طوق الغاردنيا،
اشتريته منها وألبستها إياه فضحكت، وقالت "هو للبيع سيدتي وليس لي. يكفيني رؤيتها واستنشاق رائحتها الزكية.
خذيه لكِ أو لأحد غيركِ، وقدميه هدية وشكرًا لكِ. ولكن لا أستطيع أن أضعه! أنا أضرب، وأشتم، ويعتقدون أنني مسرفة وغير مبالية! خذيهِ أرجوكِ لا أستطيع أنْ أردّ لكِ النقود خذيه."
أخذته ومشيت وأنا أفكر بتلك الفتاة، وبأمثالها ممن سُرِقت منهم الطفولة.
أزهار تبيع أزهارًا. ولكنّ البائع والبضاعة متشابهان، مخلوقان ضعيفان ورائعان، وكلاهما رقيق، وناعم، ويستحقان الاهتمام. هما زينة الدنيا ونعمة الوجود، وكلاهما لا ينالان منا ما يستحقانه.
ما الذي يجبر طفلة على العمل أمِن أجل رغيف أم نقطة ماء؟
وماذا نفعل نحن لهؤلاء؟ براعم الغاردنيا نتركها لتتفتح نشمها ونرميها. أمّا بائعات الأزهار هن أصلًا مرميات في شوارع المدن وبين السيارات؛
يتحمّلن مشقة المشي، وغلاظة قليلي الأدب من الناس؛ وبالرغم من فقرهن تجدهن حسناوات رائعات الجمال.
وندائي إلى كل الزهرات البائعات "تمردن وطالبن بإسقاط تجّار الأزهار!"
وليموت من الجوع كل من يترك طفلة تبيع له الأزهار، وليموت من العطش كل ولي أمر يرسل ابنته كي تبيع الأزهار!
وبالرغم من عشقي لزهرة الغاردنيا إلا أنني كرهتها لأن من تحملها وتبيعها فتاة أجمل من الغاردنيا وأنصع منها بياضًا، وتفوقها حُسنًا، ورقّة، وإحساسًا.
بائعاتُ الغاردنيا يصرُخنَ وتينادينَ بإسقاط استغلال الصبايا. تستحق منّا وقفة تأمل وخطة للخروج من هذا المأزق الصعب لأمهات المستقبل.
التدقيق اللُغوي لهذه المقالة: شوق البرجس