'70428938 2392886930967987 8271934998655795200 o

برزت نظرية النقد الثقافي باعتبارها محاولة من المحاولات الجادة لإيجاد بديل نظري للانتقال من النقد الأكاديمي الصرف إلى النقد الدنيوي المتورط في الهم المجتمعي بأبعاده من الكبرى إلى اليومية المعيشة، وهي محاولة لتوريط المثقف/الناقد في هم مجتمعه مباشرة بعيدا عن اللغة البلاغية/الإلغازية التي تتراوح بين تفكيك ذلك الهم بلغة أكاديمية متعالية عن الواقع وبعيدة عن المساهمة في حله، وبين الانغلاق على بنية النص دون تجاوزها، إنها نظرية في القبحيات معنية بكشف القبح الثقافي المتواري خلف الجماليات الإبداعية.
يعتبر عبد الله الغذامي من خلال كتابه "النقد الثقافي قراءة في الأنساق الثقافية العربية" المدشن الحقيقي للنقد الثقافي في مجاله العربي، وذلك من خلال اقتراحه لبنية نظرية واصطلاحية متكاملة كانت محاولة للتوليف بين النقد الثقافي كما ظهر ضمن مجاله الغربي وخصوصا عند ليتش وبين البلاغة القديمة بمختلف مراحلها سواء ضمن مجالها العربي أو داخل المجال الغربي وصولا للنظرية البنيوية، حيث استند الغذامي على هذين الفرشين النظريين وحاول أن يخلق بدائل نقدية ثقافية مستنيرا بخطاطة ياكوبسون الشهيرة، وقد قدم الغذامي في هذا الإطار مفهوما مركزيا تتمحور حوله نظريته هو مفهوم النسق الثقافي وهو" فيروسات ثقافية قاتلة، وهي تحتلنا وإن كنا ندعي أنها ليست فينا، ولها قدرة على إضمار نفسها والتخفي تحت صيغ مضمرة تفتك في رؤانا وليس لنا إلا محاولة كشفها وتعريتها من باب تسمية المرض باسمه كما يفعل الطبيب" بمعنى آخر فإن النسق الثقافي هو مرض ثقافي متمكن من المجتمع بمختلف مكوناته نرفضه ظاهريا لكننا نستبطنه في ممارساتنا ونشجع المحركات الثقافية التي تضمن وجوده، واعتبر الغذامي سلطة النسق سلطة جبرية لا يمكن تجاوزها ولا القفز عليها، وهنا جاءت محاولات متعددة لتطوير النظرية باعتبار أن الكاتب المثقف هو عنصر مساهم بالضرورة في تجاوز الأنساق وليس مكرسا لها دائما، فاقترح الناقد عبد الرزاق المصباحي في كتابه "النقد الثقافي من النسق الثقافي إلى الرؤيا الثقافية" مفهوم الرؤيا الثقافية والبليغ الثقافي وهما كشفٌ لنوع من الوعي بالنسق من الكاتب ومحاولة للتسامي عليه وعدم الوقوع فيه، أي إن الكاتب من خلال إبداعاته الجمالية يعي بالنسق الثقافي ويحاول أن يقدم رؤية إبداعية لتجاوزه وتجاوز قبحه الثقافي.


من خلال الفرش النظري السابق سنحاول أن نقدم قراءة ثقافية للمجموعة القصصية "أنشوطة المطر" للقاص عماد شوقي، إلا أننا قبل ذلك سننوه لأمر مهم وهو أن النقد الثقافي لا يسلط إلا على النصوص الجماهيرية، باعتبار أن جماهيريتها وشيوعها دليل على تفشي الأنساق الكامنة فيها ضمن السياق المجتمعي، وهو الأمر الذي قد لا يبدو متوفرا في المجموعة القصصية موضوع الدرس، إلا أن جماهيرية النص متحققة باعتبار أن النص حائز على جائزة رونق المغرب التابعة للراصد الوطني للنشر والقراءة، ومعلوم أن الجوائز تضمن داخل لجانها عينات مختلفة لنقاد هم ممثلون لشرائح متعددة من القراء كما أن منطق الجائزة هو منطق تكريسي للنصوص وبالتالي فإن هذا يعتبر بديلا للجماهيرية ومؤشرا عليها في الآن نفسه.
من خلال قراءة النصوص المبثوثة داخل مجموعة "أنشوطة المطر" سيجد أي دارس يحسن استخدام الأدوات النقدية الثقافية مجموعة من الأنساق التأسيسية التي لا يخلو نص عربي منها، أنساق ثقافية تعبر عن مجموعة من القبحيات المجتمعية، غير أن الكاتب استطاع من خلال كتابة ذكية أن يشير إليها وأن يتسامى عليها في كثير من الأحيان، كما أننا نجد أن هذه الأنساق تمارس نوعين من الغلبة، غلبة نسقية ثقافية وهي تلك التي نظر إليها الغذامي والتي تتحقق بشكل مضمر داخل النص، وغلبة قصدية كأننا أمام صرخة نصية تقول لنا الكاتب/المثقف نفسه لا يستطيع أن يتخلص من سلطة ؟النسق، فكيف بالمجتمع متعدد الشرائح.
1 نسق الفحولة بين التجاوز النسوي وغلبة النسق
تحتفي مجموعة "أنشوطة المطر" بالمرأة قبل دخول غمار السرد القصصي من خلال الإهداء، حيث يهدي الكاتب الأضمومة لزوجته ويقدم لها صفات أقل ما يقال عنها أنها حمالة أوجه، فهي قارئته الأولى، وهنا يقدم لنا المرأة باعتبارها قارئة متعلمة مثقفة ريادية، تقرأ نصوص الكاتب وتحاكمها أولا قبل أن يحاكمها القراء، وربما توجهها أيضا، كما أنها قارئته الأولى المعجبة الأولى بمعنى التبعية حيث إنها المريد/التابع الأول للكاتب/الفحل، وهذه الثنائية تجبرنا منذ البداية على تجاهل الكاتب الذي يسعى نصه إلى تقديم عام لمفهوم المرأة داخل المجتمع، فهي المرأة التابعة الخانعة المرتبطة بفلك الذكر وغير القادرة على إثبات نفسها دونه، وهذا هو النسق الثقافي، نسق الفحولة، وهي المرأة المفككة لهذا النسق القادرة المستقلة بنفسها وهذا هو التسامي على النسق، الرؤيا الثقافية، ومن هنا نجد أن النسق والتسامي ظاهر منذ البداية في الأضمومة حتى قبل مقارعة النصوص القصصية، وهذا ما نجده بالضرورة حاضرا بقوة بتوصيفات أكثر دقة إذا تابعنا الإهداء وتواليا إذا تابعنا القراءة ضمن القصص المترادفة في المجموعة، حيث نجد ترادفا مستبطنا للنسق وتساميا معلنا عنه، وفي أحيان أخرى نجد الغلبة النسقية المضمرة ثقافيا أو المقصودة نصيا.
بالعودة للإهداء يتابع الكاتب توصيف تلك المرأة التي تجاوزت الذاتي، الزوجة، إلى الثقافي، المرأة في المجتمع، فيصفها ب(حبيبة) هكذا دون تعريف، كأنها حبيبة مطلقة غير ذات وجود فيزيقي محدد، وهو ما قد يحيلنا إلى النسق أي إلى مرجعية الذكر وواحديته في مقابل تعددية المرأة، فهو الشمس الذي تدور في فلكه الكواكب، لكن النص في الإهداء لا يمهلنا الكثير لنستغرق في تحليلنا الثقافي حيث يردف كلمة 'حبيبة' بكلمة 'جمر' التي تحيل على اإازعاج، فهي دفء قد يتحول إلى إحراق، فالحبيبة دفء لحبيبها لكن دفأها قد يتحول إلى نار تحرق فحولته المتوارثة، نحن هنا أمام نوع من التفكيك النسوي الذي تمارسه المرأة لنسق الفحولة، أو تحاول ذلك، وهو هنا التسامي أو الوعي بالنسق، وهذه العملية: نسق- وعي بالنسق- التسامي على النسق نجده حاضرا بقوة خلال كل المجموعة، فهو مثلا يتابع في الإهداء ليقول: 'إلى اختي، نبع الحكاية الأولى.. امرأة من حب وحكي'، وهو هنا يخرج الذكر من مركزيته ليقدم لنا الأنثى المركزية التي تحيلنا على عشتار أو أنانا وذلك التصور الإنساني الذي اعتبر أن المرأة هي الكل الذي انبثقت منه الأجزاء، أو على الأقل هي نصف ذلك الكل، إن النص هنا يقدم لنا حقيقة مبتكرة تتعالى عن النسق وتقول إن الحقيقة كما يمكن لها أن تُكتشف فيمكن لها أن تبتكر أيضا وأن تكون إبداعا يحمل الأمل في تحقيق توازن للاختلال الحاصل.
إن الوعي بالنسق والتسامي عليه لم يكن الحاضر الوحيد في النصوص القصصية في المجموعة، حيث قدم لنا النص سقوطا نسقيا جديدا وسقوطا واعيا يمثل غلبة للنسق الثقافي، ففي قصة "احتباس" مثلا نجد الأنثى المتمردة على السطوة الذكرية لا تستطيع إلا العودة إلى نسق ثقافي آخر، أي إن مركزية الذكر حاضرة ثقافيا في المشكل والحل، وهو ما نجده مرة أخرى في قصة قطار الصدفة حيث غلب النسق الثقافي من خلال غياب إمكان التمرد للمرأة بصفتها امرأة مستعهرة ذات تركيز ثوري خارجي مظهري لا يعطيها إمكانيات للتسامي النسقي، وهو ما لا يستسلم له النسق حيث يقدم إمكانات أخرى لفتح باب التسامي مرة أخرى، حيث نجد في قصة "بطولة" أن الرهانات النسوية لقيت تحققا واقعيا واعترافا ذكوريا بها.
إن المراوحة بين النسق والتسامي عليه ثم غلبة النسق الثقافية أو القصدية لخصت لها فكرة ذكية قدمها نص ا"لأبله واللوامة ورجل المرحاض"، حيث صور لنا المرأة داخل مجتمعها بالنفس بالمفهوم القرآني، فهي امرأة أمارة بالسوء أو لوامة أو مطمئنة، كأننا هنا أمام ثلاثية أن المرأة إما مستسلمة للنسق الذكوري متماهية معه، أو امرأة متسامية بوعي عن النسق مستقلة بذاتها، أو امرأة تحاول التسامي لكن النسق يغلبها فتفقد قدرتها على التسامي وتعود لنسق الفحولة من حيث لا تدري، لغياب مرجعية فكرية لديها، إن النص هنا يقدم توعية للمرأة بالنسق ويدعوها للثورة عليه في محاولة للتسامي، كما أنه يحذرها من مغبة السقوط فيه مرة أخرى من خلال ثورة غير واعية تجعلها تخرج من امتهان إلى امتهان، من امتهان الغلبة إلى امتهان الرضا، وهنا يفتح لنا نص "قبلة وفنجان قهوة" أملا واسعا أن بإمكان هذه المرأة التسامي على النسق من خلال جعل المرأة مبادرة ومركزا للتغيير، والفاعل الأساسي في هذا التغيير الذي يهمها والذي يجب أن تكون هي المحرك الأساسي له بعيدا عن مرجعية الذكر او منافسته أو نزع ما يملك كأنه سيليق بها، كأنه هنا يستحضر قولة سيمون دي بوفوار: 'الفكرة هي ليست أن تأخذ المرأة السُلطة من يد الرجل، فهذا لن يغير شيئًا في العالم ، الفكرة تحديداً هي، تدمير فكرة السُلطة نفسها' يقول السارد في النص متجاهلا خطاب الذكر المدرجة أجزاء منه في النص: "كانت تقترب مني...ما زالت تقترب... ما زالت تقترب... كانت أقرب وما زالت تقترب...كانت أنفاسها تلفح وجهي وتذيب جليدي وتفك عقدي ...عقدة عقدة، كانت قد التقمت شفتي السفلى... فأفحمتني"
2 ورطة المثقف بين العضوية الغرامشية والفكر المتورط
لعل من أهم المؤاخذات التي توجه للمثقف العربي هي حالة الفصام الذي يعيشها داخل مجتمعه، حيث إنه منفصل عن القضايا الأساسية الكبرى منها واليومية، كما أنه مثقف بليغ يوظف مصطلحات تكرس حالة الانفصال عن الواقع، وهنا يورط النقد الثقافي المثقف مباشرة في هذه القضايا دون أقنعة الاصطلاح والإغراق في الأكاديمية النمطية ومداهناتها المعهودة، من هذا المنطلق نجد المجموعة تسائل المثقف دوره وتورطه ضمن المؤسسات والسلطة، كما تسائله حول قضية الحداثة ورجعيتها النسقية ومدى الوعي بها، إن النص هنا يسائل سلطوية المثقف ويحاول " كسر سلطوية المثقف، وهي السلطوية التي منحتها النخب لنفسها" ، ليعيده إلى المجتمع وإلى سلطة الحق بدل سلطة التكريس.
يطرح نص "السر" قضية المثقف المتورط، نسق رجعية الحداثة، الذي يستغل صورته وسلطته لكي يسوق لنفسه ولنمط فكره، لكنه يقدم مع هذا النسق الثقافي المعيب رؤيا ثقافية تتسامى لتقدم نموذجا آخر من المثقف العضوي، المثقف الحر غير الأكاديمي، إننا هنا أمام إدانة واضحة للمؤسسات القائمة التي تخرج لنا مثقفا متورطا منبطحا تقوم بتكريسه بمقابل تهميش المثقف العضوي المتسامي عن النسق والذي يكون بعيدا عن النسق، المثقف الاكاديمي الذي ينفصل عن واقعه ولا ينخرط في قضاياه، يقول الكاتب عن مثقف البرج العاجي في قصة أنشوطة المطر:'لماذا أصر دائما على تصوير هذا البؤس بينما أجلس في هذا الفندق الفخم بعد حمام ساخن، أشغل المكيف وأقضم قطع البسكويت اللذيذة أدفعها بالشوكولاتة الساخنة' ، وهنا وفي آخر كلمات هذه القصة نفسها نجد نوعا من التجذير لغلبة النسق، هو نوع من الوعي بالغلبة بسلطة النسق وهو تحذير من توفير شروط هذه الغلبة، يقول النص: 'واكتفى المسؤول الكبير الحليق بتقديم الوعود والتقاط الصور' ، إننا هنا أمام إدانة للمثقف وللسلطة المكرسة له والتي تكرس النسق والفعل الثقافي المؤدي إليه.
إن إدانة المثقف في المجموعة فعل واع يقدم نفسه من خلال تنويعات في الحبكة واللغة والأنساق الممررة والمتسامى عليها، فهو يدين تعالي المثقف وابتعاده عن الهم المجتمعي واستسلامه للسلطة بكافة أنواعها وتبريره لها، إنه يدين نوعا من المثقف الذي يمارس نوعا من التبرز الفكري والذي نراه جميلا شهيا بهيا برائحة جميلة أمام سلطة النسق والتكريس المؤسسي، جاء في نص 187: 'لماذا تتزامن تلقائيا عملية إفراز مخلفاتك مع عملية إفراز أفكارك السياسية والاجتماعية الراقية؟ وهو ما لا تستطيعه خارج تلك اللحظة... في غيرها تكون مسفا' ، نحن هنا أمام إدانة عامة للمثقف وللنخبة بجميع أبعادها الفكرية والسياسية والمجتمعية، إنها إدانة مزدوجة تجاه غياب وعي بالنسق وتجاه تكريسه المتعمد، إنه إمكان في الإدانة من خلال تكرير ربط عملية التبرز بعملية الإنتاج الفكري، يقول نص الأبله واللوامة ورجل المرحاض: 'لو كانت القراءة ضرورة بشرية كالتبول... لوجدت نفسك تقول لصديقك: سمح ليا بغيت نمشي ن...قرا' ، كما نجد الإمعان في الإدانة من خلال إلباس النصوص المثقف للعديد من الصفات المباشرة أو المضمرة، فهو الأبله وهو الفحل الذكوري، وهو المستسلم للسلطة والمستسلم للجباية وهو الأفاق الكذاب المدعي المعجب بنفسه في نص امرؤ القيس.
إن إدانة النصوص للمثقف واستسلامه للأنساق ليست إدانة حكم بل هي صرخة للتغيير، يقول نص بيداغوجيا، مع الانتباه للإشارات المستبطنة في العنوان، فالبيداغوجيا طريق للفعل، والصرخة طريق للفعل أيضا، على لسان الأستاذ التقليدي:'لا بد من التغيير' وهي صرخة لدفع المثقف للتسامي على النسق وهو ما يمكنه فعلا من خلال إمكانات متعددة منحتها له النصوص في مواقف متعددة عبرت فيها النصوص صراحة عن قدرة المثقف على تجاوز النسق مع التنبيه لفرص الغلبة، كما أشارت النصوص إلى الفرصة الأكبر وهي أن يكون المثقف حرا بعيدا عن المؤسسة والسلطة التي تروض المثقف، يقول نص سيزيف يتقاعد: 'سيزورك المفتش مرة إلى مرتين في السنة، ليراقب إخلاصك ويضبط نواياك' ، هذه الحرية التي يجب أن تكون أيضا عن الأعراف السائدة وأن تكون أساسا حرية سلوكية وليست فكرية نظرية فقط، حرية تجعل المثقف ضمن مجال المختلف والجيد، يقول نص الأبله واللوامة ورجل المرحاض: 'ينظر إلي الأبله، فأبتسم إليه فيبتسم لي، أطلب منه منحها مقعده، فيقبل وأتجه إياه لاقتعاد درج الحافلة..'
وبالعموم فإن النص يقدم لنا الصورة النمطية للمثقف المتورط في النسق وقوعا عليه وتكريسا له، كما يقدم لنا قدرته ومحاولاته للتسامي على هذا النسق ثم غلبة النسق التي تكون أحيانا نسقية ثقافية دون وعي من المثقف وأحيانا أخرى استسلاما منه وطلبا منه للحل الأسهل.
تركيب
تدخل مجموعة أنشوطة المطر إذن ضمن مجال الكتابة الثقافية الذكية التي تستبطن مقومات الفكر النضالي الفذ دون إغراق في الجفاف الأكاديمي، فهي ملتزمة من جهة بالشكل الإبداعي للقصة القصيرة، وملتزمة من جهة أخرى بالقضايا والإشكالات الثقافية الكبرى والمحددة أساسا في الذات والآخر والهوية والمرأة، وقد استطاعت الأضمومة أن تكون مجالا ثقافيا غنيا برز فيه من جهة النسق الثقافي وهيمنته بشكل مضمر على الجماليات اللغوية والبلاغية المؤثثة للنصوص القصصية، وهي عيوب نسقية تستبطنها الذات الجمعية وتوظف الذات الكاتبة لتقديمها، كما يبرز في الأضمومة نوع من الوعي بالنسق من خلال كشفه وتقديم رؤيا ثقافية للتسامي عليه بآليات تجمع بين الاستشهاد الواقعي والدعوة إلى الكينونة والأجرأة، وتقدم لنا المجموعة أيضا القهر النسقي الذي يمكّن للنسق الثقافي من الغلبة، حيث تبرز لنا هنا نوعين من الغلبة، الغلبة الثقافية التي تقع دون وعي من الذات الجمعية والذات الكاتبة، وكذلك الغلبة الواعية التي تعبر عن الاعتراف بالقدرات الذاتية التي تقول أننا لا يمكننا أن نتغلب دائما على النسق، وهو اعتراف يدخل في باب التشخيص الذي يعتبر نصف العلاج، وبهذا يمكن أن نخلص أن مجموعة انشوطة المطر هي من الكتابات الثقافية التي وإن صنفت ضمن خانة الإبداع الأدبي إلا أنها تنتمي إلى سياق أعلى يجعل منها بابا للنقد الدنيوي الملامس لقضايا إنسانية ومجتمعية متعددة المداخل.


عبد الله الغذامي، جريدة الجزيرة، السبت 16 ماي 2015.
عماد شوقي، أنشوطة المطر، الراصد الوطني للنشر والقراءة، ط1، 2019، ص 85.
عبد الله الغذامي،مجلة العالم العراقية، السنة الرابعة، العدد806،30 ابريل 2013.
عماد شوقي، أنشوطة المطر، ص 35.
نفسه، ص 38.
نفسه، ص 43.
نفسه، ص 53.
نفسه، ص 47.
نفسه، ص77..

التدقيق اللغوي: سماح الوهيبي.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية