احتفظت سنغافورة بمركزها الأول للسنة الثانية على التوالي في تحليل المعهد الدولي للتنمية الإدارية للاقتصادات العالمية وقدرتها على تحقيق الرخاء؛ وذلك وفقا للتقارير الدولية الصادرة عام 2020؛ وهو الأمر الذي يؤكد النتائج التي توصل إليها كاتب المقال في دراسة علمية نشرها بالمجلة المصرية للتنمية والتخطيط عام 2018، والتي أكدت أن جودة التعليم قبل الجامعي أحد أهم أسباب هذا التفوق الرائع والمبهر لسنغافورة التي كانت فيه ضمن الدول الأوائل على مستوى العالم؛ حيث وصل معدل الأمية في سنغافورة إلى 4,6%؛ فالتعليم هو استثمار في رأس المال البشري الذي احتلت سنغافورة فيه المركز الأول عام 2018.
وفي محاولة علمية للبحث عن الأسباب التي تقف وراء الجودة العالية جدا للتعليم قبل الجامعي في سنغافورة والتي جعلتها ضمن أفضل دول العالم في هذا المضمار، يمكن الحديث عن أبرز هذه الأسباب، كما يلي:
- مبادرة سنغافورة تعلم أقل تتعلم أكثر؛ حيث تم التركيز على الكيف وليس الكم وتم الابتعاد عن حشو المناهج والتلقين والحفظ الذي سرعان ما يتبخر بعد أداء الامتحانات؛ مما جعل التعليم مصدر شغف وتشويق للتلاميذ وترك مساحة للطلاب لاستيعاب المبادئ الأساسية والنظريات وللتفكير والابتكار؛ وهو ما وضع سنغافورة في المركز التاسع عالميا في الابتكار على مستوى العالم عام 2015/ 2016.
- تركيز أهداف التعليم الأساسي في سنغافورة على: التمييز بين الصحيح والخطأ، وجعل التلميذ يعرف نقاط قوته، ويكون قادرا على التفكير والتعبير عن نفسه بثقة، ويكون لديه عادات صحية ومدرك للفنون، ويعرف بلده ويحبها.
-تركيز أهداف التعليم الثانوي في سنغافورة على جعل الطالب: لديه سلامة في الأخلاق، ويؤمن بقدراته، ويستطيع التكيف مع التغيرات والعمل في فريق، ويكون مبدعا ولديه تفكير استقصائي، ويستطيع تقدير تنوع الآراء، ويتواصل بفعالية مع الآخرين، ويتحمل المسئولية، ويستمتع بالأنشطة البدنية ويقدر الفنون، ويؤمن ببلاده ويدرك ما هو المهم لها.
-استجابة التعليم في سنغافورة لحاجات وتفضيلات الأطراف المعنية بالتعليم؛ مما أدى إلى ارتفاع درجة الرضا عن جودة التعليم لعينة من المبحوثين وفقا لاستطلاعات رأي مؤسسة Gallup العالمية إلى 87% في سنغافورة عام 2014.
-استخدام الإنترنت بدرجة كبيرة في المدارس؛ حيث احتلت سنغافورة المركز الأول على مستوى العالم في دخول الإنترنت في المدارس عام 2015 / 2016.
-جودة الإدارة المدرسية في سنغافورة التي تمكنت من العمل بجد على تنفيذ مبادرة تعلم أقل تتعلم أكثر، والتي استطاعت تحقيق أهداف التعليم السابقة الذكر المرتكزة على بناء الإنسان المحب لبلاده القادر على الابتكار والعمل الجماعي والتحول ليكون قيمة مضافة للمجتمع، والتي تمكنت من الاستجابة لحاجات وتفضيلات الأطراف المعنية بالتعليم، والتي استطاعت استخدام الإنترنت بدرجة كبيرة في المدارس، والتي جعلت التعليم مصدر شغف وتشويق للتلاميذ وأولياء الأمور.