العصاميّ في عصرنا هو الشخص الذي يحصّل تعليمه وثقافته بالاجتهاد الشخصي معتمداً في ذلك على نفسه وعلى قوة إرادته وعزيمته الصادقة في الوصول إلى هدفه المنشود .

وكلمة عِصَامِيّ أصلها من اسم حاجب النعمان بن المنذر ، وهو عِصَام بن شَهْبَر الجَرْميّ ؛ وفي المَثَل : كُنْ عصاميّاً ولا تكن عظاميّاً ؛ يريدون به قوله :

نفس عصامٍ سَوّدت عصاما
وصيّرتـه مَلِكـاً هُماما
وعلّمته الكَرَّ والإقداما " (1) . يقول الميداني في شرح المثل : " نفس عصامٍ سوَّدَتْ عصاما " .

قيل : إنه عصام بن شهبر حاجب النعمان بن المنذر الذي قال له النابغة الذبياني حين حَجَبَه عن عيادة النعمان من قصيدة له :

فإني لا ألومُكَ في دُخُولٍ ولكنْ ما وراءكَ يا عصامُ ؟

يُضرب في نباهة الرجل من غير قديم ، وهو الذي تسميه العرب " الخارجي " يعني أنه خرج بنفسه من غير أولية كانت له ، قال كثير :

أبا مروانَ لستَ بخارجيٍّ وليس قديمُ مجدكَ بانتحالِ

وفي المثل " كن عصاميا ، ولا تكن عظاميا " وقيل :

نفسُ عصامٍ سَوّدت عصاما وعلّمته الكرَّ والإقداما

وصيَّرتهُ مَلِكـاً هُماما حتى علا وجاوزَ الأقواما

( الأبيات للنابغة الذبياني )

يقال: إنه وُصِفَ عند الحجاج رجلٌ بالجهل ، وكانت إليه حاجة ، فقال في نفسه : لأختبرنَّهُ ، ثم قال له حين دخل عليه : أعصامياً أنت أم عظامياً ؟ يريد أشَرُفْتَ أنت بنفسك أم تفتخر بآبائك الذين صاروا عظاماً ؟ فقال الرجل : أنا عصامي وعظامي ، فقال الحجاج هذا أفضل الناس ، وقضى حاجته ، وزاده ، ومكث عنده مدة ، ثم فَاتَشَهُ فوجده أجهل الناس ، فقال له : تصدقني وإلا قتلتك ، قال له : قل ما بدا لك وأصدقك ، قال : كيف أجبتني بما أجبتَ لما سألتك عما سألتك ؟ قال له : والله لم أعلم أعصامي خير أم عظامي ، فخشيت أن أقول أحدهما فأخطيء ، فقلت : أقول كليهما ، فإن ضرني أحدهما نفعني الآخر وكان الحجاج ظن أنه أراد أفتخرُ بنفسي لفضلي وبآبائي لشرفهم ، فقال الحجاج عند ذلك : المقادير تصيّر العَيَّ خطيباً ، فذهبت مثلاً (2).

وهناك شرح مماثل في جمهرة الأمثال لأبي هلال العسكري (3) .

ويذكر ذلك البحتري في شعره فيقول :

سادَ الأنامَ بنفسِهِ وجدودِهِ لا مثلَ ما في الناسِ سادَ عِصامُ

أما ابن سهل الأندلسي فيقول :

ونفسي دعتني للشقاء كما دَعَتْ عصاماً إلى العَلياءِ نفسُ عصامِ

.........................
المراجع :

1) - لسان العرب – ابن منظور ، مادة " عصم " .

2) - مجمع الأمثال – الميداني ، مثل رقم 4189 .

3) - جمهرة الأمثال - لأبي هلال العسكري ، مثل رقم 1743 .

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية