1- سأنتقم منه , لن أتركه !
2- هو من بدأ , السن بالسن والعين بالعين !
3- في العام الماضي لم يهنئني بالشهر الكريم , لذلك لن أبارك له بقدومه في هذا العام !
حنانيكم , حنانيكم ..!
ما هذه النفسيات التي تستشري في المجتمع وتتوغل في صدور أبناءه , تهدم أخلاقهم السامية , وتطمس الحب في قلوبهم .
تؤلمني الكثير من هذه العبارات ومثيلاتها التي يكثر تداولها وترديدها بين الناس , كلٌ منا بات يبحث عن أخطاء غيره ويتفنن بردها له أضعافاً مُضاعفة !
أصبح الانتقام واجباً لا بد منه , وفرضاً لا نكوص عن أداءه , وكأننا لا نملك أخلاقاً نعامل الناس بها , بل نعاملهم بأخلاقهم ولو كانت سيئة ً ذميمة .
لم نعد نرى من يترّفع عن إساءات الآخرين , يعفو عنهم , يصفح لهم , أو يتخذ لهم عُذرا ..
هناك كثيرٌ من الناس يَدّعون بأنهم يتحلوّن بالأخلاق الإسلامية , يتصفون بالصفات المُحمدية , ويتبعون هديَ القرآن الذي أُنزل إليهم , وهم فعلاً كذلك مع الطيّبين الخيّرين , ولكن سرعان ما ينقلبون على أعقابهم إن تعاملوا مع صاحب خلقٍ سيء .
فيخلعون عنهم رداء الفضيلةِ والسماحة , ويتقنّعون بقناع الشيطان , يستبدلون صدقهم بالكذب , تسامحهم بالانتقام , وأمانتهم بالخيانة , ويتذرّعون بأن الآخرين يجبرونهم على ذلك .
وهل أمرنا الإسلام بحسن الخلق مع أصحاب الخلق الحسن , وسوء الخلق مع أصحاب الخلق السيء ؟
لهؤلاءِ أقول , لستم بحاجة لأخلاقكم , إن أردتهم معاملة الناس بأخلاقهم ..
فالأخلاق كلٌ مُتكامل , تتحلى بها روح الإنسان وتتجلى في تصرفاته , وليست أجزاءً مبعثرة , نتخيّر منها ما نريد في الوقت الذي نشاء ..
إن الأخلاق الفاضلة الحقّة , إنما تتجلى بصدق عندما نصادف الأصناف السيئة من الناس , أن نصدق حين يكذبونا القول , أن نسامح حين يكثر الخطأ , أن نبادر بالسلام حين يدبر الآخرون عنه ..
إني لأعجب ممن يستبدل الذي هو ادني بالذي هو خير , ويتخذ له من { البقاء للأقوى } شعاراً بدلاً من { ادفع بالتي هيَ أحسن }
فثمرة الأخلاق الحسنة , تُجنى في الدنيا مصداقاً لقول الله { ادفع بالتي هي أحس فإذا الذي بينك وبينه عداوةً كأنه وليٌ حميم } , وإن الثمرة التي تجدها عند الله في الآخرة , خيرٌ وأبقى من ثمرة الدنيا : )
فكن كما أنت , عامل الناس بأخلاقك أنت , لا بأخلاقهم ..