في هذا المقال لن نبحث في شآن السلبي فوق العادة لانه ليس محطاً لاهتمامنا, وإنما عنايتنا ستكون بالإيجابي الخارق للعادة فقط. والحالة الايجابية تلك, تبتدأُ مع المرأة مذ أن تلج أسوار الجامعه حاملةً معها هم الإصلاح والتغيير والتأثير إلى أن تُحدد دورها بشكل مُركز في حركه الإصلاح المجتمعي, وتجهد ساعيةً حينا لتُحقق لنفسها مكانة وشأناً راقياً. فإما بالدعوة داعيةً مُصلحة, أو بالإعلام إعلامية مُؤثرة أو بالأدبِ أديبة أريبة أو في التربية مُربية فُضلى, أو حتى في التجارة والسياسة والإقتصاد تتحرك حواسها مُجتمعةً لإعلاء شريعة التوحيد . وما أن تتشكل تلك الملامح وتطفو الى السطح حتى يلتفت المجتمع إليها, ليس بالطبع لجسدٍ ممشوق أو لسانٍ معسول أو جمالٍ خلاب, وإنّما لانبلاج قوّة أنثويّه مُؤثره مُجددة تستنهض القيم النبيلة والأخلاقيات القويمة والتعاليم الرشيدة , تكون عاملاً مُغيراً يلج كل بيتٍ, يُؤثر بكل أسرة , يحنو على قلب كل كسير, ويُربت على كتف كل منكوب. وتعملُ بكل حواسها حتى تُشبع أدوارها كما هو مرسومٌ لها في التشريع الرباني والهدي النبوي. لنعود مُجدداً إلى إلتفاتة المجتمع إليها ؟ كيف ستكون؟ إيجابيّه ..أم سلبيّه ؟
بحكم منظومة العادات والتقاليد والأعراف التي جُبلت عليها مُجتمعاتنا العربية المُنهكة من بقايا آثار ثقافة { الوأد } الجاهليّه, واعتبارها { رمز فتنةٍ, يجرُ حروباً وويلات }, كانت لهذه المسألة إشكالية شائكة بعض الشيء, كيف ؟ . إن الصراع الداخلي ما بين تحتيمِ ما يُسمى بالــ { بالوجود}, والـــ { اللاوجود}, وبفرض تحكيم الثقافة المُجتمعيّه السائدة {الباب اللي يجيك منه ريح, سدّه واستريح}, كان إتاحة الفرصة لتمكين المرأة مُجتمعياً ضرباً من ضروب المجازفة في تحطيم إمبراطورية عائلتها , وموروثها الناصع, وشرائعها الغليظة, وحتى مكانتها الرفيعه التي تُناطح السحاب ! . لستُ أدّعي هنا السوداويّه, ولكن هذا من واقعٍ نراه ونحسّه ونسمعه ونلمسه كل يوم, السؤال الذي يفرض نفسه بقوةٍ هنا: كيف تتعامل المرأة مع تلك الوضعيّه المُجتمعيه ؟ أتخفت وتخضع وتخنع للابقاء على حضورها الاجتماعي المقبول, أم تزدادُ توهجاً وعطاءً وقدرةً في سبيل البقاء على ما تُؤمن به وتسعى لتحقيقه للنهوض والرفعه ونفض غبار التخلف والتبعيّه؟
بنظره خاطفة على عقلية الفرد العربي وما تحويه من عقائد وأفكار وتصورات, نستطيع أن نقول أنه يمتلك { تفكيراً حسياً } بمعنى آخر: إن تَشَكّلَ له النموذج كائناً حياً يتنفسُ شهيقاً وزفيراً, يُمارس كافة اأدواره الحيويّه أمامه, تستريح نفسه وتهجع, وتطمئن روحه وتستقر!, أي على المرأة المُسلمة الواعية- أياً كان دورها -, أن تُناضلُ لتكون أنموذجاً مُجتمعياً راقياً يُسدد ويُقارب بين { المفروض } و { المُفترض }, أن تُوجد لنفسها مساحة مشتركة تسبحُ بها ما بين ما يُمليه عليها { مُجتمعها }, وما تُمليه عليها { نفسها }, أن تكون صورة عاكسة لما نبتت عليه أمهاتنا المُؤمنات, وأن تٌجاهد ساعيةً لتجديد عهد هؤلاء. حتى تكون كما يجب أن يكون. لا تخدشها الأضواء, ولا يعبثُ بها الإشراق أياً كان, فهي ناصعةٌ في العتمة والنور.
أخيراً: هنيئاً لكل إمرأة تجري خلفها الأضواء في كل مكان, فإن كنتِ داعية فهنيئاً كنتِ مجددة لعهد أسماء بنت أبي بكر-رضي الله عنها-, وإن كنتِ شاعرة فهنيئاً لنا بخنساء القرن الواحد والعشرين, وإن كنتِ فقيهة فطوبى لكِ باقتفاء آثار عائش-رضي الله عنها-, وإن كنتِ تاجرة مُحنكة فطوبى لكِ يا رفيقة خديجة-رضي الله عنها-, وإن كُنتِ طبيبة ناجحه فلا غرو أنكِ تسيري على نهج رفيده الأنصاريّه. وإن..وإن, والقائمة حتماً تطول !. وحُريّ بالتاريخ أن ينقش أسمكِ على جبينه, فأنتِ نورٌ لا يُمكن حجبه !