"خرافة الإلحاد" أحد أبرز الكتب التي صدرت مؤخرًا (ط 1، دار الشروق، القاهرة، 1435 ه – 2014م) لمؤلفه الدكتور/ عمرو شريف، أستاذ الجراحة العامة. ولا أبالغ إن قلت إنه كتاب مهم للغاية في مجال مناقشة قضية الإلحاد نقاشًا يستند إلى الدليل العلمي، والمحاججة المنطقية، والاستدلالات العقلانية متوغلاً بعمق إلى جوهر قضية الإلحاد من خلال التوسط بين أكبر الفلاسفة والعلماء في مختلف المجالات المعرفية والعلمية.
يقع الكتاب في ثلاثة أبواب، وأربعة عشر فصلاً. يتناول الكتاب في الفصل الأول (الإلحاد المعاصر) مبتدئًا من الميلاد إلى الفكر المعاصر والفلسفة المعاصرة في مجال الإلحاد، ويدرس متتالية الفكر المادي، الحضارة المادية، ثم الإلحاد. أما الفصل الثاني فيبحث في طبيعة العلم، أي في العصر الحديث، المنهج الاختزالي وسلبياته، مجال العلم وحدوده، العلماء بين الحيادية والتحيز، حاجة العلم إلى الإله. في حين جاء الفصل الثالث بعنوان: "صراع متوهم" ليميز بين العلماء المتدينين والعلماء الملحدين، والفهم القاصر للدين والعلم، واصلاً إلى جوهر الصراع الطبيعي، أي المذهب الطبيعي في مواجهة الدين، والتوافق بين الدين والعلم.
في الباب الثاني الموسوم: "بين الإله والإلحاد" يناقش الفصل الرابع من جملة فصول الكتاب "الكون بين الإله والإلحاد" فيؤرشف لقصة خلق الكون، والانفجار الكوني العظيم، ونظرة الفيزياء إلى الكون، وموقف الملاحدة المعاصرين من الكون، والبرهان الكوني (أو الدليل الكوسمولوجي)، وبرهان الضبط الدقيق، وختم الفصل بنشأة الكون في القرآن الكريم. أما الفصل الخامس فيدرس فيه د/ عمرو شريف الحياة بين الإله والإلحاد، من خلال: ماهية الحياة، والسمات الوجودية للحياة، ونشأة الخلية الحية، وأكذوبة الحتمية الجينية، وأسرار البيولوجيا. أما الفصل السادس فيبحث في التطور الدارويني بين الإله والإلحاد، وذلك من خلال جملة من القضايا المتعلقة بالداروينية، مثل داروين ونظرية التطور، ونقد الداروينية، من خلال سجل الحفريات، وعجز آلية التطور الدارويني. الفصل السابع معني بدراسة التصميم والتطور بين الإله والإلحاد، وذلك عن طريق البحث في ملامح التصميم في عالم الأحياء، نظرية المعلومات، التعقيد غير القابل للاختزال، والتصميم الذكي، والتطوير الإلهي.
الفصل الثامن يبحث في العقل بين الإله والإلحاد، فيدرس مسائل غاية في الأهمية، مثل: المخ والعقل، العقل واللغة، العقل وتذوق الجمال، العقل والمشاعر الروحية، المادية والعقل، العقل ونهاية الفلسفة المادية. الفصل التاسع يبحث أيضًا في مسائل مهمة جدًا: الألوهية – الدين – الأخلاق.
يحمل الباب الثالث عنوانًا مثيرًا: "مستنقع الملاحدة". ويقف الدكتور/ عمرو شريف في المقابل الضدي لريتشارد دوكنز، وآخرين. الباب الرابع موسوم بعنوان جميل للغاية: "مع الله". فيدرس الملاحدة الذين تحولوا للإيمان، مثل: السير أنتوني فلو، وجيفري لانج، وآخرين. ويختم بخطة للخروج من المستنقع، أي مستنقع الإلحاد.
وأختم هذا العرض الموجز للكتاب بكلمة مهمة جدًا للدكتور/ عمرو شريف تلخص قضية الكتاب كلها، يقول: "تعتبر حياة الإنسان رحلة "عبر الزمان"، ويعتبر سفره للسياحة، أو الدراسة، أو العلاج "رحلات عبر المكان"، وتتفاوت هذه الرحلات في دوافعها ومردودها. وتظل "الرحلة إلى الله تعالى" مبتغى معظم البشر، فهي الغاية من الوجود الإنساني (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ) (الانشقاق: 6)، وهي رحلة الإنسان من المخلوق إلى الخالق، ومن الموجود إلى الموجِد، ومن عالم الشهادة إلى عالم الغيب، ومن عالم الملك إلى الملكوت والجبروت" (خرافة الإلحاد: ص 413).
التدقيق اللغوي: أنس جودة عبدالتواب.