هذا الشهر حري أن يوصف بأنه شهر القيان والغلمان!فحفلات الغناء والزمر تجتاح لياليه طولا وعرضا ليس في الكويت فحسب بل في معظم العواصم الخليجية وفق ترتيب دقيق إذ يرحل المغنون والمغنيات من مطار لآخر في سباق مع الزمن ,هو ما يمثل جوا خصبا لتنامي فكرة المؤامرة التي تستوطن أدمغتنا وتعشعش في جماجمنا!وفي الكويت يصدع الإعلام الرسمي رؤوسنا كل حين بإعلاناته المتوالية عن مهرجان (هلا فبراير) في جو يذكرك بالأجواء التي تعيشها كفور ونجوع الريف المصري قديما حيث تتزاحم موالد الأولياء والصوفية التي يختلط فيها الحابل بالنابل,وربما حملك التكرير المزعج المرهق لاسم هذا الشهر على الاعتقاد أن سيدي (فبراير) أحد هؤلاء الذين طارت بهم أجنحة الكرامات المزعومة فحط رحاله غلطا في الكويت بدلا من قرى الصعيد! حمل المهرجان عنوان (هلا فبراير )والحق أن استخدام (هلا) بمعناها اللغوي غير المشهور يعبر بصدق عن المرج والهرج الذي يمثل السمة المميزة لمهرجان الطرب والرقص ,إنها هلا التي قالها التابغة الجعدي في هجاء ليلى الأخيلية :
ألا حيّيا ليلى وقولا له (هلا ) * فقد ركبت أمرا أغرّا محجّلا!!
يتحدث إعلامنا الذكي عن نشاط الحركة التجارية بفضل الخصومات التي تقدمها المتاجر والأسواق ,بينما تكشف تقاريره المتلفزة عن أناس يطوفون بالمجمعات التجارية وهم خالو الوفاض فلا أكياس منتفخة ولا عربات لحمل المشتريات ,مما نعده شهادة شاهد من أهلها على بطلان تلك المزاعم,نعم المستفيدون الوحيدون هم متعهدو الحفلات الغتائية وأما الأسواق والمتاجر فإنها تخرج من المولد بلا حمص- كما يقول المثل المصري-,إذ يعجز إعلامنا(الجوبلزي) عن إقناعنا بإحصائيات موثقة للتدليل على تنامي النشاط الاقتصادي في هذا الشهر المولدي أقصد الميلادي!.
هل يحتاج الأمر إلى تفسير لهذا الهجوم القياني – الغلماني الكاسح على بلاد الخليج مع التنبيه على أن القائمين على مهرجان دبي يفكرون باستقدام فنانات أوربيات _جواري الصقالبة!- في مهرجانات قادمة كما تذكر بعض المواقع الإخبارية؟ إن الأمة تتعرض الآن لفتنتين مدمرتين :
-فتنة الشبهات التي تتولى غسيل الأدمغة وتعديل مناهج التربية والتعليم بما يكفل تخريج أجيال مهادنة مدجنة تعدّ الجهاد للذود عن الأرض والعرض والدين رجسا من عمل الشيطان وإرهابا ظلاميا يستوجب القطع والاستئصال ,وقد بلغ من شرر هذه الفتنة أن أصابت بعض الإسلاميين كما هو الحال في تصريح الناطق الرسمي باسم التجمع الإسلامي السلفي الذي يبرئ أمريكا من ارتكاب أي جريمة في حق المسلمين ,ويدعو بطريقة قدرية جبرية إلى الرضا بالواقع الاستسلامي بدعوى الصبر والحكمة!وهو التصريح الذي يعبر عن جموع المنتسبين لذلك التيار إذ لم يصدر عن أحد منهم أي اعتراض على ذلك التصريح,وهو ما يمثل بحد ذاته طامة عظمى!!.
- وفتنة الشهوات التي تحرك غرائز شبيبة المسلمين وتشجعهم على كل سلوك يبعدهم عن دروب الرجولة ومواطن المروءة ,حيث يمثل سيل الحفلات الماجنة أحد أبرز جبهات هذه الحرب المتقدة التي تستنزف المورد الاستراتيجي للأمة في ظل الظروف المهينة التي تعصف بها,بالإضافة إلى ما تبثه القنوات الفضائية من مواد إعلامية أفيونية لعل من أقبحها ذلك البرنامج الذي سمحت وزارة التجارة بتعليق إعلاناته في شوارع الكويت وهو برنامج (ستار أكاديمي) حيث يمارس فيه المجون والخلاعة بلا ستار من أدب ولا حجاب من حياء!فبالله عليك قل لي: أهذه حال نستطيع بها الخروج من ظلمات التيه المتطاول؟أو كلما أوقدنا شمعة لتبديد الظلام سكب القوم عليها بحرا من غياهب الدجى وسدف الضلال؟!