عندما يمعن المرء في ظاهرة الجالية العربية المتنامية بإضطراد في السويد يكتشف سلسلة من
المعادلات و المفارقات التي يمكن تحويلها إلى عمل مسرحي أو سينمائي وتصلح الدراما و
الكوميديا في توصيف هذه الحالة.
ويمكن القول أن هناك عالما عربيا بدأ يتشكل في المنفى مع فروق بسيطة جدا, وبدل أن تشكل المحطة السويدية منطلقا لبناء رؤية جديدة و ربما منهج جديد في الحياة يجمع بين أصالتنا ومعاصرة السويد ,إلا أن نفس الأفكار ,المناهج والعادات ,الوسائل والذهنيات ,العصبيات والقبليات ,الطروحات والحزبيات ,المذهبيات والطرائق والخلافات الجهوية والقطرية انتقلت معنا بحذافيرها إلى الواقع السويدي الجميل . و يلاحظ المرء في بعض الأحياء التي باتت حكرا على الجالية العربية و بقية الأجانب أنه لا فرق بين هذه الأحياء وبين بعض الأزقة في العالم العربي وربما لا تضطر السويد إلى فتح سفارات لها في العواصم العربية بل يجب أن تفتح هذه السفارات في الأحياء المذكورة آنفا وفي قلب السويد.
وما يؤسف له حقا تندر بعض المثقفين العرب في السويد بتقرير سويدي يتحدث عن أن أفشل و أكسل جالية في السويد هي الجالية العربية,إذ أن افرادا عديدين من أبناء الجالية العربية يقدمون شتى الأعذار لمكتب العمل و مؤسسة الضمان و المؤسسة الاجتماعية حتى يعفون من الدراسة أو مزاولة مختلف الأعمال ليحصلوا فقط على راتب المؤسسة الاجتماعية آخر الشهر و هكذا دواليك إلى آخر حياتهم.
والمئات لجاؤا إلى ما يعرف في السويد بالطلاق المزيف , حيث يطلق المسلم زوجته أمام المحاكم السويدية وعلى الورق فقط كما يقولون , ليتسنى له الحصول على شقة من مؤسسة الخدمات الاجتماعية يؤجرها بعد ذلك بالأسود ويسكن هو مع زوجته المطلقة زيفا, وهذا لا يعني أن السلطات السويدية لا علم لها بهذه الأمور بل هي تغض الطرف لأسباب استراتيجية لا يعرفها بالتأكيد كثير من العرب والمسلمين الراغبين فقط بجمع العملة الصعبة للخروج النهائي من دوائر الفقر .
أما وسائل الإحتيال الأخرى فحدث عنها ولا حرج , وربما الآن تأكد السويديون ومعهم الغربيون أن جحا من أصل عربي وليس تركيا .
هذه التصرفات وغيرها جعلت السويديين ينظرون إلى الأجانب بنظرة ارتياب , ولو كانت دوائر القرار السويدي كتلك السائدة في العالم العربي و لا تتمتع باحترام القانون لكان البحر مصير كل هؤلاء الأجانب.
و حتى الإنشطار المذهبي تم نقله إلى السويد , ففي العاصمة ستوكهولم على سبيل المثال يوجد مسجد للسنة و مسجد آخر للشيعة ,حتى أن السلطات السويدية احتارت في بداية الأمر ولما ازداد حجم الظاهرة الإسلامية مع من تتعامل ,وتساءلت عمن يمثل المسلمين !!
وآخر ما يمكن الحديث عنه هو الفعاليات الثقافية ,حيث أصبح عمل الجمعيات الثقافية العربية هو نهب المساعدات التي تحصل عليها من قبل الحكومة السويدية , حيث تقدم مؤسسات الثقافة السويدية دعما ماليا للجمعيات الثقافية للمهاجرين والعرب منهم ,
والعجيب أن معظم الجمعيات لمختلف الجاليات تكر و لا تفر في موضوع الهرولة باتجاه
المساعدات المالية,وطبعا كل جمعية تكتب تقارير عن الجمعيات الأخرى وكل شخص
يبدي طهره أمام السويديين وكل ذلك بالمجان وربما تكريسا لمبدأ العوربة في السويد .
و قد تسنى لي أن أقوم باستبيان وسط الجالية العربية في إحدى المحافظات السويدية
حول ماذا يقرأ العرب!! فوجدت أن 95 بالمائة لا يقرأون لا باللغة العربية ولا باللغة السويدية ,الأمر الذي جعلني أؤسس لمعادلة مفادها-
أن الحضارة الغربية جاءتنا في أزمان غابرة إلى عقر دارنا فما أستفدنا منها وذهبنا إلى عقر دارها ونحن كما يقول المثل مازالت دار لقمان على حالها…….