الحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد الدال على كل خير المحذر من كل شر˛ وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

ثمة نساء يردن المساواة - أو بالأحرى التسوية – وفق نمط الذكر˛ ولكن ألا توجد بدائل أخرى تسعى النسوة من خلالها إلى الوصول لمراحل تفوق الرجال وفق الخصائص الأنثوية ؟ وهل المساواة تصلح في هذه الحالة أم أنها إجحاف في حق الطرفين ؟ ألم يبدأ الغرب بتجريد المرأة الغربية من كل صفاتها الجوهرية ؟ ألم يجعلها سلعة تباع وتشترى ؟ وإذا كان حال الغرب هكذا فإن بلاد المسلمين قد سارت مقلدة لما طبقه الغرب الملحد˛

فراح البعض منهم يغرد لأسياده بتشجيع المرأة المسلمة على الخروج من بيتها، ليكسب الود والعطف من المنظمات العالمية التي تسعى لذر الرماد في العيون˛ ولعل البعض قد يقول إن مثل هذه المواضيع أصبحت طي النسيان لأن العالم يعيش مرحلة التطور التقاني الذي أزال الفوارق الجنسية˛ ويضربون أمثالا تبدي مدى السعادة و الحرية التي حصلت عليها المرأة بعد أن خرجت من "كهنوتها"˛ وكل هذه الخزعبلات قد انطلت على الكثيرين من أصحاب العقول الضعيفة˛ ويجب علينا أن نلفت نظر القارئ إلى أن هناك عدة طرق وخدع يستخدمونها في مشروعهم الرامي إلى قلب القيم˛ منها خدعة الحرية : والتي تقول إن المرأة تعيش في قفص الرجل وسيطرة النزعة الذكورية˛ وبهذا يجب على المرأة أن تكافح لتنال حريتها المسلوبة منها، وكأن المرأة تعيش في حرب مع الرجل ؟ لكن لم يسبق للمرأة أن كانت مسجونة˛ ومنهارة˛ ومستعمرة˛ وخامدة مثلما هي عليه الآن˛ إذ يمثل عصرنا أكثر العمليات دناءة في تاريخ المرأة. يتساءل الكثير من النساء : هل صحيح أن المرأة تعاني من دونية بيولوجية مقارنة بالرجل ؟ وهل هذه الدونية صفة جوهرية أم عرضية ؟ إن جميع من ينادي بالمساواة بسبب كون المرأة غالبا ما تأتي في الطبقة الثانية بالنسبة للرجل ! وعلى الرغم من أن العلم المعاصر اليوم يقر بوجود تفاوت بيولوجي˛ نفسي˛ بين الجنسين إلا أنهم يرجعون ذلك إلى التنشئة الاجتماعية و الدور الذي تلعبه في تحديد الجنس˛ لقد كان بوسع المرء أن يتصور النساء˛ وقد فزن بالحرية الخارجية سيستفدن منها ليباشرن صعودا داخليا˛ لكن ولسوء الحظ فان الفخ قد وقعن فيه بشكل كامل، فالسمكة الجائعة يكفي أن ترى السمكة حتى تذهب إليها˛ وهكذا سارت أمور  المرأة التي خدعت و مازالت تخدع بالمساواة مع الرجل وأكفانها في الغيب تنسج وهي لا تدري˛ والأمر الذي يندى له الجبين هو حينما ترى في مجتمعاتنا الإسلامية نشاط هؤلاء أنصاف الذكور يتزايد وبكثرة ! وما إن تسمع بهم المنظمات العالمية تجدها تطبل لهم، وتر وسائل الإعلام باختلاف أنواعها تسعى لاستضافتهم˛ وتجعل منهم رموزا للحرية و الديمقراطية، ويكرمون بجوائز وهمية دفعوا ثمنها مسبقا˛ وكل هذا يجري في رحم أمتنا الإسلامية ويتزايد يوما بعد يوم˛ وينجم عن ذلك أن المرأة تجد نفسها˛ برفقة الرجل˛ في قعر واحد˛ يتخبطان في غمم من الظلمات و الضلال الذي خيمت نتائجه على العالم بأسره والأمة الإسلامية بشكل خاص. إن الدور الذي تلعبه المرأة لا يختزل في الحمل والإنجاب فقط˛ بل يتعداه لكونها مدرسة بحد ذاتها˛ سبق أن تخرج من أكنافها كبار العلماء والقادة˛ لكن المؤامرة الكبرى التي تنسج خيوطها في الخفاء˛ تسعى لتدمير العالم بأسره من خلال فك الروابط الاجتماعية˛ وبث الفر دانية في النفوس˛ لهذا كانت الحركة النسوية قد لعبت دورا كبيرا في ما آلت إليه المرأة اليوم. وحتى ندرك مدى خطورة الوضع˛ فقد سبق أن عزلت صحافية ألمانية من منصبها˛ لا لشيء سوى لأنها امتدحت النظام الاجتماعي الذي كان يسود إبان الحكم النازي˛ والذي كان ينص على أن مكان المرأة الأمثل هو بيتها˛ هذه الكلمات لم تعجب أصحاب القرار مما أدى إلى عزلها مباشرة. ربما يتوهم البعض من هذا النقاش أننا أعداء المرأة˛ نريد شل نشاطها و تعطيل قدراتها النفسية والعقلية و الاجتماعية˛ ولكن هذا مجرد هراء˛ لأن الإسلام قبل كل شيء هو من أعطى للمرأة حقوقها كاملة˛ وسهل دربها في الحياة لتجد مكانتها معززة مكرمة˛ إلا أننا نجد قوما يجنحون بالمرأة إلى تقاليد الشرق، و قوما يجنحون بها إلى تقاليد الغرب˛ وكأنها لا تقبل القسمة إلا على هذا الأساس˛ وأكاد أجزم أن جل الجمعيات النسائية التي تنفر من الإسلام ترى فيه نوعا من الجمود الفكري  والجسدي على حد قولهم˛ وأن العالم اليوم يسير في قاطرة واحدة تكفي الجميع! ! لنجدهم يطالبون بـــ : - التسوية المطلقة في جميع مجالات الحياة، الدعوة للاختلاط والسفور، الحرية الجنسية...أمور شخصية ولا دخل للعرف الديني في ذلك. إن قضية المرأة ليست قضية جنس آخر غريب عنا˛ إنها قضية أمهاتنا وأخواتنا˛ إنها قضية نصف الأمة الذي إذا لم نحسن التعامل معه شلت حركتنا وقلت عزيمتنا و اندثرت أحلامنا˛ وليس صحيحا أن الإسلام يقلل من شأن المرأة، فرب امرأة أفضل من رجل˛فما قيمة اللحى والشوارب والعقول متحجرة ! تتجلى عبقرية المفكر الإسلامي "مالك بن نبي" في رؤيته الثاقبة للمستقبل، فقد قال سابقا بوجوب عقد مؤتمر إسلامي لمناقشة قضية المرأة بشكل عام وعملها بشكل خاص˛ فالعالم اليوم بالفعل حتم علينا بعض الأمور مثل عمل المرأة كطبيبة وشرطية للعمل مع بني جنسها طبعا˛ لكن العمل الذي نتحدث عنه يختلف عما نراه اليوم من انحلال في شتى المجالات. إننا ندعو لمسايرة التطور العلمي والتكنولوجي وفق الشريعة الإسلامية˛ فإذا كان الإسلام صالحا لكل زمان ومكان، أفلا يصدق ذلك علينا اليوم؟ أم مواكبة العالم تتجلى في الانحناء له والانصياع التام لهؤلاء الملاحدة لينالوا رضاهم. والحديث عن المرأة هنا لا يخصها لوحدها وكأن الرجال ملائكة ! بل العكس من ذلك تماما، فالعلاقة طردية بينهما، وأي خلل يصيب احدهما يؤثر على الآخر طبعا˛ فليس الغريب أن النساء ترجلت بل الغريب أن الرجال تخنثت.

 

كما أقترح أن يقوم المسلمون عامة˛ وأولياء الأمور خاصة بنشر الثقافة الإسلامية˛ وخصوصا في المجال النسائي˛ حتى تعرف النساء ما هي حقوقهن في الإسلام وما هي واجباتهن في الإسلام˛ ولا يخدعهن قول الزور المزيف بالعبارات الرنانة و البراقة˛ ولا يطالبن بما لم يشرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

التدقيق اللغوي للمقالة: أبو هاشم حميد آل نجاحي
 
 


عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية