نعم فعلا إنها تقف بجانبه بكل فخر، بل ويدها بيده أمام الملأ دون خجل، تشكره وتدين له بالفضل على وقفاته، فيقبلها د.طارق السويدان على رأسها، وترد له قبلة العرفان أمام الجماهير والكاميرات، لم يخجل بومحمد الملتزم دينيا والمشهور إعلاميا والوقور اجتماعيا من فعلته هذه، ولم يمنعها من تسخير طاقاتها ومهاراتها في تقديم الأفضل لها ولمن حولها ، بل ساندها وأخذ بيدها للأمام، لم يقيد رغباتها ولم يحبس قدراتها، ففي كل عام نراها أكثر إشراقا عندما تقف بجانب د.طارق، والثقة تملأ مقلتيها على مسرح المؤتمرالسنوي لشركة الإبداع الأسرية، إنها أ.بثينة الإبراهيم زوجة وشريكة نجاحات د.طارق السويدان
لست بصدد الحديث عن روعة المؤتمرات الإبداعية، التي اعتادت عليها فبراير الكويت سنويا، فيستنشقها ويلتهمها ذاك الجمهور المنتظر للأجواء الثقافية واللقاءات التوعوية ، يقدمها أساتذة تم انتقائهم بدقة من مشارق الأرض ومغاربها، يهدون خلاصة خبراتهم في مجالات حياتية متنوعة وبأجواء إيمانية، على هيئة عمل مرتب يسير بإتقان مع دوران عقارب الساعة، بل أود التنبيه لما هو خلف كواليس هذا العمل المبدع، لتلك الهمة العالية والأداء المتمكن من إمرأة شرقية مسلمة بموافقة وتحفيز زوجها، اللذان تشربا معنى المسؤولية الاجتماعية التي تغفل عنها أكبر الشركات أحيانا، ونحرا الأنانية التي تجعل معظم الرجال والنساء لايفكرون إلا بأسرتهم بمفهومها الضيق، فكم رائع أن تجعل مجتمعك ووطنك بل الأمة المحمدية بأكملها أسرتك، ألسنا جسدا واحدا إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى .
قالها نابليون بونابرت ( وراء كل رجل عظيم إمرأة )، ورغم إعجاب معظم بنات حواء بهذه المقولة إلا إنها لم تكن تروق لي كثيرا، وتقاعست كسلا عن إظهار استيائي حتى سبقني محمد عبدالقدوس في كتابه "كلام في الحب" وذكر لماذا يقال وراء كل رجل عظيم إمرأة ؟ لماذا لا يتم تصحيحها إلى (بجانب) بدلا من خلف أو وراء، فكم سعدت بوجود عقليات تعطي للمرأة هذه المكانة، موقع الجنب وصفة الشراكة، ولهذا شاءت الحكمة الإلهية إن تخلق حواء من ضلع آدم ، الضلع الأعوج الأيسر، بما يوحي بمكانتها القريبة من القلب، وكان الله قادرا وهو على كل شيء قدير أن يخلق المرأة من ظهر الرجل، أو من أي موقع من خلفه، لكن حكمته سبقت قدرته، وأيا كانت المرأة أم أو أخت أو زوجة أو إبنة فإنها تساند الرجل بوقفتها الجادة والحميمة معه، والفطن اللبيب ليس بالإشارة بل بالأدلة القاطعة يجب أن يفهم .
فلنأخذ الزوجة كونها شريكة العمر وأكثرهن قربا من الرجل وبقاء معه، أين العيب أن تستمر المرأة بعد الزواج باستثمار طاقتها واستغلال أفكارها لأجل تطوير المجتمع وتثقيف الأجيال ؟ أين الخلل أن تستمر الزوجة بتقديم وجبات فكرية خارج أسوار بيتها مع عنايتها بالزوج ورعايتها للأبناء؟ لماذا ترفع (المدامات) لافتة ممنوع الدخول في عالم الطموحات ، ويصبح الزواج طريق ذهاب دون عودة لتحقيق الأمنيات؟ هل يحرم على الزوجة أن تستمر في عطاءاتها لبيئة أوسع من منزلها ولأفراد أكثر من أسرتها؟ لماذا تقع الكارثة إن شاءت المرأة أن يشاركها زوجها بمشاريعها التي خططت لها في منزل أبيها؟ فبدلا من تفكيرها الفردي بأحلامها والعاطفي (كما يقال)،جاء رجل يشاركها فيزودها بالخبرات والتحليلات المنطقية بل ويحميها من ظلم المجتمع، أليس العمل الجماعي منجز أكثر؟
إننا بحاجة إلى تغيير ثقافة المجتمع وتعديل نظرة الشباب للزواج، للأسف الأغلبية يرون الزواج ضرورة فطرية ومهنة تقليدية، حفل زفاف وشهر عسل وإنجاب أبناء وأحفاد ثم على الدنيا السلام، لو خطط كل فرد كيف يجعل من أسرته نموذجا لشراكة ناجحة، أسرة منتجة في مختلف مناحي الحياة، تعطي لمجتمعها أكثر مما تأخذ، لوجدنا اليوم كل أسرة عبارة عن شركة ناجحة بل ورائدة في مجالها، برئاسة الزوجين وفريق عمل من الأبناء كل واحد يتميز بأدائه ويتقن دوره.
أقولها بيقين تام لم تكن شركة الإبداع الأسرية ناجحة إلا بعد نجاح مفهوم الشراكة في تلك الأسرة المبدعة أولا، والقرار بيدكم أيها القراء.. إما أن يكون الزواج مقبرة الطموحات أو منهل العطاءات ؟