تجمع بعض الأغراض، ف"سوبر ماريو" كان يجمع العملات الذهبية مثلا، والبطريق في لعبة The Penguin Adventures أو "مغامرات البطريق" كان يجمع الأسماك وهو في طريقه لأميرته البطريقة، والبطل في لعبة The Castle أو "القلعة" كان يجمع المفاتيح سعيا لفتح أبواب القلعة. وأعتذر أني أشير إلى ألعاب ثنائية البعدين راجت في الثمانينات وبداية التسعينات قد لا تعني أي شيء للقراء اليافعين، لكن هذا آخر عهدي بألعاب الفيديو فقد اعتزلت هذا المجال مع بدايات ظهور الـ"سيجا". على أي حال، وإن تحسنت جودة الألعاب، تظل المبادئ والمقاصد واحدة. آه، ماذا كنت أقول؟ أجل، كنت أقول أن لكل "بطل" مقصدا وأغراض معينة يجمعها، فلا تنشغل بجمع الحطام واللعاعات وتنسى المقصد وإلا ستصبح مثل "باكمان" Pacman الذي لا هم له سوى التقام الفتات دون أن تمسكه الأشباح. وفي يوم ستجد شاشتك ترفل بعبارة Game Over، وهنا يأتي مَلك الموت عليه السلام ليقوم بمهمته. ألم أقل لك أنها في النهاية لعبة لكن إياك أن تحسب أنها حقا لعبة!

الجميل في لعبة الحياة هو أنك أنت من تختار مقصدك في اللعبة وطريقك؛ "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى. فمن كانت هجرته إلى الله و رسوله، فهجرته إلى الله و رسوله. ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه " كما قال الرسول صلوات ربي وسلامه عليه. فلا تجعل هدفك مجرد الوصول إلى الأميرة لتتزوج بها أو الوصول إلى الكنز لتصبح ثريا، بل "العبها صح!" واجعل مقصدك أرقى وأسمى.


وأحذرك كل الحذر من أن تصيبك حمّى "سوبر ماريو" فهذه حمى قاتلة لا يرجى البُرء منها! و"سوبر ماريو" هذا يجول في كل مكان ويمر عبر المجاري ويأكل الفطر والأزهار ويجمع العملات ويسحق الغربان والسلاحف لكني حتى الآن لم أفطن إلى الهدف من اللعبة وماذا سيحصل السبّاك الإيطالي ماريو الخارق أو أخوه "لويجي" إذا انتهت اللعبة. وأؤكد لكم أني جربت اللعبة على ال"جيم بوي" وعلى "الننتندو" ولم أحظ بكشف السر، أو لعل هذا تقصير مني إذ كنت آنذاك ألعب لمجرد الاستمتاع لا للتفكير فيما ألعب، ولعل اللعبة تطورت في عصر ما بعد "النتندة" (أي اللعب على أجهزة الننتندو!).


ألا أيها المغامر، تأكد ألا تكون من الذين يجوبون الأرض طولا وعرضا لمجرد اللعب فقط دون أن يكون لنهاية مغامرتك الحياتية مقصد ومفاز. "وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ" (العنكبوت : 64)

كاتبة ورئيسة تحرير دار ناشري للنشر الإلكتروني
كاتبة كويتية. حاصلة على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية واللغة الإنكليزية من جامعة الكويت بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف، وعلى درجة الماجستير في علوم المكتبات والمعلومات من جامعة الكويت. صدر لها 15 كتابا مطبوعا: أربع روايات، ومجموعتان قصصيتان، وكتاب في اللغة وآخر في شؤون المرأة.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية