الإنتشار البطيء
مازال العدد ضئيلا جدا مقارنة بالمواقع غير الإسلامية المختلفة المشارب والتوجهات !! ومازالت المواقع الإسلامية تعاني من ضعف في البنية الفنية والمحتوى . ومواقع الأعداء تزداد يوما بعد يوم وبكميات هائلة وبنية تحتية قوية ومتماسكة .
النظرة الأولى التي نخرج بها من أدلة المواقع ومحركات البحث ، أن المواقع الإسلامية العربية شيء لا يكاد يذكر بين ملايين الصفحات على الإنترنت ! كأننا نتحدث عن ذرة في رمال الصحراء !
أكثر من 3.4 مليار صفحة تنتشر على الإنترنت (في آخر إحصائية لموقع قوقل للبحث ) لا تمثل الصفحات العربية فيها إلا نسبة 10% من مجموع هذه الصفحات ! وإذ قمنا بتصفية هذه الصفحات للخروج بالصفحات الإسلامية فإن النسبة تضعف أكثر وأكثر . إذن نحن نتحدث عن فعالية ضعيفة جدا ، وتأثير يكاد ينحصر في دوائر ضيقة ومغلقة في عالم الإنترنت .
وأنا أتحدث هنا عن (صفحات) وليس (مواقع) . فهناك فرق كبير بين الإثنين ، فالموقع عبارة عن مجموعة صفحات ، وقد يكون الموقع الذي يحتوي على صفحات إسلامية قد يكون إسلاميا وقد لا يكون ! وهذا يعني أن عدد المواقع الإسلامية سوف يكون أقل بكثير من المتوقع مقارنة بعدد المواقع الأخرى . ولا توجد إحصائية دقيقة وواضحة عن المواقع الإسلامية في الإنترنت .
والمتتبع للمواقع الإسلامية على الإنترنت يجد ان هناك عدد محدود ومعروف من المواقع هي التي يزورها رواد الإنترنت ويترددون عليها . وهذه المواقع بالعشرات فقط !
عوائق على الطريق:
أضف إلى هذه الطامة الكبرى في عدد المواقع الإسلامية ، فهناك مشاكل كثيرة تعوق تقدم وتأثير المواقع الموجودة حاليا . وأذكر منها التالي :
1- ضعف التصميم: مازالت قضية التصميم الفني للمواقع تعاني من الضعف بسبب الإهمال في طريقة بناء وتأسيس الموقع . فأصبح الهم الرئيسي هو ظهور الموقع ، اما كيفية ظهوره فهذه ليس مجال نظر . ونحن نعرف أن التصميم له دوره في جلب الزوار وترددهم إلى الموقع .
2- مشكلة الدعم المادي: وهو عائق يشترك فيه معظم المواقع الإسلامية ، فليست هناك جهات مسئولة عن توفير الدعم المادي لهذه المواقع ، فأغلب الموقع تأسس من دعم فردي أو زكاة أو بعض الهبات من الأغنياء . وتبقى هذه المساعدات مقطوعة ، أي أنها ليست مستمرة . وبالتالي فإن كثيرا من المواقع الإسلامية يموت بعد فترة بسبب انقطاع شريان المادة عنه .
3- فردية العمل وتبعثر الجهود: أغلب المواقع الإسلامية قامت بجهد فردي أو ثنائي ، بمعنى أن فكرة روادت صاحب الموقع فقام بعمل تصميم بسيط ووضع فيه مادة علمية بدون تخطيط وتدقيق ، ثم وضع موقعه على الإنترنت . لا توجد جهود جماعية في المواقع الإسلامية إلا في حالة الموقع الضخمة جدا والتي تتطلب فرق عمل ومكاتب تحرير ، وهذه تحتاج إلى ميزانيات ضخمة جدا لا يستطيع عليها أصحاب المواقع البسيطة .
4- الخليط الفكري المنوع: المنهج الفكري الذي تتبعه المواقع الإسلامية له أثر كبير في الإنتشار والقبول . فنحن نجد التشرذم واضح في المواقع الإسلامية ، هذا إذا لم يكن هناك حرب إلكترونية بين بعضها البعض . لا توجد وحدة فكرية أو على الأقل خطوط رئيسية مشتركة بين هذه المواقع ، فأصبح كل موقع يعبر عن فكر صاحبه . وبالتالي يتشتت الزائر الغريب بين هذه المناهج ولا يعرف ما هو الصحيح أو ما هي نقطة البداية .
5- مخاطبة النفس: بمعنى أن الشرائح والعقول التي تخاطبها هذه المواقع هي من نفس البيئة وطريقة التفكير . أما المواقع التي تخاطب الآخرين من غير المسلمين وتعرفهم بالدين وتشرح لهم وجهة النظر الإسلامية في قضايا العالم ، فهذه المواقع أندر من الماس ! بمعنى آخر : هل تؤدي المواقع الإسلامية دورها الحقيقي في الدعوة والتعريف الصحيح بالإسلام ومنهاجه وأصوله ..؟!؟
الشمولية والتخصص:
تتنوع أقسام المواقع الإسلامية المنتشرة في الإنترنت ، فمنها ما هو دعوي ومنها ما هو شرعي – تربوي – إداري – منتدى حواري – مجلات أو صحف أو مواقع إعلامية ... إلخ
ومنها ما هو عام يشمل جميع ما ذكر أو عدة أقسام مختلفة ، وهذا ما يطلق عليه بـ (البوابة) . وهنا يظهر سؤال مهم وهو : ما هو الأفضل شمولية الموقع أم تخصصه ..!؟
لقد أثبتت الكثير من المواقع المتخصصة نجاحها في التأثير وكسب الزوار والأعضاء لأنها تعبر عن محتوى معين يقصده الزائر لهدف محدد ، وميزة المواقع المتخصصة أنها سهلة الإدارة والمتابعة ومركزة المحتوى . أما المواقع الشمولية فهي فعالة وقوية ، لكنها قليلة وتحتاج إلى إدارة وجهد ومال ومتابعة مستمرة ! وإلا فقدت مكانها في التأثير . وأهم ميزة للمواقع الشمولية أنها تلبي احتايجات الزائر تقريبا ، فلا تجعله يذهب إلى عدة مواقع من أجل أن يحصل على بغيته .
مواقع إسلامية بدون خدمات:
وهي حقيقة يعاني منها الكثير ممن يهتمون برقي وتطور المواقع الإسلامية ، وهي خدمات أصبحت ضرورة لازمة في المواقع التي تهتم بزائريها لتضمن عودتهم مرة أخرى .
ومن أمثلة هذه الخدمات التي تغييب عن المواقع الإسلامية : الإهتمام بأسئلة واستفسارات الزوار ، وهي خدمة تهتم بها كثيرا المواقع الأجنبية ، لأنها تؤمن بفكرة خدمة العميل أو الزائر بسرعة قصوى حتى يشعر بأهميته في الموقع ، وبالتالي يحافظ على زيارته دائما .
أما المواقع العربية والإسلامية فللأسف الشديد نجد ان الرد يأتي بعد عدة أيام ، لأن مشرف الموقع قد لا يكون متفرغا للرد على الرسالة !
من الخدمات المفقودة أيضا هي صيانة الموقع وتطويره وإصلاح الأعطال فيه . فكثير من الزائرين يعاني من هذه القضية في المواقع الإسلامية ! أصبح الإنسان يتردد في الدخول على هذه المواقع لأنه يعرف أنها قد تكون معطلة ، كما حصل مع زيارته السابقة !
فجأة تضغط على رابط في الموقع فتظهر لك صفحة خطأ أو صفحة فارغة ! أو تدخل على إحدى الخدمات الموجودة في الموقع مثل البريد الإلكتروني أو المنتدى أو خدمة أخرى ، فتظهر لك رسالة أن هذه الخدمة معطلة أو تحت الصيانة أو .... إلخ
وهل نتوقع من الزائر الذي يواجه مثل هذه المشاكل أن يعود مرة أخرى لهذا الموقع ..!؟؟
وتبقى قضية تعامل المواقع الإسلامية مع تطورات التقنية والإستفادة منها الإستفادة القصوى محل علامة تعجب كبيرة ! فمازالت كثير من المواقع تعاني من ضعف البنية التقنية والإعتماد على أساليب تقنية أصبحت من معالم المتحف المعلوماتي .
كيف نقفز إلى الفعالية:
لا نستطيع أن نضع مواصفات ثابتة وسحرية لجميع المواقع لكي تصبح فعالة ومتميزة ، ولكنها المتابعة وتحديد الهدف ووضع خطة عمل متكاملة لكل موقع ، وبالتالي تحدث الفعالية الجماعية نتيجة الفعالية الفردية .
لكني أكتفي بهذه التوصيات المهمة من أجل وصول المواقع الإسلامية إلى الفعالية التي نريدها :
1- تحديد الهدف يجب أن يكون الخطوة الأولى نحو موقع متميز وفعال . وتحديد الهدف يكون قبل أن تضع الموقع على الإنترنت .
2- تحديد هل الموقع متخصص أم شمولي ..!؟ وهذا يساعدك في تحديد محتوى الموقع ويسهل عملية إدارته . فكثير من الموقع الإسلامية يعيش حالة ما بين التخصص والشمولية ! ولا يعرف الإنسان أين يصنفه !
3- التكافل بين المواقع الإسلامية ، وأقصد به التعاون الدعائي والتسويقي ، وأيضا تبادل المعلومات والقوائم البريدية ونشر البانرات . هذا كله يساعد في نشر الموقع وزيادة فعاليته .
4- الإهتمام بالخدمات والصيانة التقنية ، وبدون هذا الأمر سوف يفقد الموقع بريقه وفعاليته بين الزوار .
5- الإهتمام بالمحتوى المعلوماتي والمادة الموضوعة في الموقع ، وتحديثها ومتابعتها أولا بأول . وإلا أصبح الموقع في عداد الأموات .
6- محاولة إيجاد وحدة فكرية ومنهجية بين المواقع الإسلامية ، وإلا فالتشتت الذي سوف ينتج من التشتت الفكري والمنهجي ضرره أكبر من فائدة وجود الموقع .
7- مخاطبة جميع الشرائح أو الشريحة التي تراها مناسبة لمحتوى موقعك ، وعدم التحدث مع الهواء أو الصوامع التي لا يوجد بها أحد !
وأخيرا .. إننا نحتاج إلى دراسة معمقة أكثر للمواقع الإسلامية حتى نخرج من أتون الهامش الذي تعيشه . ولا بد من وجود مراكز متخصصة تدعم المواقع الإسلامية بالفكرة والخطة والدعم التقني والمادي . أما أن نبقى أسرى الإرتجالية والفوضى فإن النسبة الذي تحدثنا عنها سابقا سوف تتحول إلى أمنية !!