ولد رو برت لويس ستيفنسون في أد نبرة عام 1850 م , لأب يعمل مهندسا في أنهار اسكتلندة وموانئها , وكان ابنه الوحيد , فعاش مدللا , وإن كان ذلك في ظل تربية دينية حازمة , وكان من المتوقع – على الرغم من ضعف صحته – أن يتابع مهنة أبيه , غير أنه حدد هدفه عندما كان يدرس القانون في جامعة أد نبرة , فقد اكتشف في نفسه موهبة الكتابة ووجد تشجيعا جيدا من زملائه , وفوق ذلك التقى بكتاب كثيرين قدروا فيه طلاوة حديثه وخفة روحه فيما يكتب . وعلى الرغم من أن رو برت لويس ستيفنسون عاش طوال حياته معتل الصحة , مريضا بالسل , فإنه مع ذلك عاش حياة حافلة, خصبة غزيرة الإنتاج , إذ ترك وراءه تراثا ضخما من الروايات الرومانسية المحبوبة والمقالات والكتب عن أدب الرحلات والقصائد الشعرية ، ولذا يعد من أعظم وأشهر أدباء الإنجليز في القرن التاسع عشر .
وبسبب اعتلال صحة ستيفنسون , فإنه كان مضطرا دائما للقيام برحلات إلى بعض المناطق والبلاد الأخرى الأكثر دفئا , لكي يخفف من أثر نوبات مرضه , فذهب في أول رحلة إلى فرنسا في سبتمبر عام 1873 م , وكان عمره آنذاك ثلاثة وعشرين عاما فكانت بداية لكتابة أدب الرحلات , إذ ألف في ذلك "رحلة داخلية" عام 1878 و"سفريات مع حمار" عام 1879 و"دراسات طريفة عن الكتب والرجال" عام 1882 , ورحلاته تعد أنموذجا لأسلوبه الجذاب , وقد استوحى قصة " القيثارة " من أصداء رحلته إلى فرنسا .
تخرج ستيفنسون عام 1875 في جامعة أد نبرة محاميا , ولكن صيته ككاتب موهوب ومحبوب غلب على مهنته , وبعد عام من هذا التاريخ حدث له حادث مهم غير حياته تماما وجعله يتفرغ للكتابة ويترك للأبد مهنة المحاماة , أما هذا الحدث فهو التقاؤه سيدة أمريكية كانت تكبره بنحو عشر سنوات , إذ وقع في حبها وأحس أنها المرأة التى يريد أن يعيش معها بقية حياته , وكان اسم هذه المرأة " فانى أوسبورن" , ولما عادت فانى أوسبورن إلى موطنها كاليفورنيا , لم يطق ستيفنسون صبرا على فراقها , فقرر أن يلحق بها إلى أمريكا .
وبعد رحلة شاقة عبر البحر وصل "ستيفنسون" مدينة سان فرانسيسكو وهو في حالة صحية سيئة , ومنها أخذ القطار إلى كاليفورنيا ليلتقي بفانى أوسبورن , فظل بجوارها حتى حصلت على الطلاق من زوجها , حيث كانت في ذلك الوقت تسعى للطلاق إثر خلافات عائلية , فتزوجها ستيفنسون في مايو 1880 .
وقد كان هذا الزواج بداية لأعظم فترة إنتاجية في حياته , فقد نشر بعد زواجه معظم إنتاجه الذي حقق له شهرة واسعة في إنجلترا وأمريكا على السواء , فكتب إلى جانب قصائده الشعرية وكتب الرحلات مجموعة من الروايات والقصص التى تعد من كلاسيكيات أدب الأطفال واليافعين , لذلك عده النقاد مبتكر الكتابة لهما , دون أن يبتعد عن عالم الكبار , فكتب : جزيرة الكنز والمخطوف عام 1886 , وكاتريون عام 1893 , والسهم الأسود عام 1888 , والدكتور جيكل ومستر هايد وجيم هو كنز وحديقة أشعار الطفل عام 1885 .
وقد حقق ستيفنسون بهذه الأعمال شهرة عريضة في إنجلترا وأمريكا و وفى يونيو 1888 أبحر في يخت استأجره هو وعائلته من سان فرانسيسكو إلى جزر جنوب المحيط الهادي, وقد استغرقت هذه الرحلة أربعة شهور زار خلالها ثلاثا وثلاثين جزيرة , وقد وصف بعض هذه الجزر كجزر الماكيز وهاواي وساموا في كتاب "حاشية للتاريخ " عام 1892 , وكتاب " البحار الجنوبية" , ثم أصبحت جزيرة (ساموا) وطنه الدائم , منذ عام 1890 فمات فيها في ديسمبر عام 1894 , ودفن جثمانه في قمة جبل " فيا " في هذه الجزيرة أيضا .
دكتور / محمد عبد الحليم غنيم


:WOW: [face=Simplified] [/face] [color=darkblue]
كاتب مصري
ليسانس آداب – قسم اللغة العربية- كلية الآداب /جامعة الزقازيق/مايو 1985م. ماجستير في الآداب كلية الآداب - لغة عربية - /جامعة الزقازيق/مايو 1991م. دكتوراه في الآداب – تخصص الأدب الحديث - كلية الآداب / جامعة المنصورة 2001م. له مجموعة من المؤلفات الأدبية والأكاديمية منها: لن أقلع عن هذه العادة (مجموعة قصصية)، شعراء حول الرسول صلى الله عليه وسلم (دراسة أدبية)، الفن القصصي عند فاروق خورشيد.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية